الصباح الجديد –متابعة:
يلجأ مستشفى عام في مدينة فالنسيان في شمال فرنسا إلى الألعاب بدلا من العقاقير ليطرد خوف الأطفال قبل خضوعهم لعمليات.
وقد سمحت هذه الاستراتيجية المرحة التي بدأ تطبيقها في كانون الأول/ديسمبر بالاستغناء عن الأدوية المضادة للقلق التي غالبا ما كانت تعطى للأطفال قبل خضوعهم للعمليات، وهي تجعل «الأطفال يصلون مرحين إلى غرفة العمليات وتجنبهم القلق الذي يولّده هذا النوع من الإجراءات»، بحسب ما تقول طبيبة التخدير فاني دوفران.
يبدو التوتّر جليا على الطفلة مرام (خمس سنوات) المستلقية على سرير في المستشفى حيث ستجرى لها عملية لاستئصال قطعة معدنية زرعت في ذراعها بعدما كسرت كوعها.
لكنّ ملامح وجهها تبدلت عند دخول ممرضة اصطحبتها إلى ثلاثة نماذج لألعاب سيارات مركونة في الرواق.
تتفحّص مرام المركبات الصغيرة الثلاث وتجرّب الأبواق قبل أن يقع خيارها على سيارة سباق سوداء ركبتها متباهية أمام أعين الأطفال الآخرين.
ويشرف أحد أفراد الطاقم الطبي على تحركات مرام بواسطة جهاز تحكّم عن بعد ويجول بها في الموقع قبل أن يوصلها إلى قاعة العمليات.
وتقول والدتها حسيبة مزوزي التي عانقتها مرّة أخيرة قبل العملية «لم تعد تبالي لأمري».
وتقرّ الوالدة «رحت أبكي عندما خضعت للعملية المرّة الماضية ، لكن لا مشكلة لديها اليوم وهي لم تبك لذا أنا مرتاحة جدا».
يحرص الطبيب نبيل البقي الذي يرأس قسم الطوارئ في مستشفى فالنسيان على التشديد أن هذا البرنامج ليس «لعبة ترفيهية». وتجرى حاليا دراسة لتقييم منافع هذا المشروع من الناحية العلمية، بحسب الطبيب.
ويقول هذا الأخير «نحن نعلم أن الأدوية المهدئة تخفف من القلق لكنها تعظّم أيضا مفعول التخدير وتؤخر الصحوة. ومن الأفضل تجنّب استعمالها».
تشيد جولي دوبوا التي أجرى ابنها عيسى البالغ من العمر 18 شهرا جراحة في خصيته بمبادرة المستشفى، قائلة «يشعر كأنه في البيت ويحلو له اللعب… ولم أعد أشعر بقلق كبير لأنه سيخضع لعملية».
وتختبر عيادات أخرى في فرنسا بدائل قد تتيح الاستغناء عن الأدوية المهدئة قبل عمليات الأطفال.
وقد طوّر مستشفى في مدينة رين الغربية تطبيقا مخصصا للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و10 تحت اسم «أنت البطل». ويبحث المرضى الصغار بواسطته عن قطع مخفية في غرفة افتراضية خلال نقلهم إلى قاعة العملية.
ويبدو أن هذه التلهية تؤتي بثمارها، فهي تخفّف كثيرا من التوتر، ما اسهم في الحدّ من استعمال الأدوية المهدئة بنسبة 80%، على وفق إدارة المستشفى.
وتقول طبيبة التخدير سيفيرين ديلاهي إن «التقييم الذاتي للأطفال بواسطة رموز تعبيرية أظهر أن مستوى القلق لديهم بات منخفضا جدا».