منولوج داخلي

عادل الصفار
حديث شيق وممتع شدني إليه ورحت استمع متفاعلاً معه بكل جوارحي حتى بدت المقهى وكأنها غير ذلك المكان الذي كثيراً ما يزعجني بضوضائه وبما يبدر عن البعض من تصرفات وألفاظ يطلقونها بلا حياء أو مراعاة لشعور الآخرين.. لأول مرة ينساب الى مسامعي حديثاً يتناول الإنسان روحاً وإحساساً ووجوداً بعد أن تساءل أحدهم:
ـ خلق النبي آدم (ع) في الجنة، ومع ذلك شعر بالوحدة.. وبالحاجة الى امرأة يلتجأ اليها ليكتمل من خلالها وجوده.. ترى هل المرأة هي أفضل من الجنة..؟! ألم تمنحه الجنة سعادة تغنيه عن المرأة..؟!! أم ان المرأة هي الجنة الحقيقة للرجل..؟!
يجيبه زميله: ـ نعم.. يمكن ان تكون المرأة جنة للرجل وبالعكس، بدليل ان آدم وحواء بعد هبوطهما الى الأرض بحثا عن بعضهما بدافع حاجة ماسة لكل منهما في حياة الآخر.
يقاطعه شخص ثالث: ـ التوافق الروحي والنفسي هو عامل مهم جداً يجعل من ارتباط الرجل بالمرأة جنة، فحواء خلقت لتكون لآدم وليس لشخص غيره.. ولم يكن لآدم امرأة غير حواء يلتجأ اليها.
يتساءل الشخص الأول:ـ لنفترض وجود امرأة أخرى مع حواء، هل كان لآدام ان يفضلها على حواء..؟
يجيبه أحدهم: أنا لا أعتقد ذلك، لأن حواء خلقت من نفس آدم فهي شطراً مكملاً لكيانه شعوراً وإحساساً وانتماءً فلا يمكن ان يكمل آدم سوى حواء.. ولا يمكن ان تجد حواء معنى لوجودها من دون آدم.!!
خرجت من المقهى وأنا أتساءل مع نفسي: ـ إذا كان التكامل الذي يؤدي الى إسعاد الانسان هو التوافق النفسي والفكري والروحي، فأين يمكن ان يجد أبن آدم اليوم شطر كيانه بين مليارات النساء اللاتي يرسلن شعاع خلائجهن لعله يصل الى نصفهن فيستدل عليهن.. ووسط هذا الزحام واختلاف الظروف وقساوة الآلام وإلحاح الرغبة في طلب الحاجة هل تمهل سنوات العمر أولاد أدم وبنات حواء ليحققوا ملامح حلمهم ويكونوا كياناً سعيداً متوازناً ومتزناً يعلو وجهه الرضا والحبور..؟!!.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة