في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين
عدنان راشد القريشي
ضمن منهاجه الثقافي ضيف منبر العقل في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين الباحث والروائي الأكاديمي رسول محمد رسول للحديث عن تجربته الثقافية والفكرية في محاضرة بعنوان (الفيلسوف والوطن والثقافة) وأوضح مقدم الجلسة الناقد علي الفواز ولد في مدينة الكوفة عام 1959 وفي منتصف ستينيات القرن الماضي شد الرحال مع أسرته إلى العاصمة بغداد وفيها بدأ دراسته، ومنذ الدراسة المتوسطة ظهرت مواهبه في المسرح والشعر والقراءة الأدبية والعلمية. وفي مطلع ثمانينيات القرن الماضي توجه لدراسة الفلسفة في كلية الآداب جامعة بغداد، وعند منتصف الثمانينيات اخذ يكتب في الثقافة الفلسفية فنشرت له الصحف والمجلات المحلية، ثم توسع إلى النشر في مجلات وصحف عربية. حصل على ماجستير في فلسفة إيمانويل كانط عام 1994متخصصاً بنظرية المعرفة، وارتقى إلى تحصيل الدكتوراه في الفلسفة الألمانية عام 1997 بدراسته للأنظمة الميتافيزيقية فخرج من تلك التجربة متخصصاً بالفلسفة الألمانية الحديثة. وفي معرض حديثه أشار الأكاديمي رسول محمد رسول الى البلد بعد التغيير صار هوية عرقية ودينية ومناطقية ومذهبية بسبب سلسلة حروب مررنا بها حتّى جاءت لحظة الخراب الشامل، لينهار هذا الكيان نحو هاوية الضياع المدمِّر. وتمضي تجربة الخراب تلك، لتُقضم أوطاناً أخرى في دوامة التغيير الجذري الهائج من دون بصيرة؛ رؤساء دول يتمّ اغتصابهم وقتلهم، حكومات تنهار وتنفرط، مجتمعات تفقد سيطرتها على ذواتها، وإنسان يفقد قدرته على مسك زمام أخلاقه، لينقضَّ على غيره بسفك دم هذا الأخير، وتلك وحشية جديدة تعصف بالإنسان؛ بل بالمشترك الإنسي كلّه في كلّ مكان، وتجعل أنطولوجيتهما سائرة نحو تداع مريع كون الإنسان في هذا المشترك بدأ ينسى أنّه الإنسان في داخله كإمكان جوهري إنسي، ونسيان هذا الإنسان في إنسان الراهن أو الكائن الراهن بات التحدّي الأنطولوجي والأخلاقي الأكبر الذي يواجه المعمورة الكونيّة في كل مكان، اليوم وغداً، ما لم نتوسَّل له الرؤى الناجعة كإمكان للخلاص الإنسيّ. نّ الإنسي الأصيل ينتزع ذاته من متاهة الضياع في مجرّد كينونة غريزيّة إنّه يسعى إلى انتزاع ذاته الإنسيّة من براثن أيّة عزلة مبتذلة أو السقوط في اليومي الاستهلاكي غير الإنساني، فالعماء الغريزي غالباً ما يلجم التواصل الإنسي الحقيقي، وعندما نصف الإنسان بأنّه جوهر؛ فذلك لأنّه الموجود الإنسي التواصلي الذي يتيقّظ جوهره الإنسي ولا يتغافل عن هذه المكانة الرفيعة التي له دون سائر المخلوقات في العالَم. إنّ استعادةً ثقافيّة لخطاب مثل هذه المقولة، وتحويله إلى نمط تفكير ممكن الوجود عملياً، بات أمرها ضرورياً لبناء مشترك إنسي ممكن الوجود في ظل توتر التفكير الجهوي الجماعاتي الذي يحلّ ضيفاً ثقيل الجثوم على حاضرتنا الراهنة، هذا النمط من التفكير التدميري أمسى أرضية تعتمدها إدارة التوحُّش في حروبها الدّمويّة الجديدة كما تتجلّى في سلوك وخطاب هذه التنظيمات الإسلامويّة المتطرفة، التي باتت تشيع الخوف المعمَّم في العالَم بما لها من حشود عموميّة رعاعيّة متهمّجة قاتلة، وجيوش منزلية هدفها ذبح الإنسان على هويته الدِّينية أو المذهبيّة أو العرقيّة أو المناطقيّة وبذلك فهي تجاوزت، ليس فقط الأخوّة الدِّينية والمذهبيّة والعرقيّة والمناطقيّة؛ بل أيضاً الأخوَّة الإنسيّة في الخلق أو فكرة الإنسان بوصفه نظيراً لغيره الآدمي في الخلق.