الاستيقاظ

ثيودور رَتْكِي
ترجمة آمال نوّار

هي من أشهر قصائد رَتْكي على الإطلاق، إلى جانب قصيدته «رقصة الفالس مع أبي». ظهرت مقتطفات منها في عديد من الروايات الأميركية، وغنّاها مُغنّي الجاز الأميركي المعاصر والشهير»كيرت ألينغ». كتبها الشاعر عام 1953، فحظيت باهتمام نقدي وشعبي هائلين، ولاقت صدى لدى القارئ الأميركي على اختلاف مجالاته وتنوع مشاربه. ولعلّ السبب في ذلك، هو أنها تلامس حالة حيوية دائمة تتعلّق بكل إنسان حيّ، فمن منا لا ينام ويستيقظ يومياً؟! فنجدها تحثّ الإنسان المستيقظ صباحاً، هَرِعاً، لاهثاً، للانخراط في دورة الحياة المعاصرة، المسعورة، والتي لا ترحم المتأخرين، على التباطؤ، والوقوف وقفة تأمل ( لنتخيل مرأى المتفكّر: نصف نائم، نصف صاح)، من أجل يقظة حقيقية أعمق وأبهى؛ يقظة تأخذ في حسبانها الرِفق بالأموات تحت أقدامنا، وتثني على المعرفة المتحصلة من مَسَار تجربة طويل، يكتشف خلاله المرء أهدافه الحقيقية، تلك التي تحتاج إلى أناةٍ لا جَرْي، وإلى عينٍ تعرف كيف تضفر التضاد الجامح، بحيث أنّها تصحو لتغفو من أجل أن تصحو!
أَستيقظُ لأغفو وأَتَمَهَّلُ في استيقاظي.
أَتلمَّسُ مَصِيري في ما لا يُمكن أنْ أهابَه.
أكتشفُ عَبْرَ تَقَدُّمي أَيْنَ عَلَيَّ الذِّهابُ.
نفكّرُ عَبْرَ ما نُحِسُّهُ. وماذا هُناكَ لِلْفَهْمِ؟
أَسْمَعُ كَيانِي يَتَراقَصُ من الأُذُنِ إلى الأُذُنِ.
أَستيقظُ لأَغْفُو وأَتَمَهَّلُ في استيقاظي.
مِنْ بينِ أُولئكَ الخُلّانِ الأَقربِ، أَيُّهُم أَنتَ؟
فلْيُبَارِكِ اللهُ الأرض! فلَسَوْفَ أَطَأَها بِرِفْق،
وأَكتشفُ عَبْرَ تقدُّمي أيْنَ عليَّ الذِّهابُ.
الضَّوءُ يَتَخَلَّلُ الشجرةَ؛ لكنْ مَنْ يُخْبِرُنَا كيف؟
الدُّوْدَة الوضيعةُ تَرْتَقي على سُلَّمٍ لَوْلَبِيّ؛
أَستيقظُ لأَغفو وأَتمهَّلُ في استيقاظي.
للطَّبيعةِ البارِعَةِ عَمَلٌ آخر لِتُؤَدِّيه
لكَ ولِي؛ فَإذًا، لِتَنْهَلْ مِنَ الهواءِ العَلِيل،
وجَذِلًا، لِتَكْتَشِفْ عَبْرَ تقدُّمِكَ أيْنَ عليكَ الذِّهابُ.
هذا الارتعاشُ يُبْقيني مُتَوازِنًا، وإنِّي لَخَبِير.
التَّلاشِي بعيدًا، لَهُوَ حَدَثٌ دائِم، وإنَّه لَوَشِيك.
أَستيقظُ لأغفو وأتمهَّلُ في استيقاظي.
أَكتشفُ عبرَ تقدُّمي أينَ عَليَّ الذِّهابُ.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة