آلاف العائلات تتجمع بمعبد لالش مع إيقاد 365 شمعةً
نينوى ـ خدر خلات:
يحتفل اتباع الديانة الايزيدية في العراق والعالم بأعياد رأس السنة الايزيدية (سرى صال) في احتفالات شعبية بمناطقهم وقراهم، وفي وتجمع يعد هو الاكبر بمعبد لالش، المعبد الوحيد للايزيديين في العالم ويوقدون 365 شمعة بعدد ايام السنة، فيما يعكر اجواء العيد هو وجود اكثر من 3 آلاف مختطفة ايزيدية بايدي عناصر تنظيم داعش واذيالهم حتى يومنا هذا.
يقول الاعلامي الايزيدي لقمان سليمان محمود لـ “الصباح الجديد” في اليوم الذي يسبق العيد، تتوافد الآف العائلات الايزيدية الى معبد لالش (45 كلم جنوب شرق دهوك) ليشاركوا بالمراسيم الدينية والاحتفالية بقدوم عيد سري صال (بالكردية تعني رأس السنة)، حيث تقام بعض المراسيم الدينية ويسبق ذلك جمع اعداد لا تحصى من ازهار شقائق النعمان الحمر، والتي يتم تعليقها فوق الابواب ولصقها بلبخة من الطين مع تزيينها بقشور البيض الملون”.
ويتابع “ينبغي بكل عائلة ايزيدية ان تتحضر للعيد من خلال ذبح اضحية، قد تكون دجاجة لمتوسطي الحال او خروف وربما عجل لميسوري الحال، مع شراء ملابس جديدة وشراء كميات جيدة من بيض الدجاج الذي يتم سلقه وصبغه ويمارس الاطفال عدة العاب باستعمال البيض”.
اما الباحث الايزيدي شمو قاسم دناني فيقول “للايزيديين العديد من الاعياد والمناسبات، ومنها عيد رأس السنة، ويحتفلون به في الايام القريبة من منتصف أبريل/ نيسان من كل عام في اول يوم أربعاء من نيسان الشمسي اوالشرقي (الحساب الشرقي يسبق التقويم الغربي الميلادي بـ 13 يوما) ويصادف هذه السنة 18/4/2018 وهو من اقدم الاعياد وأكثرها مدلولا كونه عيد الخليقة والتكوين الذي يرمز الى تجدد الحياة والطبيعة مع بداية الربيع ويلون الارض بالزهور، وهو عيد (طاووس الملائكة) ونزول (ملك زان) الى الارض”.
ويضيف “إن قصة الخليقة والتكوين ظهرت بوضوح لدى الشعوب القديمة في منطقة الشرق حيث يحتفلون بقدوم الربيع وعودة الخصب، مثل عيد نوروز وأكيتو وزاكموك (وچارشه مبوا سور) و يرتبط هذا العيد بالظواهر الطبيعية، ويأتي بعد عدة ايام من الاعتدال الربيعي الذي يصادف 24 من آذار و بداية نوروز. ويوم الأربعاء هو اليوم المقدس لدى الايزيديين حيث فيها اكتمل التكوين واستقرت الروح في قالب ادم في هذا اليوم، وتسمى بعيد التكوين حيث انفجرت الدرة البيضاء بأمر من الخالق – حسب ما جاء في نصوص الديانة الإيزيدية، وتكونت منها العناصر الأربعة (التراب والماء والهواء والنار) ثم تجمد الكون وظهرت اليابسة، وهذا ما تظهره عملية غليان البيضة ثم تبريدها ثم تلوينها بالوان الطبيعة، وتسمى عيد الخليقة ايضا وذلك عندما خلق أول كائن حي وهو “آدم”، الذي له دلالة رمزية على بدء التكوين وبدء الحياة”.
وبحسب دناني فان “الاحتفالات بالعيد تبدأ بمراسيم وطقوس دينية خاصة مساء يوم الثلاثاء في معبد لالش بمشاركة بابا شيخ وكباررجال الدين مع صوت الموسيقى بالدف والشبّاب (تشبه آلة الناي)، اذ توقد 365 شمعة في وادي لالش المقدس دلالة على عدد ايام السنة الجديدة، معلنة بدء العام الجديد وولادة الربيع وتجدد الحياة ونهاية الشتاء، وفي القرى والبيوت تقوم النساء بسلق وتلوين البيض وتحضير نوع خاص من الخبز ويدهن قبل أن يخبز ويوزع على الجيران تسمى (سة وك)، وكذلك يقوم الشباب والشابات بجمع ازهار شقائق النعمان من البراري القريبة ويضعون معها قشور البيض الملون والكاري والذي يسمونه (بيَناف) لتعلقها ربة البيت فوق أبواب الدور وتثبت بقليل من عجين الطحين، ويقوم جميع افراد العائلة في الصباح الباكر بغسل وجوههم بقطرات الندى المتساقطة على النباتات المنتشرة حولهم للتبرك، وكذلك يتم لبس الملابس الجديدة والملونة للاطفال، ويتم تنظيف البيت وتبديل اثاثه حسب القدرة المعيشية، وأبرز ما يقدم للضيوف في هذا العيد هو الحلويات والمكسرات والبيض المصبوغ بالألوان الطبيعية”.
ويمضي بالقول “ان لعبة تكسير البيض بين أبناء العائلة الواحدة أو أبناء القرية على شكل تجمعات بين الرجال والشباب مع بعضهم بعضا، أو بين النساء مع بعضهن بعضا، وهي اللعبة الرئيسة لهذا العيد، كما ان الفلاح يزور مزرعته وينثر قشور البيض على الارض لزيادة المحصول والتبرك، وهناك مراسيم اخرى منها زيارة النساء لقبور موتاهم، وكذلك تقام مراسيم الراعي وحلابة الغنم وكسر (طوبال) الراعي وتقطيعه الى اوصال صغيرة ويتم توزيعها على النساء الحلابات للتبرك وكذلك يتم خلط الغنم مع الطليان قبل الحلب وتسمى بمراسيم ستيكوَش، علما ان الايزيديين لا يسمحون بالزواج في شهر نيسان لكونه عروس اشهر السنة واجملهم ولا ترضى السنة بعروس غيره، و كذلك لا يحرثون الارض لكي يحافظوا على جمال الطبيعة”.
فيما اصدر مركز لالش، اكبر مؤسسة ثقافية اجتماعية ايزيدية بيانا بالمناسبة قال فيه “يطل علينا عيد سري سال، والمجتمع الايزيدي ما زال يعاني من آثار غزوة تنظيم داعش الارهابي حيث اكثر من 70% من الايزيديين ما زالوا يعيشون حياة النزوح المريرة بعيدا عن اراضي ومواطن ابائهم واجدادهم وخاصة في شنكال الجريحة”.
وتابع “للسنة الرابعة على التوالي نحتفل بعيد سري سال، وما زال هنالك اكثر من 3 الاف من بناتنا واطفالنا مختطفين ومفقودين بيد تنظيم داعش واذياله، … بالرغم من ذلك، نرى ان عيد سري سال وبكل ما يحمله من معاني لتجدد الحياة واعادة الانبثاق، هو بمنزلة دفقة امل جديد ينبعث في نفوس الايزيديين لانقاذ ما يمكن انقاذه من مختطفاتنا اللواتي مضى على بعضهن اكثر من 3 سنوات و 8 اشهر وهنّ يعانين من الانتهاكات الجسدية والنفسية المريرة”.