مكافحة الإرهاب: الاستراتيجيات والسياسات

(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 53
جاسم محمد*

مخاوف من القانون الجديد
وزاد القانون الجديد لمكافحة الإرهاب من مخاوف الحقوقيين والنشطاء الذين اعتبروه قانونا يزيد من تقييد النشاطات المقيدة أصلا في المملكة.
اعترافات مقاتلون اجانب [ 12 ] تزايد في الآونة الأخيرة عدد الإسلاميين الألمان الذين يلتحقون بالجماعات المتطرفة “للجهاد” في صفوفها. وفي هذا السياق مثل خمسة أشخاص يشتبه في أنهم من منظمة “الشباب” الإسلامية الصومالية وواحد من المتعاطفين معهم أمام إحدى المحاكم في فرنكفورت اليوم 12 يونيو 2015، بتهمة التورط في جرائم متعلقة بالإرهاب. ويتهم النائب العام الرجال الخمسة بالمشاركة في أنشطة تنظيمات اسلاموية “جهادية” خلال الوقت الذي قضوه في الصومال وبالإعداد لهجمات تهدد الولاية الألمانية. وقال النائب العام إن الرجال الخمسة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 23 و31 عاما سافروا من فرانكفورت إلى الصومال وتلقوا تدريبات هناك على القتال المسلح.
ويعد “كريشنيك مواطن الماني من اصول تركية، أول متهم ألماني تتم محاكمته في مدينة فرانكفورت منتصف سبتمبر 2014 بتهمة المشاركة في القتال في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد اعلان المانيا حظر التنظيم. وقد تصاعد الاجرائات الاحترازية ومنها اصدار وتعديل قوانين جديدة ضد المتطوعين الالمان للقتال في العراق وسوريا ودولا اخرى بعدما اعلنت رئيسة الحكومة الالمانية انجيلا ميركل دعمها للحكومة العراقية بمحاربة “الدولة الاسلامية” في العراق.
وقد حذرت الاستخبارات الألمانية على لسان “هانز يورغ ماسن” رئيس المكتب الاتحادي لحماية الدستور جهاز الأمن الداخلى من عودة “الجهاديين” من سوريا والعراق التقارير كشفت عن وصول عدد “الجهاديين” الذين غادروا ألمانيا للقتال في سوريا والعراق إلى أكثر من 600 شخص، وفق الاستخبارات الألمانية وأن اكثر من تسع أشخاص منهم على الأقل نفذوا تفجيرات انتحارية وان 20% منهم عادوا الى المانيا وهم تحت المراقبة.
التقارير كشفت عن وجود مالايقل عن 50 فتاة المانية من اصول مختلفة التحقت بالتنظيم. وأضافت التقارير أن ما لا يقل عن تسع “جهاديين” ألمان شاركوا في عمليات انتحارية في سوريا والعراق، فيما عبرت وزارة الداخلية الألمانية عن قلقها من تنامي ظاهرة سفر متشددين ألمان للانضمام في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية. الحكومة الالمانية وعلى لسان المستشارة الالمانية”ميركل” انتقدت الحكومة التركية واعتبرتها بوابة تدفق “الجهادين” من اوربا الى سوريا والعراق وبالعكس.
التنظيم حريص على عودة هؤلاء الشباب الى اوربا لكي يمثلو شبكة عمل وخلايا نشطة غير نائمة داخل اوربا. الاستخبارات الالمانية كشفت في وقت سابق عن وجود شبكة عمل داخل المانيا تقوم بتجنيد الشباب.
إن حظر التنظيم في المانيا من شانه يدفع شبكة عمل “الدولة الاسلامية الى العمل السري، ويستنفر مقاتليه لتنفيذ عمليات وهذا عادة مايحصل عند التنظيمات “لجهادية” عندما تتعرض الى الضغوط من قبل اجهزة مكافحة الارهاب والحكومات. ورغم الرقابة على الشبكة العنكبوتية، فأن التنظيم ممكن يصعد نشاطه الاعلامي والدعائي، قرار الحظر ممكن ان يستمثره “الجهاديون” في المانيا واوربا ايجابيا لصالحهم بتصعيد حالة الكراهية ضد الغرب وكسب مقاتليين جدد.
[ 12 ]صحيفة ام القرى
وتحاول الحكومة الالمانية ان تمد يد المساعدة للألمان الراغبين بالتخلي عن “الدولة الاسلامية” والجماعات “الجهادية” بجهود داعمة من وزارة العدل الالمانية التي من المقرر ان تاخذ خطوات وإجراءات قضائية لمعالجة هذا الفكر المتطرف، هذه الإجراءات ممكن ان تتضمن تخفيف العقوبات وطرق التحقيق، وبدئت تقدم معالجة فكريا اي بالمناصحة. وفي هذا السياق اعلنت الحكومة الالمانية في 8 يونيو 2015 افتتاح مركز “الحياة” للإرشاد من أجل إنقاد الشباب وخاصة الفتيات من التطرف لمواجهة مساعي دعاة التطرف إلى استقطاب وإغراء الشباب والفتيات منهن بأشكال مختلفة، مما دفع بالمسؤولين في ألمانيا إلى إنشاء مراكز إرشادية تساهم في توعيتهم. ان الهدف من هذه السياسات الالمانية هو ايجاد حلول ومعالجات الى اسباب التحاق هؤلاء الشباب ب “الدولة الاسلامية” والتنظيمات الجهادية” اكثر من هدف انزال العقوبات. الخطوات الامنية والاستخبارية في المانيا تخضع للقضاء والمحكمة الدستورية، لكي لا تعد انتهاكا للدستور الالماني. وكشفت الاستخبارات الالمانية عن اخضاع اعداد من العائدين للمراقبة السرية. يشار ان الاستخبارات الالمانية تنشط امام “الجهاديين” وتتخذ خطوات استباقية داخل مناطق النزاع منها سوريا والعراق من خلال مصادرها واحيانا فتح ابواب خلفية مع الحكومات ومنها النظام السوري.
وفي هذا السياق قال منشق سوري عن تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) مطلع شهر فبراير2015 إن الهدف الأول والأساسي للتنظيم هو تأسيس دولة إسلامية في العالم العربي ، ومن ثم التمدد نحو الدول الأخرى. وفقا لتقرير (أ ش أ) وأوضح المنشق ـ في تصريح خاص لتليفزيون شبكة (سي إن إن) ـ أن المقاتلين الأجانب ، بمجرد انضمامهم لصفوف التنظيم يعتبرون بلادهم “كافرة” وينبغي قتالها ، وإذا وجدوا فرصة سينفذون هجمات في بلادهم. وقال” إن الهدف من اختيار مقاتل غربي لتنفيذ عملية ذبح الصحفي الأمريكي “جيمس فولي” ، هو عرض صورة أن شابا أوروبيا أو غربيا أعدم أمريكيا ، كما أنه يعد في الوقت نفسه محاولة لجعل الآخرين خارج سوريا يشعرون بالإنتماء “للدولة الإسلامية” وأنه يمكنهم فعل أي شيء لدعم التنظيم داخل بلادهم”.

داعشي منشق يروي كيف جندت مجموعته الاجانب في صفوفها
كشف منشق عن “الدولة الإسلامية” بـ”داعش” مطلع عام 2015 الطريقة التي يتم فيها تجنيد العناصر الجديد للانضمام للمقاتلين وخصوصا من الأجانب الغربيين. بين المنشق الذي فضل عدم ذكر اسمه أو إظهار صورته ولا حتى صوته الحقيقي في مقابلة مع CNN أن المراحل الأولية للتجنيد تتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تويتر والدردشة عبر نظام غوغل، حيث يتم استقبال العديد من الرسائل عبر صندوق الرسائل الخاصة أو القيام بإرسال هذه الرسائل إلى أشخاص يظهر ميلهم للمشاركة بـ”الجهاد” في سوريا.
وأشار المنشق إلى أن الغربيين يعاملون معاملة خاصة، ففي إحدى المراسلات طلب شاب بريطاني من مديتة “مانشستر” البريطانية بسؤال “أمير” المنشق إذا كان ينبغي عليه القدوم إلى سوريا أو القتال في بلده، ليرد عليه الأمير: “اذا لم يكتب لك الله الشهادة في سوريا، فيمكنه شن الحرب في بلده.”وألقى المنشق الضوء على أن حسابات “الدولة الإسلامية” تتلقى العديد من مختلف أنواع الأسئلة عبر مواقعها ذاكرا أسئلة لأشخاص يريدون رؤية مقاطع فيديو لعمليات إعدام على يد “الدولة” وأسئلة أخرى حول الزواج من فتيات سوريات وغيرها.
12 ـ صحيفة ام القرى
كشفت التحقيقات واعترافات المقاتلون الاجانب، بان اعداد منهم كانوا اصلا بعيدين عن الدين ولا صلة لهم، وهناك اعداد التحقت بتنظيم داعش لتحقيق حاجات غريزية ومادية منها ممارسة الجنس وتناول المخدرات والحصول على المكاسب المادية بالاضافة الى الزعامة. وفي مراجعة اسباب “غزوات” التنظيم الى الايزيدية وسبي النساء، ممكن ان يندرج هو لتوفير مايحتاجه مقاتلو داعش من منممارسة الجنس والمتعة من النساء في “دولة” فقدت موازاة النساء امام اعدا المقاتلين، فهو يعتقد ان استقطاب النساء ووجودهن في “خلافته” امرا هاما ضمن منطلق ادارة وتنظيم امور “الولايات”.

اعتقال ألماني مشتبه في انضمامه لداعش في مطار دوسلدورف
وفقا لتقرير “رويترز، د ب أ “اعتقلت السلطات الألمانية في مطار دوسلدورف شابا ألمانيا يشتبه في انضمامه لتنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا. المشتبه به واحد من مئات الألمان الذين انضموا إلى القتال في سوريا، وتشكل عودتهم مشكلة للسلطات الألمانية. اعتقلت الشرطة الالمانية خلال مارس 2015 رجلا (22 عاما) للاشتباه في انضمامه لتنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف إعلاميا باسم “داعش” والقتال مع المتشددين في سوريا. وجرى اعتقال الرجل ويدعى “كريم مارك ب” في مطار دوسلدورف. ويشتبه في أنه تدرب على استخدام السلاح مع تنظيم “الدولة الإسلامية” والتخطيط لهجمات بعد السفر إلى سوريا عبر تركيا في مارس 2013، وانضمامه للتنظيم بحلول تشرين أكتوبر من نفس العام. وعاد “كريم مارك ب” إلى ألمانيا في بداية عام 2014 لكنه سافر مرة أخرى إلى سوريا في يوليو 2014. وذكرت وسائل إعلام أنه سعى للعلاج في ألمانيا لإزالة شظايا قنبلة يدوية استقرت في جسده لكنه تراجع عن ذلك وعاد إلى الشرق الأوسط.

خلية “فولفسبورغ”
وفي تقرير للكاتب الكاتب “ح.ع.ح، د.ب.أ ” يقول بانه مثل أمام محكمة في مدينة “سيله” الألمانية جهاديان يفترض أنهما قاتلا في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية”. أحدهما كشف عن الوسائل التي يجتذب بها المتطرفون الشباب في مدينة فولفسبورغ “للجهاد ” في سوريا. أيوب، أحد المتهمين، يحكي قصته.
وحسب التقارير، تبدأ عملية تطرف الشباب في لقاءات الصلاة. وحسب قول أيوب، فإن خطيبا يتمتع بكاريزما كبيرة يحمًس الشباب للالتحاق “بالدولة الإسلامية-الجديدة والعادلة” والمخصصة فقط للمسلمين، على حد تعبيره. وبهذه الطريقة أطلق الخطيب دعوة لسفر الشباب إلى سوريا، كما يقول أيوب في اعترافاته أمام المحكمة. ويضيف أيوب ” ويؤكد الخطيب أن هذا هو الإسلام الحقيقي، والجميع يذهب إلى هناك، إنه بلد حديث”. وبهذه الكلمات كان الخطيب يروج للسفر إلى مناطق تنظيم “الدولة الإسلامية”، حسب قول أيوب. وكان لسفر بعض الشباب من مجموعة فولفسبورغ إلى سوريا تأثيرا كبيرا دفع آخرين في المجموعة للالتحاق بهم.

* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة