من المفرح أن يمضي قطار الديمقراطية.. بسلام وأمان لاختيار أعضاء مجلس النواب الجدد عبر انتخابات حرة علنية ، وممارسة حضارية أسوة بالمجتمعات المتحضرة و وفق المعايير الدولية المتبعة بحسب تأكيدات مفوضية الانتخابات وممثل الأمين العام للأمم المتحدة, ولعل أبرز ما تم تسجيله من قبل المراقبين قبل الانتخابات هو الغضب الجماهيري على المرشحين والكتل السياسية سواء في بغداد والمحافظات.. مقارنة بالانتخابات السابقة ولجوء البعض منهم الى تمزيق وإتلاف الملصقات واللوحات والبوسترات الدعائية للناخبين ، ما يعني إشهار “الكارت الأحمر” بوجه الكتل والأحزاب السياسية التي كانت المسيطرة على مجلس النواب طيلةالدورات الماضية ولَم تقدم شى يذكر بحسب المراقبين والمواطنين ، وهي مطالبة بمراجعة أدائها وتقييم وتقويم عملها للفترة المنصرمة التي اتسمت بالخلافات والصراعات وتبادل الاتهامات على حساب تأهيل وتطويرالبنى التحتية وتحقيق الازدهار الاقتصادي وتشريع القوانين المهمة وتوفير الاستقرار الأمني، الأمر الذي يدعو الى وقفة جادة لدراسة هذه الظاهرة.. وأسبابها وتداعياتها على مستقبل التجربة السياسية في العراق.. ونعتقد أن أهم أسباب عزوف الناخبين عن المشاركة في الانتخابات.. هو تراجع مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين خلال فترة الأربع سنوات الماضية وعدم إيجاد الحلول الناجعة وافتقاد الجدية من قبل الجهات المعنية في طريقة التعامل والتعاطي مع المشاكل والأزمات والتخفيف من معاناتهم، ما أوجد هوة كبيرة بين المواطنين والكتل السياسية ،بسبب تفضيل المصالح الضيقة على حساب المسؤولية الوطنية، وانشغالهم بالصراعات السياسية الجانبية على حساب المواطن المسكين المستكين، والطريف أن بعض الأحزاب تحث جمهورها على المشاركة في الانتخابات.. والتصويت وفق المثل الشعبي القائل: “انتخب الشين اللي تعرفه.. أحسن من الزين اللي ماتعرفه ” ..!!
والخلاصة التي يمكن الخروج بها من التجربة السابقة هي أن الشعارات الطنانة والرنانة.. لم تعد تنطلي على المواطنين ما لم تقترن بالأفعال على أرض الواقع.. ما يصعّب مهام الأعضاء الجدد ويضعهم أمام مسؤولية صعبة ورقابة ومتابعة مباشرة من المواطنين والرأي العام والصحافة.. وهذا يحتّم عليهم بعد الآن أن يحسبوا لكل خطوة حسابها الدقيق والعميق !!
ما ان وضعت رأسي على الوسادة ، حتى سرحت بخيالي لأجد نفسي واقفا أمام صناديق الاقتراع.. وأثناء انغماس اصبعي في قارورة الحبر البنفسجي تراءى لي مشهد امراة مفجوعة بفقدان ولدها الضابط الشاب البطل الذي استشهد وهويحتضن الإرهابي ويمنعه من استهداف المواطنين في الانتخابات الماضية…. هذه الأم كانت تناشد كل “مرشح جديد ” يصادفها أو يلتقيها: (ابني تدري هذا “الكرسي” اللي تطمح تكعد عليه.. شكد غالي.. ميتثمن بكنوز الدنيا.. تدري ليش..؟ لأن ابني… اشتراه بدمه وحياته… حتى أنت وغيرك… تتحملون المسؤولية وتخدمون شعبكم… ابني خلي أفعالك أكثر من أقوالك… الشعب شبع وعود.. وميريد بعد اليوم…. بياع كلام !).
* ضوء
“لاتلعب بأوراق الانتخابات… تحرق تاريخيك… واللي يشتريك اليوم… غداً لازم يبيعك..!”
عاصم جهاد