هل يمكننا فعلاً أن نحذف حسابنا على الفيسبوك نهائياً؟ هل نستطيع الإستغناء عن كل أصدقاءنا هناك؟ هل يمكننا الإستغناء عن الإدمان الذي تعودناه لسنين؟
الجواب سهلاً حقيقة، وليس صعباً كما يبدو! بالتأكيد ليس من السهل أبداً كل هذه الإستغناءات. من الصعب ترك المقهى الذي ألتقينا به بأصدقاء أعزاء كنا قد فقدنا أي خيط للإتصال بهم، أو الأصدقاء الذين ألتقيناهم وتعرفنا عليهم وتوطدت علاقاتنا بهم، من ألتقينا بهم أو من لم نلتقيه بعد!
لكن هل حقيقة أن السبب الرئيسي لصعوبة تركنا لما أدمنا عليه لسنين هو أننا سنفتقد أصدقاءنا وأحبتنا هناك؟ أم أن هناك أسباب أخرى؟
بالتأكيد هناك أسباب كثيرة تدفعنا لعدم الإستغناء عن المنصة التي تعودنا اللغو فيها، والنقاش فيها، والعراك فيها… وغيره! صعب أن لا نرى بعد من يغدق علينا بـ”حبه” أو “إعجابه”… هناك حقيقة واضحة كلنا نغفلها عمداً، ونرتكبها كثيراً. أن من يعطيك الإعجاب، ليس حقاً أنه معجب بما كتبته، بل أن هناك إحتمالية كبيرة بأنهم حتى لم يقرأوا ما كتبته حتى! لكنهم يتأملون بأنك سترجع لهم “الفضل” بأنك ستعجب بما سيكتبوه لاحقاً. ليس الجميع بكل تأكيد، ولكن النسبة الكبرى، العظمى هي كذلك!
هل يمكنك الوثوق بمن تاريخه أسود وموثق بالسلوك الغير الأخلاقي؟
شخصياً فقد كان لي حسابين على الفيسبوك منذ نشأته حديثاً، منذ أن كان لا يتعدى الـ12 مليون عضو، نهاية 2006. حين كان مخصصاً للألعاب، أو التعارف ليس إلا. وقبل أن يكون مقهى كبيراً للنقاش. حين كانوا يقولون في إتفاقيتهم:
“يحترم الفيسبوك خصوصية المستخدم، ويتم تقييد معلومات الملفات الشخصية في الشركة حصراً، ولا يمكن أن تعطى لطرف ثالث أبداً. وسيتم تأديب أو إنهاء خدمات أي موظف في الفيسبوك ممن يثبت تورطه في الوصول غير الصحيح إلى بيانات المستخدم…”
الكثير منا لا يعرف تاريخ نشأة الفيسبوك أو رئيسه مارك زوكربيرك، ولا زال يمجد بمارك بكل مناسبة يتم تذكيره بذكرى لصديق أو شخص عزيز! هنالك آلاف المقالات لمواقع رصينة متخصصة بالتكنلوجيا والإنترنت كالبي بي سي، الـ(ماشابل)، أو (البزنس إنسايدر) أو الويكيبيديا أيضاً، وغيرها الكثير تتحدث عن كيفية سرقة مارك زوكربيرك فكرة الفيسبوك وتفاصيله من زملاء له، ومن ثم من أصدقاءه المقربين. وبعدها التخلص من كل من مد يد العون له ومن إستثمر مبالغ مالية في الفيسبوك بطريقة أقل ما يقال عنها هي لصوصية قذرة. ثم قرصنة إيميلات زملاءه الذين سرق منهم فكرة الفيسبوك!
هناك أيضاً فلم (The Social Network movie) الذي يتحدث عن قصة نشأة الفيسبوك. والذي يقال بأن مارك زوكربيرك قد دفع مئات الملايين كي يرفعو الكثير من المشاهد التي تعريه، ودفع ضعفها كي لا يتم تداول هذا الفلم على نطاق واسع!
ليس هذا فقط، الفيسبوك يتلاعب بعواطف مستخدميه، ويحاول منذ 2010 أن يلعب على الوتر الحساس لكل مستخدميه، وكيف يجعلونه حزيناً. وفي أبريل/نيسان 2017 أجبرت شركة الفيسبوك على الإعتذار بسبب السماح للمعلنين بإستهداف الحالات العاطفية للأطفال في سن 14 سنة…!
حتى البيانات الخاصة بك مشتركة أيضاً مع الكثير من التطبيقات. وهناك تطبيقات لا يمكنك الإشتراك بها إلا إذا كان لديك حساب على الفيسبوك، ويتم مشاركة جميع بياناتك مع التطبيقات التي تثبتها. مما يعني أنك لا تثق فقط بالفيسبوك، وإنما بمطوري التطبيقات أيضاً. والكثير منهم هم أصغر من أن يقلقوا بشأن الحفاظ على أمان بياناتك. والكثير منها أحط أخلاقياً من الفيسبوك نفسهم. فكم شخص منا قد تعرض لنشر صور وفيديوات إباحية على حسابه؟ وتصور بأن حسابه قد تمت قرصنته أو إختراقه، وأنما الحقيقة هي هذه التطبيقات التي تعرف كل المعلومات عنك. حتى بالأخير كانت OpenGraph API لم تعد تثق بالفيسبوك نهائياً. والفيسبوك ليس كفوءاً تقنياً بدرجة كافية ليتم الوثوق به. فهناك العشرات من الألعاب مثلاً قد أنهت عقدها مع الفيسبوك، وإبتعدت عن منصته وإنتقلت لمنصات الموبايل. بعدما شاهدت الخروقات الفاضحة وبرامج الغش كيف أنها يمكنها أن تخترق الفيسبوك بسهولة!
هل سينتهي الفيسبوك قريباً؟
هناك إحتكار واضح من قبل الفيسبوك لكل شيء. هم صحيح ليسوا مدينين لنا بشيء، فهم يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون، في حدود القانون طبعاً (الذي إخترقوه عشرات المرات) خاصة في أمريكا التي قاضتهم لمرات عديدة، ويرجع مارك زوكربيرك لوعوده بعدم تكرار هكذا أخطاء، ليعاودها مجدداً حالما يتم نسيان تلك القضية!
الفيسبوك يمتلك أيضاً الواتسآب والإنستاغرام. وكل إتصالاتك لديهم… سؤال، هل تستطيع أن تعمل تبويب لك كمستخدم من 1000 باب؟ كالعمر، الجنس، الطول، المواليد، البلد، المدينة… وما هي الأفلام التي تحب، الكتب التي تقرأ، المسلسلات التي تشاهد، الأكلات التي ترغب… وغيرها. الفيسبوك يعمل تبويب لكل مستخدم لديه من 29 ألف باب! 29,000 باب!! هل تستطيع تخيل أو حساب ذلك؟ تخيل فقط! كيف يفعلون ذلك!؟ لقد إشتروا من المستشفيات ملفات المرضى ليعرضوا على مستخدميهم أي شركات التأمين هي الأفضل مثلاً. وكلما دفعت لأي سوق بالبطاقة الإئتمانية أو البطاقة البنكية، ستذهب مشترياتك مباشرة للفيسبوك.
المسألة أبعد بكثير من المعلنين والإعلانات. أنها أكبر الحالات التجسسية بالتاريخ قاطبة! لنكن مرة أكثر جدية مع خصوصياتنا، فالأمر قد تعدى “أنهم يعرفون حتى ألبستنا!” أو “هم يعرفون بالضبط ما يدور في غرف نومنا، فهل بقيت على هذه؟”… هذه السلبية لا نراها في أي بلد غير عربي. فأمريكا وكندا الآن يبتعدون عن الفيسبوك وينهون حساباتهم، والفيسبوك قد خسر عشرات الملايين من مستخدميه في الربع الأول من هذه السنة هناك. أما في أوربا فهناك حملات مستمرة ضد الفيسبوك. وقد تم بالفعل إغلاق وإنهاء مئات صفحات الفيسبوك التي تحتوي على مئات الآلاف من الأعضاء!
ونرجع للسؤال، هل سينتهي الفيسبوك قريباً؟ حاول أن تبحث على كوكل هذا (how many members has facebook lost)، ستجد هناك 226 مليون نتيجة، وملايين الصفحات تتحدث عن نهاية الفيسبوك الحتمية القريبة. نجاح الفيسبوك على المدى الطويل ليس مضموناً أبداً. فهل نسينا جميعاً (ماي سبيس)؟ وبغض النظر عن أية ضجة أو نجاح الفيسبوك، فهناك حقيقة بأن معدل كل مستخدم لديه 3 حسابات. يعني عدم صحة المليارين مستخدم! وحقيقة أخرى بأن سيرجي برين، أو بيل غيتس يمكنهما الحصول على حصة الأغلبية في الفيسبوك، دون أن يجهد حسابهما المصرفي!
كتبت في أيلول/سبتمبر 2013 مقالاً لإحدى الصحف الهولندية، نشرته على موقع الفيل الأحمر (هل الفيسبوك أفضل أم الكوكل بلص للمعلنين؟). الآن يحضى الكوكل بلص بشعبية أكبر بكثير من الفيسبوك في أمريكا وكندا، وأنا على يقين بأن هذه النسبة ستكون مثلها في أوربا قريباً!
هل هناك بديل؟ وهل البديل نزيه؟ أم أنهم كلهم سواء؟
بكل تأكيد هناك عشرات البدائل. هل نسينا الياهوو مسنجر مثلاً؟ هل نسينا الفايبر؟ وماذا عن الكوكل بلص؟ إفتح لك حساب هناك على الكوكل بلص، فقط لو كان لديك جيميل. على الأقل أنك هناك لن ترى أي إعلان… وشركة كوكل منزهة نعم. كل الشركات والمواقع المتخصصة بالتكنلوجيا تؤكد بأن كوكل لن يبيع خصوصية مستخدميه أبداً. على الأقل أن كوكل تقدم لك عشرات، بل مئات البرامج مجاناً بدون أي مقابل، حتى ليس هناك أي إعلان تراه في برامجها! وأسمحوا لي بأن أقول بأن مقارنة الفيسبوك ومؤسسها بشركة كوكل ومؤسسيها هي كمقارنتي العراق وسياسيه الفاسدين، بهولندا وسياسييها، التي أواجه إعتراضات عليها دائماً!
الخلاصة
حقيقة هناك عشرات الأسباب تدعونا جميعاً لأن نحذف حسابنا على الفيسبوك نهائياً. لفترة قريبة لم يكن هذا متاحاً، فيمكننا فقط أن نوقف حسابنا على الفيسبوك مؤقتاً لبضعة أسابيع أو لأشهر، وحالما نرجع نسجل، سيرجع كل شيء إلى سابق عهده وكأن شيئاً لم يحدث. وبذات الوقت مع توقف حساباتنا يبقى الفيسبوك يروج ويبيع بمعلوماتنا وخصوصياتنا. إلى أن تم إجباره من قبل الإتحاد الأوربي، ومن ثم أمريكا وكندا على ضمان مسح حساب مستخدمي الفيسبوك نهائياً. هنا أيضاً يتيح لك الفيسبوك فرصة 14 يوماً للتفكير، ثم يتم مسح حسابك نهائياً.
سأتيح لنفسي الرد على بعض الأسئلة لمدة أسبوع فقط، ثم سأمسح حسابي نهائياً، فهل ستشاركني؟