الدستور والانتخابات

ابتسام يوسف الطاهر
كاتبة عراقية
ونحن على عتبة الانتخابات التي يطالب الكثيرون بمقاطعتها وآخرون يطالبون بتغيير قانون الانتخابات وقانون الاحزاب. فاحزاب كثيرة لها شعبية ومعروفة بحرصها على مصلحة المواطن جعلت في الظل بسبب المحاصصة وقانون الانتخابات الحالي. فئات عريضة من الشعب يرفضون مبدأ المحاصصة التي اتت بمن هم وصوليون لايحفلون بمصالح الشعب بقدر مصالحهم الشخصية فقط..مما ادى الى عجز في ميزانية الدولة بسبب جشعهم. اضافة الى جهل معظم المسؤولين وزراء او برلمانيين بابسط شروط النزاهة والمسؤولية وادارة المؤسسات التي يتولون ادارتها!
الحقيقة ان العلة ليست في الانتخابات بل في الدستور الذي يتعكز عليه الكثيرون لتمرير مبدأ المحاصصة، وتمرير مخطط تقسيم العراق او مبدأ الاستيلاء على ثروة البلد من قبل فئة قليلة متنفذة مستفيدة من ولائها لاميركا ربما او متعكزة على دعم تلك الدولة او هذه من دول الجوار، هذا الدستور لابد من دراسته وتغييره بما يتماشى مع تطور المجتمع ورعاية كل فئاته وتوفير كل الخدمات للشعب بما يعزز ثقته بالحكومة ويعزز سبل الاستقرار والسلام.
الدستور في العالم وضع لحماية قوانين البلد التي ضحى المواطنون من اجل تنفيذها وتطويرها بما يخدمه ويحميه من التلاعب في حالة تغير الحكم لاسيما والانظمة في بلداننا مبنية على رمال متحركة. وكل ملك او رئيس جديد اول مايفعله هو تغيير القوانين واصدار قرارات تتلاءم مع مصالحه الشخصية ورغباته الانية. في حين الدستور وجد لحماية القوانين التي تحمي المجتمع والمواطن ومن ثم الدولة والبلد في حالة الانقلاب او الثورة. والدستور ليس كتابا منزلا من السماء، فلابد من تعديله وتغيير مواده وفق مصلحة المواطن حسب مستجدات الحياة.
ولكتابة دستور يضمن حماية القوانين تلك وحماية المواطن، ومن ثم الدولة والمجتمع لابد من توفر استقرار سياسي وامني واقتصادي تؤهل البلد لكتابة الدستور..فهناك بلدان تتمتع بكل تلك العوامل مضافا لها القوة عسكريا وسياسيا مثل بريطانيا العظمى، مع ذلك للان لم تكتب دستورها،ربما لإيمانهم بأن مستجدات الحياة تتطلب تغيير القوانين بين الحين والحين الاخر خاصة مايتعلق بتوفير الخدمات للمواطن ومتطلبات حمايته وبالتالي حماية الدولة.
بينما الدستور العراقي كتب في اخطر مرحلة مر بها العراق، من حرب على الارهاب وبقايا البعث، الى عدم توفر الامان ولا الاستقرار على جميع الاصعدة. كُتب بناءا على رغبات انانية وغير مسؤولة. فسلق على نار حامية، فجاءت بعض مواده بلا نكهة ولا طعم. فبعض المواد اقرب لمقال وبلغة انشائية بعيدة عن روح القانون والوسائل العملية الواجب اتخاذها! اضافة الى مواد اخرى عائمة وغامضة ومن السهل التلاعب بها او تفصيلها كل حسب هواه وبناءا على املاءات المتنفذين الشخصية. لن اتطرق لكل المواد، فالجيدة منها متفق عليها لكن هناك العديد من المواد لاتحتاج لمعرفة اكاديمية بالقانون لنحكم على غموضها او فشلها. فمثلا قانون الاحوال الشخصية كل فئات الشعب اعلنت رفضها له والمطالبة بالعودة للقانون السابق وتطويره وفق القيم الانسانية وما معمول به في الدول المتقدمة، مما يحفظ للمرأة والاسرة كرامتها وتلاحمها.
كذلك المادة رقم 2 التي تنص (على عدم سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ولا مع الديمقراطية)!
فلم ننتظر كثيرا لنتأكد من التلاعب بتلك المادة، فمايحصل اليوم تحت قبة البرلمان و تقصير بعض الوزراء وتفضيلهم لمصلحتهم على حساب المواطن هو تعارض صارخ مع روح واحكام الاسلام. فماذا نسمي الملايين التي يتقاضاها اعضاء البرلمان والوزراء مضاف لها مخصصات سفراتهم الخاصة والمتعددة ومصاريفهم الشخصية ونثرياتهم التي لاحدود لها، وكلها من ميزانية الدولة، مع حرمان ملايين المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر! هذا بالرغم من التضحيات التي قدمتها تلك الملايين ليسمحوا لمثل اؤلئك البرلمانيين بالوصول الى تلك المناصب. اما الديمقراطية فيكفي النظر للمحاصصة الطائفية والقومية وتوزيع كعكة السلطات لنعرف انها ضرب للديمقراطية بالصرماية كما يقولون!
المادة 4 الفقرة الخامسة التي تنص على (لكل اقليم أو محافظة اتخاذ لغته المحلية كلغة رسمية)! هذه المادة تدعو لفوضى لغوية، فلاباس من تدريس لغة تلك المحافظة او الاقليم ويتحدث ابنائها لغتهم وتكون لهم محطات راديو وتلفزيون بلغتهم لكن اللغة الرسمية يجب ان تكون موحدة. لكي لايُستَغل الجهل باللغة ويحصل تلاعب يضر بالمواطن من دون أن يدري.
المادة 8 (يرعى العراق مباديء حسن الجوار ولا يتدخل في شؤونهم الداخلية) لم يذكر ماذا عن تدخل دول الجوار بالشأن العراقي؟ وماهي الالية التي يتخذها في حالة التدخل التعسفي دون رضا الدولة، او في حالة تصريح بعض البرلمانيين غير المسؤول بما يتسبب في تدخل دول الجوار!.
المادة 12 التي تخص العطلات الرسمية والدينية. تركت عائمة، حتى صار العيد من 3 ايام الى اسبوع، والمناسبات الدينية الأخرى التي تمتد على طول العام رغم مافي ذلك من تعطيل للدولة ومصالح المواطنين، في الوقت الذي تمر الدولة بأحرج المراحل مما يتطلب العمل الدؤوب والهمة لارساء القوانين واستتاب الأمن. فلاباس من الاحتفال بتلك المناسبات دون عطل رسمية لكي لا تتعطل الشوارع ومؤسسات الدولة.
المادة 14 تنص على (تكافؤ الفرص حق مكفول للجميع وتكفل الدولة اتخاذ الاجراءات المطلوبة لتحقيق ذلك). الاجراءات ضلت عائمة او غائبة فعلى ارض الواقع نجد هناك ضربا لتلك المادة وتحطيمها على حائط الفساد الاداري والمالي وتهشمها. فابسط الامور منها تعيين ذوي الكفاءة والخبرة في مؤسسات الدولة لضمان رواتب تقيهم غائلة العوز والاضطرار للعمل باكثر من مكان. كذلك لحمايتهم من عسف اصحاب المؤسسات الاهلية، المتكاثرة مثل الفطر. لكن نجد هناك الالاف محرومين من منحهم من تلك الفرصة لانهم لايملكون دفع رشوة وليست لهم علاقات شخصية مع متنفذين في الاحزاب الحاكمة، يعانون الامرين نفسيا وماديا.
المادة 60 تنص (على تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة في كل مايدلي به من اراء..ولاترفع الحصانة عنه الا بموافقة الاغلبية المطلقة)! ماذا عن الاراء التي تمس السيادة العراقية او تشكل خطرا على الدولة؟. او على فئة من فئات الشعب من التي لاينتمي لها ذلك العضو!. كان يجب اضافة نص لتلك الفقرة (تسحب تلك الحصانة ويحرم العضو البرلماني ذاك من حقوق التقاعد وتصادر املاكه في حالة المساس بالسيادة العراقية او أي تصريحات عنصرية اوطائفية حتى لو لم تحصل موافقة الاغلبية المطلقة).
اضافة الى مادة رقم 65 التي تشترط على (المرشح لرئاسة الجمهورية ان يكون عراقيا بالولادة من ابوين عراقيين). بينما منذ الخلاص من دولة البعث كل الرؤساء، من الاكراد! ومانعرفه اليوم ان الاكراد لايعترفون بعراقيتهم بل هم (كردستانيون) والعلم العراقي لاوجود له في معظم مؤسسات الدولة في اقليم كردستان، ولا وجود للغة العربية حتى في اسماء الاماكن والمؤسسات! لابد من تغيير تلك الفقرة لنحظى برئيس مخلص للعراق وليس لقبيلته او قوميته او طائفته، رئيس يحظى باحترام وحب الشعب العراقي.
لذا لابد من الغاء المحاصصة جملة وتفصيلا لعلنا نحظى بمن يحرص على خدمة العراق وشعبه..فالعراق يستحق من يقدمه على مصالحه الشخصية ويسعى لازدهاره وسلامته.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة