(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 43
جاسم محمد*
الالتزامات:
يطلب من بلدان العالم أن تمنع وتكبح تجنيد، وتنظيم، ونقل، وإمداد المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتمويل تنقلاتهم ونشاطاتهم. يطلب من الدول إصدار قوانين تسمح بالملاحقة القضائية لـ:
ـ مواطنيهم وغيرهم ممن يغادرون أراضيها أو يسافرون أو يحاولون السفر لأغراض إرهابية.
[ 8 ] موقع الامم المتحدة الرسمي
– تعمّد مواطنيها توفير أو جمع أموال، أو غيرهم في أراضيها بنيّة، أو بمعرفة أنها ستستعمل، لتمويل سفر أو تنقلات هؤلاء المقاتلين.
ـ تعمد مواطنيها، أو غيرهم ممن على أراضيها، تنظيم أو تسهيل مثل ذلك التنقل.
ـ يطلب من الدول منع دخول أو عبور أفراد يعتقد بأنهم يتنقلون لأغراض متصلة بالإرهاب.
التعاون الدولي:
يدعو الدول لتحسين التعاون الدولي والإقليمي والفرعي لمنع سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، بما يتضمنه ذلك من زيادة تبادل المعلومات. ويسلط الضوء على حاجة البلدان لأن تتقيد بالتزاماتها الراهنة بخصوص التعاون في التحقيقات الجنائية والإجراءات القضائية التي لها صلة بالإرهاب فيما يتعلق بالتحقيقات والإجراءات القضائية التي تشمل مقاتلين إرهابيين أجانب. ويشجع منظمة الإنتربول على تكثيف جهودها للردّ على تهديدات المقاتلين الإرهابيين الأجانب. يدعو دول العالم كي تساعد بعضها البعض على بناء الطاقات والقدرات لمجابهة تهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب ويرحب بالمساعدات الثنائية لإتمام ذلك.
مجابهة التطرف العنيف من أجل منع الإرهاب
يؤكد على أن مكافحة التطرف العنيف عنصر ضروري في الرد على تهديد المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
ويدعو جميع الدول لتعزيز جهود مكافحة التطرف العنيف واتخاذ خطوات لتقليص خطر التحول من التطرف إلى الإرهاب في مجتمعاتها مثل إشراك المنظمات المحلية التي لها علاقة بالموضوع، وتمكين الجماعات المعنية في المجتمع المدني، واتباع أساليب تصمم خصيصًا لمجابهة تجنيد المقاتلين الأجانب.
الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب[7]
الإرهاب:
كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذاً لمشروع اجرامي فردي أو جماعي ويهدف الى القاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حيلتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر ، أو الحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو احتلالها أو الإستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر. أن تساعد في القبض على متهم أو متهمين بارتكاب جريمة ارهابية ضد مصالح تلك الدولة ، أو الشروع أو الاشتراك فيها سواء بالمساعدة أو الاتفاق أو التحريض
الديباجة
إن الدول العربية الموقعة لديها الرغبة في تعزيز التعاون فيما بينها لمكافحة الجرائم الإرهابية التي تهدد أمن الأمة العربية واستقرارها ، وتشكل خطرا على مصالحها الحيوية ، والتزاماً بالمبادئ الإخلاقية والدينية السامية ، ولاسيما أحكام الشريعة الاسلامية، وكذا بالتراث الإنسان للأمة العربية التي تنبذ كل أشكال العنف والإرهاب ، وتدعو الى حماية حقوق الإنسان ، وهي الأحكام التي تتماشى معها مبادئ القانون الدولي وأسسه التي قامت على تعاون الشعوب من أجل إقامة السلام .
[ 8 ] موقع الامم المتحدة الرسمي
[ 7 ] شبكة المعلومات القانونية ت الخليج
والتزاماً بميثاق جامعة الدول العربية وميثاق هيئة الامم المتحدة ، وجميع العهود والمواثيق الدولية الأخرى التي تكون الدول المتعاقدة في هذه الإتفاقية طرفاً فيها ، وتأكيداً على حق الشعوب في الكفاح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان بمختلف الوسائل ، بما في ذلك الكفاح المسلح من اجل تحرير أراضيها والحصول على حقها في تقرير مصيرها واستقبلها، وبما يحافظ على الوحدة الترابية لكل بلد عربي ، وذلك كله وفقاً لمقاصد ومبادئ وميثاق وقرارات الأمم المتحدة ، قد اتفقت على عقد هذه الاتفاقية ، راعية كل دولة عربية لم تشارك في ابرامها إلى الإنضمام إليها.
دولة الأمارات العربية : سياسات إستباقية في مكافحة الإرهاب
تتبنى دولة الامارات العربية المتحدة، سياسات شاملة في مكافحة الارهاب تتماشى مع التغيرات التي تتشهدها المنطقة والعالم. وتأتي هذه السياسات المتمثلة باصدارعدد من التشريعات اخرها اصدار قانون مكافحة الارهاب، فقد أصدر رئيس دولة الإمارات العربية يوم 20 يوليو 2015 مرسوما بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. يحظر القانون الجديد الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة، كما يحظر التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني.
جاء إصدار هذا القانون نتيجة فهم مايجري في العالم من ازدراء الاديان في اعقاب ماشهده العالم ومنها حادثة باريس ـ “شارلي أبيدو” مطلع يناير 2015 التي تضمنت رسوم تسيء الى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). هذا القانون يتماشى مع طروحات الازهر وكذلك تصريحات الفاتيكان التي ينص على عدم ازدراء الاديان واحترام الذات الالهية. وتعد سياسات الامارات العربية، سياسات إستباقية بمواجهة العنف والكراهية والارهاب وليست ردود افعال، دون التحديد بجغرافية او عرق أو دين. وما يميز سياسات دولة الامارات العربية هو موازاتها مع جهودها الانسانسة الاغاثية التي شملت شبكة دعم وتقديم المساعدات الانسانية.
قراءة مبكرة
كانت قراءة الامارات العربية الى تهديدات “جماعة الاخوان” في المنطقة والدول الخليجية مبكرا، وربما كانت تهدد امنها الوطني، ومازاد في تحدي الامارات هو اعتمادها الشفافية في المحاكم القضائية وكشف الشواهد والادلة ونتائج التحقيقات. وعندما ضرب إرهاب داعش منتصف شهر يوليو 2015 أمن الكويت، مستهدفا بهجوم انتحاري مسجد الامام الصادق في منطقة الصوابر وسط العاصمة أثناء صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 27 قتيلا و227 جريحا، دانت الإمارات العربية المتحدة الجريمة وكذلك العمليات الارهابية في تونس وفرنسا وكان تنظيم داعش القاسم المشترك في هذه العمليات.
وشددت دولة الإمارات العربية المتحدة في 29 يونيو 2015 فى الكلمة التى ألقاها نائب مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية خليفة الطنيجي فى الاجتماع، على ضرورة تظافر جهود المجتمع الدولي وتكثيفها لمواجهة هذه الأعمال الإرهابية.
[ 7 ] شبكة المعلومات القانونية ت الخليج
شهدت المنطقة تطور في تعريفات الارهاب الى جانب تقنية الارهاب وتفريخ هذه الجماعات “الجهادية” التي نجحت بالتوسع من داخل الدول الفاشلة في المنطقة لتقوم خلافتها المزعومة على جغرافية وحدود ضمن دولتها الافتراضية. وكانت “الربيع العربي” يمثل بوابة دخول ناعم الى هذه الجماعات داخل التظاهرات والتجمعات حتى وصلت الى التمكين واعلان دويلاتها. وبرز دور الامارات العربية اكثر في اعقاب هذه التهديدات عام 2011 ـ 2012 ليكون لدولة الامارات دورا اقليميا ودوليا اوسع في مكافحة الارهاب. وقد حذرت دولة الامارات من تلك التهديدات وقدمت الدعم اللوجستي والمالي في مكافحة الارهاب من خلال مشاركتها في التحالف الغربي سبتمبر 2014 وكذلك التحالف العربي 2015، بالاضافة الى التعاون الثنائي وتقديم الدعم المباشر الى الدول التي تواجه الارهاب في معاقله منها العراق وسوريا واليمن ودول اخرى. مسؤولون عراقيون مقربون من رئيس الجمهورية، اكدوا في تصريحاتهم ان دولة الامارات العربية هي الدولة العربية الوحيدة التي قدمت للعراق دعما لوجستيا في محاربة الارهاب.
سياسة مكافحة الارهاب الامارتية تاتي من فهم مايلي:
• عولمة الارهاب : بات الارهاب يضرب مناطق في دول المنطقة ودول بعيدة مثل استراليا والولايات المتحدة، وهذا يعني ان الارهاب لم يتحدد بجغرافية ولا يستهدف دولة دون اخرى ولم تعد هناك دولة بمنآى عن الارهاب. عولمة الارهاب تدفع دول العالم بدون استثناء لتظافر جهودها في محاربة الارهاب.
• إن الخيار العسكري وحده لا يكفي في محاربة الارهاب، رغم انه مطلوب اولا في مواجهة الجماعات الارهابية ضمن اسياسة الصلبة، لكن تأتي خطط ضمن حزمة اجرائات تتضمن التنمية والاقتصاد والقضاء على البطالة لمعالجة اسباب الارهاب الحقيقية.
• مواجهة الارهاب فكريا، ياتي دور الامارات واضحا من خلال تبنيها الى عقد عدد من المنتديات الاسلامية والمؤتمرات لدعم فكرة الاسلام المعتدل في مواجهة الكراهية والعنق وازدراء الاديان.
لقد دعمت دولة الامارات المؤسسات الدينية الوسطية في العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها الأزهر الشريف وتعزيز الخطاب االاسلامي المعتدل من خلال المنتدى العالمي “تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة”. و اعلنت الامارات عن تاسيس مركز “صواب” خلال شهر يوليو 2015 الذي يتولى مواجهة ارهاب داعش والجماعات الارهابية الاخرى بالتعاون مع الولايات المتحدة الى جانب سابق مراكز اخرى انفس الغرض بينها مركز مركز “هداية”.
تأتي سياسات دولة الامارات العربية في مكافحة الارهاب، استباقية لتهديدات الارهاب نتيجة الفهم والادراك المبكر الى حقيقة عولمة الاهاب. ياتي قانون مكافحة الارهاب الاخير نتيجة الفهم الواعي لخطورة الجماعات الإرهابية وضرورة التصدي لها. ويقضي القانون الجديد تجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية. لقد جاء القانون الجديد ضمن البعد التشريعي لدولة الامارات العربية في شرعنة الاجرائات والقرارات لدعم الاجهزة التنفيذية بمواجهة الارهاب.
* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة