بضعة ايام تفصلنا عن بدء الانتخابات ، واعلان النتائج ، وبذلك سنكون على اعتاب مرحلة جديدة من تأريخ العراق الجديد الذي رافقته ظروف كانت غاية في الصعوبة والتحدي ، ترتبت عليها اخفاقات كثيرة في المنجز الوطني ، وتعقيدات اكثر في شكل وطبيعة المشهد السياسي الذي غلبت عليه سمة التقاطعات والتناحرات والخلافات مما جعل المنظومة السياسية تنحصر في مساحتها الذاتية ومصالحها الضيقة مبتعدة عن مصلحة الوطن والشعب .
ان الدورة القادمة للبرلمان ، هي دورة مصيرية ، وفاصلة تأريخية ليس امامها سوى النجاح ، لانها تأتي في وقت يشهد فيه العراق استقرارا امنياً بعد القضاء على الارهاب وزمر داعش المجرمة ، ولكون هذه الدورة هي الرابعة في مسيرة اكثر من خمسة عشر سنة مضت كانت بمثابة التجربة التي دفع فيها العراق الكثير من التضحيات والدماء وخسر الاموال التي كان من المفترض ان تسهم في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، ولهذا لابد لهذه التجربة ان تفرز وتحقق المزيد من الافكار والتصورات والرؤى والتي يمكن اذا ما درست بتعمق وجدية ان تحدد نقطة شروع جديدة للانطلاق في ضوء تغير المراحل والتفاعل مع المستجدات وعلى وفق الاولويات الوطنية ومصالح الشعب .
وهنا لابد من التأكيد على فاعلية وقوة البرلمان في التركيز على تشريع القوانين والانظمة بحسب الاولويات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحاجات الناس واستحقاقاتهم ، وتفعيل الدور الرقابي على ان يكون لهذا الدور فاعلية وتأثير في الوقوف على كل السلبيات التي تواجه الحكومة والشعب ، بعيدا عن الاستعراضات والابتزازات السياسية ، كذلك ينبغي ايجاد الية فاعلة للحد من غيابات اعضاء البرلمان كي لايكون عدم اكتمال النصاب احد اهم اسباب تعطيل الجلسات ، ولابد ايضا من اشراك متخصصين من ذوي الخبرة من خارج البرلمان في كافة اللجان للاسهام في تنضيج القوانين وتدقيق الصياغات والتأكد من استيفائها لكل المتطلبات التي اقرت من اجلها .
وفي ضوء ذلك يجب التأكيد على ضرورة حسن اختيار رؤوساء اللجان واعضائها ، بالشكل الذي يتناسب مع مهامها من خلال توافق التخصص والخبرة مع طبيعة العمل والابتعاد كليا عن المحاصصة والتي اثبتت تجربة الدورات السابقة بأنها كانت السبب الرئيسي في اضعاف وارباك عمل تلك اللجان .
برلمان المرحلة القادمة يجب ان يكون برلماناً يمثل سلطة الشعب بشكل حقيقي حسب الدستور الذي ينص على ان الشعب مصدر السلطات ولابد ان يجسد هذا المبدأ في كافة مفاصل الدولة.
• نائبة في البرلمان
شروق العبايجي