ثقافة اللون

اعتقد الفنانون ومصممو الديكور أن اللون يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأمزجة والمشاعر والعواطف. وقد علق الفنان العالمي بيكاسو ذات مرة قائلاً: “الألوان مثل الملامح، تتبع التغيرات العاطفية”.
ولاحظ باحثون أن بعض الألوان ترتبط بارتفاع ضغط الدم، وزيادة الأيض، وإجهاد العين، وبالتالي يمكن استعمالها للحصول على بعض التأثيرات وردود الفعل الفيزيولوجية.
وثمة تجارب معترف بها حول تأثير الألوان على الأداء النفسي، وأصبح مفهوم ” سيكولوجية اللون” موضوعاً ساخناً في مجالات التصميم والإعلان والتسويق، ومجالات أخرى كثيرة.
بطبيعة الحال، فإن مشاعرنا حيال الألوان غالباً ما تكون نتاج تجاربنا الشخصية أو ثقافتنا المجتمعية، ففي حين يمثل اللون الأبيض في العديد من الدول الغربية، الطهر والبراءة، فإنه يعتبر رمزاً للحداد في العديد من دول شمال أفريقيا مثل المغرب.
ما يهمني من كل هذه المقدمة، التأكيد على أهمية الألوان وما تمثله من قوة للتأثير في حياتنا، وما تحدثه من انعكاسات على أجسامنا وعقولنا، ذلك أننا نفتقد إلى حد كبير، لأية تصورات موضوعية عنها وعن دلالاتها سواء في الترتيبات الخاصة بمنازلنا أو أماكن عملنا أو في شوارع المدن والساحات والأسواق، وفي مختلف منافذ البيع والشراء والتعاملات اليومية الأخرى.
أينما تقع عيوننا في العاصمة بغداد وغيرها من المدن العراقية ثمة تنافر للألوان مثير للشفقة، وثمة نقص فادح في معرفة كيفية التعامل معها ومع تدرجاتها، وفهم ما تنطوي عليه من أسرار ومعان توحي بالدفء والراحة والمتعة البصرية أو الى العكس من ذلك، أي الغضب والعنف والعداء.
الناس تتفاعل مع الألوان، وتستجيب لتأثيراتها المحتملة، وقد تعثر على على ما يفجر مشاعرها في هذا اللون أو ذاك، فالألوان على الجانب الأزرق من الطيف والتي تشمل أيضاً كلاً من اللونين الأرجواني والأخضر تُعرف بأنها ألوان زاهية، وغالباً ما توصف بأنها هادئة، ولكن يمكن أيضاً أن تستدعي مشاعر الحزن والكآبة أو اللامبالاة في حال استخدامها بصورة غير متجانسة مع غيرها من الألوان.
وأظهرت بحوث ميدانية أن بعض الألوان يمكن أن يكون لها تأثير على الأداء الوظيفي والمهني وحتى على التفكير واتخاذ القرارات، اذ أظهر اختبار أجري في قاعة أمريكية للامتحانات أن اللون الأحمر الذي طليت به أثار في الطلبة مشاعر الخطر والتهديد بالفشل، وترك، بالتالي، تأثيراً سلبياً على أدائهم.
الألوان هي التي تتحكم في أذواقنا عند شراء الملابس التي نرتديها، والأساليب التي نزين بها بيئاتنا وغرف النوم والصالونات بل حتى في اختيار لون السيارة. وأن لكل لون دوره المهم، وطريقته المدهشة في التأثير.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة