أغنية سوداء القلب

شعر: أديب كمال الدين

توقّفَ الحرفُ عن النظر إلى المرآة
كي لا يرى المستقبلَ بلا يدين
والماضي بلا أقنعة.
توقّفَ الحرفُ عن إرسالِ رسائل التهديد إليّ
ورسائل الوعيدِ واللومِ والتأنيب
ورسائل الأملِ واللاأمل
ورسائل الحُبّ، أعني رسائل الحمامة البيضاء.
توقّفَ الحرفُ عن مخاطبتي بِاسمي المُجرّد
أو تشبيهي بشيء
أو ترميزي
أو تأليهي
أو اتخاذي باباً أو قطباً أو محراباً.
توقّفَ الحرفُ عن تذكيري بشبابي المُدمّى
وطفولتي الحافية
وحبيباتي الخائنات والجاحدات
وأصدقائي الأوغاد والمنفيين والسذّج
وقصائدي التي كتبتُها كي لا أبكي
مثل يتيمٍ ببابِ الملجأ
أو مثل مجنون يرميه الصِبْيةُ بالحجارة
كي يضحكوا ويبدّدوا الوقت
أو مثل شحّاذٍ سرقَ السكارى رغيفه
كي تكتملَ نشوتهم
ويكتمل موت الشحّاذ.
توقّفَ الحرفُ عن كلِّ ذلك.
حينها كانت الشَّمسُ مُشرقةً كما ينبغي
وكانَ الحرف
يجلسُ أمامي مثل نهر
يدمدمُ بأغنيةٍ خفيفةٍ جدّاً،
عذبةٍ
وسوداء القلب.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة