أكثر من 17 ألف شرطي لتأمين الانتخابات الرئاسية
متابعة ـ الصباح الجديد:
أدلى الروس أمس الأحد بأصواتهم في انتخابات رئاسية هي السابعة في التاريخ الحديث لبلادهم، وتبدو نتائجها محسومة للرئيس المنتهية ولايته فلاديمير بوتين. وتتّجه الأنظار إلى نسب المشاركة، إذ ترغب السلطات في منح الرئيس المقبل مزيدًا من الشرعية، فيما يدعو معارضون إلى المقاطعة.
ويتنافس ثمانية من المرشحين للظفر بحكم الكرملين، ولكن يُتوقع أن ينحصر التنافس على المركز الثاني بين مرشح الحزب الشيوعي بافل غرودينين، ورئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاديمير جيرينوفسكي، وهو قومي شعبوي. وتتنافس كسينيا سوبتشاك مع يفغيني يافلينسكي على أصوات الليبراليين الروس، بعد منع أليكسي نافالني من خوض السباق، نتيجة تهم قضائية يرفضها. أما فرص الآخرين فمعدومة.
هذا وأدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس الأحد بصوته في انتخابات الرئاسة الروسية في العاصمة موسكو.
ووصل الرئيس بوتين إلى مركز الاقتراع رقم 2151 في أكاديمية العلوم الروسية في موسكو، وتوجه إلى مندوبي لجنه الانتخابات وأبرز بطاقة الهوية ليخلو في غرفة الاقتراع ويدلي بصوته.
وخلافا للشائعات التي راجت سابقا حول أن بوتين سيصوت في شبه جزيرة القرم، أو في بطرسبورغ، أدلى الرئيس الروسي بصوته في المكان الذي اعتاد أن يصوت فيه وهو مقر أكاديمية العلوم الروسية في شارع لينينسكي وسط العاصمة موسكو.
وقال بوتين للصحفيين بعد التصويت، ردا عن سؤال حول نسبة الأصوات التي يحتاجها للفوز في الانتخابات، قال: « أي شيء.. يعطيني الحق في أن أشغل منصب الرئيس».
وردا على سؤال حول ما إذا كان واجه صعوبة في اختيار مرشح أو تصويته لنفسه، قال بوتين: « لمَ عليّ أن أواجه صعوبة؟ على العكس.. الرئيس متأكد من صواب البرنامج الانتخابي الذي اقترحه على البلاد».
وأدلى الناخبون الروس امس الأحد بأصواتهم في 97.3 ألف مركز اقتراع في جميع أنحاء روسيا بالإضافة إلى 401 أخر أعدت للانتخاب خارج البلاد، لاختيار المرشح لشغل منصب الرئاسة الروسية لولاية مدتها 6 سنوات.
وتشير المعلومات الأولية الواردة من الشرق الأقصى الروسي، إلى أن نسبة إقبال المواطنين على التصويت في انتخابات الرئاسة امس الاحد ، تفوق مثيلتها لانتخابات الرئاسة السابقة 2012.
وصوت في مقاطعة ساخالين 31.59% من الناخبين مقابل 20.44% عام 2012.
وفي إقليم خاباروفسك صوت 31,07% من الناخبين مقابل 22,45% لعام 2012.
وفي جمهورية ساخا-يكوتيا شرقي سيبيريا، بلغت نسبة الإقبال بعد ساعتين من افتتاح مراكز الاقتراع 11,44%، مقابل 8% في الانتخابات السابقة.
وسجلت بورياتيا جنوبي سيبيريا رقما قياسيا في اهتمام الناخبين، حيث فاقت نسبة المشاركة هذا العام مؤشرات 2012 بنحو ضعفي ونصف الضعف، إذ أدلى 15,33 % من الناخبين بأصواتهم خلال ساعتين فقط على انطلاق الانتخابات، مقابل 6,61% للساعات الأولى من بدء التصويت في انتخابات 2012
بدوره أعلن المكتب الصحفي لشرطة العاصمة الروسية موسكو، أن أكثر من 17 ألف عنصر من ضباط الشرطة والحرس الوطني والشركات الأمنية الخاصة والمتطوعين، يعملون على تأمين سير الانتخابات الرئاسية.
وصرح المكتب الصحفي بأنه «لضمان سيادة القانون وأمن المواطنين في مراكز الاقتراع ، تم إشراك أكثر من 17 ألف عنصر من ضباط الشرطة ، فضلا عن ممثلي الحرس الوطني وعاملين في مجال حراسة الأمن الخاص والشرطة الشعبية في العاصمة موسكو».
وأكد المكتب الصحفي أنه من أجل ضمان القانون والنظام والسلامة العامة أثناء الإعداد وسير الانتخابات، تقوم شرطة العاصمة، بالتعاون مع السلطات التنفيذية والهيئات الأمنية الأخرى، بتنفيذ مجموعة من التدابير التنظيمية والعملية.
وأضاف: «تم فحص جميع مراكز الاقتراع وما يحيطها من قبل ضباط الشرطة باستخدام الوسائل التقنية والكلاب البوليسية، وذلك ضمن فترة التحضير للانتخابات».
ويخوض بوتين انتخاباته الرابعة، لحكم روسيا 6 سنوات أخرى، تُضاف إلى 14 عامًا في الكرملين، و4 سنوات رئيسًا للوزراء، منذ صعوده قمة الهرم السياسي في البلاد، بعدما تنازل سلفه بوريس يلتسين عن الحكم أواخر 1999.
وتشكل المشاركة ونسبة الحضور التحدي الأكبر أمام السلطات، مع دعوات أنصار نافالني إلى مقاطعة الانتخابات، وعزوف فئة الشباب عن المشاركة. وصرفت لجنة الانتخابات نحو 770 مليون روبل (الدولار 57 روبلاً) لحضّ الروس على المشاركة بكثافة، وتكليف شركات استشارية تنظيم حملة متكاملة.
وتفيد لجنة الانتخابات المركزية بأن 111 مليون روسي يحق لهم الاقتراع، في بلادهم وخارجها. وفتحت مراكز الاقتراع منذ الساعة الثامنة صباحًا حتى الثامنة مساء وفق التوقيت المحلي امس الاحد ، فيما بدأت عمليات التصويت المبكرة في الخارج، وللعسكريين.
وبدأت النتائج الأولية بالظهور فور إغلاق صناديق الاقتراع في جيب كاليننغراد أقصى غرب روسيا، الذي يتأخر بنحو 9 ساعات عن توقيت أقصى شرق روسيا. ويُنتظر انتهاء عمليات الفرز اليوم الاثنين في موسكو، لتظهر النتائج الأولية، والتي تُعلن رسمياً بعد انتهاء البتّ في أي طعون يمكن أن تقدم من المراقبين وحملات المرشحين، في غضون 10 أيام.
وتفيد تعديلات تبنتها اللجنة الانتخابية، بأن للناخبين الحق في التصويت في أي مركز انتخابي، من دون الحصول على إذن خاص، كما كان متبعاً في السابق، في حال السفر أو عدم القدرة على التصويت في المركز الانتخابي الأقرب إلى المنزل. وتنظم عمليات فرز الأصوات في حضور مراقبين وممثلين عن المرشحين وأحزابهم ووسائل الإعلام.
وللمرة الأولى ستُنصب كاميرات مراقبة في الدوائر الانتخابية التي يتم فيها فرز الأصوات، لتبث مباشرة للراغبين بالتأكد من نزاهة عمليات الفرز. ونشرت السلطات في كبريات المدن وحدات اضافية من الشرطة والأمن، لدرء أخطار أي عملية إرهابية، أو أي إخلال بالأمن أثناء الاقتراع.
لماذا هو –بوتين- «الشرير» بالنسبة للغرب؟
بسبب الصراع في أوكرانيا:
لم يستوعب الغرب التدخل الروسي في أوكرانيا، على الإطلاق.
مطلع عام 2014، اندلعت انتفاضة في ساحة «ميدان» في العاصمة كييف، وبدعم من موسكو، تم قمعها من قبل الحكومة بالقوة، لمنعها من التمدد إلى بقية مدن ومناطق البلاد.
بالمقابل، دعم الأميركيون والأوروبيون الحراك، فيما فرّ فيكتور يانكوفيتش، رئيس البلاد الموالي لروسيا.
آنذاك، أرسل بوتين مجموعة من المقاتلين، من بينهم جنود من الجيش الروسي، بزي غير رسمي، لدعم الانفصاليين في الجزء الشرقي من البلاد، في وجه المتمردين في أوكرانيا. وأسفر القتال العنيف عن مقتل حوالي 10 آلاف شخص.
وبالاستفادة من الفوضى في أوكرانيا، ضمت موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها على مرأى ومسمع العالم الغربي. وعبر استفتاء شعبي، اعتبره المجتمع الدولي غير شرعي، تم إنهاء القضية. لاحقا، في 18 آذار ، ضُمت القرم إلى الاتحاد الروسي بشكل رسمي.
بسبب الصراع في سوريا:
بدايات عام 2011، اندلعت الانتفاضة السورية. الثوار، الذين لجأوا إلى السلاح لاحقا، باتوا جزءا من مجموعات معارضة مدعومة من قبل بعض البلدان الغربية.
مع اشتداد الصراع في البلاد، ظهر تنظيم «داعش»، وبدأ بالتمدد شيئا فشيئا، الأمر الذي هدد وجود نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بشكل جدي.
ترجم فلاديمير بوتين، الحليف القوي للأسد، دعمه غير المحدود، عبر استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) أمام كل قرار تم تقديمه إلى مجلس الأمن، للتنديد بجرائم حرب ارتكبتها دمشق. بالمجموع، استخدمت موسكو الفيتو 11 مرة لحماية حليفها.
عام 2015، تدخلت روسيا في الصراع بكامل قوتها ، عبر نشر قوات عسكرية كبيرة على الأراضي السورية. مرة أخرى، يباغت زعيم الكرملين القادة الغربيين. الهجوم يسحق داعش وجزءا كبيرا من قوات المعارضة، ويحرر الكثير من الأراضي، وينقذ بشار الأسد حرفيا.
بسبب التدخل في الانتخابات:
في خضم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، عام 2016، اكتشفت وكالات الاستخبارات الأميركية وجود هجمات إلكترونية هائلة من قبل القراصنة الإليكترونيين و»المتسللين» الروس. بوتين يكره هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية للرئاسة.
لاحقا، اُتهمت السلطات الروسية بتفضيل انتخاب دونالد ترامب، الذي أعرب عن دعمه لبوتين.
بناء على هذا «النجاح»، تجري عملية مماثلة خلال حملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا، عام 2017، عبر الشبكات الاجتماعية الروسية والتلفزيون الحكومي.
هذه المرة ، مال فلاديمير بوتين لمارين لوبان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، حتى أنه استقبلها في الكرملين. بالمقابل، فإن المرشح الآخر، آنذاك، والرئيس الحالي للإليزيه، إيمانويل ماكرون، اتهم روسيا بنشر معلومات كاذبة لزعزة الاستقرار. مع فوز ماكرون، خابت نوايا بوتين هذه المرة.
لماذا هو «الطيب» في روسيا؟
هناك تخوف كبير لدى غالبية الروس، يتمثل بالعودة إلى الارتباك السياسي والاقتصادي الذي شهدته بلادهم أوائل التسعينيات، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
فلاديمير بوتين يطمئن هؤلاء، لا سيما في المحافظات التي تكون فيها الحياة اليومية غير مستقرة. الناس يعرفون ماذا يريدون، ألا يذهبوا إلى المجهول.
يحكم بوتين بقبضة من حديد، ومؤخرا، استعاد كبرياء وعظمة البلاد. لا مزيد من الإذلال الذي ألحقه به جزء من الغرب. روسيا مرة أخرى على الساحة الدولية.
إثر ضم شبه جزيرة القرم، تعززت شعبية بوتين بين السكان. يوم 18 آذار ، يوم الانتخابات الرئاسية، ستحتفل موسكو أيضا بالسنوات الأربع التي قضاها هذا الإنقلاب المدهش في موازين القوى.
أسلحة «لا تقهر»
وفي أوائل الشهر الحالي، ألقى بوتين خطابا هو الأقوى خلال 18 عاما من الحكم. قدم أسلحة جديدة وصفها بأنها «لا تقهر». في حال هجوم نووي ضد موسكو، هدّد واشنطن مستخدما عبارة «الرد الفوري».
هذا، من بين أمور أخرى، لماذا ستتم إعادة انتخاب فلاديمير بوتين. لسنوات كان قد سيطر على وسائل الإعلام الروسية، بنسبة 100 في المئة. وفي الانتخابات الرئاسية الحالية، أنهى خصمه الرئيسي، أليكسي نافالني.
في هذا التاريخ، سيكون بوتين قد أتم فترة ولايته الرابعة، حيث احتل المنصب الأعلى للقوة الروسية على مدى ربع قرن، تقريبا.