المبعوث الأممي أكد أنه لا بديل عن حل الدولتين
الصباح الجديد – وكالات :
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس الأول الثلاثاء، أن واشنطن ستدرس تأييد مشاركة دول أخرى في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في المستقبل إذا رأت أن ذلك سيفيد في التوصل إلى اتفاق. وعندما سُئلت المتحدثة باسم الوزارة، هيذر ناورت، عن دعوة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إلى محادثات سلام دولية، قالت: «إذا رأينا في مرحلة ما أن دولاً أخرى قد تكون مفيدة لعملية السلام، فسوف نرغب بالتأكيد في مشاركتهم».
وأشارت: «هل الوقت مناسب لذلك الآن؟ لست على يقين من أننا قررنا ذلك، لكن هذا بالتأكيد شيء قد يحدث في المستقبل». وكان عباس قد دعا لتطبيق مبادرة السلام العربية كما هي مع إسرائيل.
ودعا الرئيس محمود عباس، في إطار خطة للسلام طرحها أمام مجلس الأمن أمس الاول الاثنين، إلى عقد مؤتمر دولي موسّع بحلول منتصف العام الحالي، تنتُج عنه آلية متعددة الأطراف وملزمة للجميع وفق سقف زمني محدد، بما يضمن وقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، وإلغاء قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ووقف نقل السفارة الأميركية إلى المدينة.
وأظهر الخطاب مجدداً عمق الهوة بين القيادة الفلسطينية والإدارة الأميركية، خصوصاً إصرار عباس على مواجهة قرار القدس وما «يدور في الكواليس من حلول جزئية ودولة ذات حدود موقتة»، في إشارة إلى ما يشاع عن خطة أميركية لتسوية فلسطينية – إسرائيلية. لكن الرئيس طمأن واشنطن إلى استمرار التزام الفلسطينيين تعهدهم عدم الانضمام إلى 22 منظمة ومؤسسة دولية، رغم أنه قاطع كلمة السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي التي اعتبرت أن مواقف عباس «لن تغيّر قرار» القدس، و»لن تقود إلى أي مكان» حيال التسوية مع إسرائيل.
وقدم عباس في الخطاب، وهو الأول منذ 9 سنوات، مبادرته للتوصل إلى تطبيق حل الدولتين، وتتضمن توسيع نطاق المرجعية الدولية للعملية السلمية ضمن أسسها المتفق عليها، والاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وتجميد الاستيطان، وإلغاء الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل» ونقل السفارة إليها.
وأكد عباس أن القيادة الفلسطينية «لم ترفض المفاوضات يوماً، لكننا نملك الشجاعة لنقول نعم، ولكن أيضاً لنقول لا»، مؤكداً: «لن نقبل أن تُفرض علينا حلول تتنافى مع الشرعية الدولية، وأي حل مخالف لها سنرفضه».
وقال إن الانسداد الحالي في عملية السلام «سببه قرار الإدارة الأميركية حول القدس، ومواصلة إسرائيل نشاطاتها الاستيطانية، وعدم تطبيق الاتفاقات السابقة وقرارات مجلس الأمن».
ودعا عباس إلى عقد مؤتمر دولي للسلام منتصف العام الحالي «بمشاركة دولية واسعة تضم مجلس الأمن والرباعية الدولية، ينتهي بقبول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة»، وتشكيل «آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الطرفين على حل قضايا الوضع النهائي»، مؤكداً التمسك بإطار زمني لأي مفاوضات و»كذلك لتطبيق الاتفاقات».
وأضاف أن المبادرة تتضمن «تجميد الأعمال الأحادية خلال المفاوضات، خصوصاً الاستيطان، وتجميد القرار» الأميركي في شأن القدس، وتطبيق مبادرة السلام العربية كما اعتُمدت، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطينية «مفتوحة لكل الديانات خصوصاً السماوية الثلاث»، مع حل عادل للاجئين الفلسطينيين.
وأكد عباس «رفض ما يدور في الكواليس عن الحلول الجزئية والدولة ذات الحدود المؤقتة على ربع الضفة أو نصف الضفة»، وقال: «بلاش نلعب على بعض، نعلم أن الحدود الموقتة ستصبح دائمة».
وأضاف: «لن نتحرك إنشاً واحداً إن أراد أحد منا التنازل عن الحقوق والسيادة»، مشيراً إلى أن أي اتفاق «سيُعرض على استفتاء على الشعب الفلسطيني». في الوقت نفسه، أكد عباس «الاستعداد للتفاوض فوراً» بناء على هذه المبادرة. وغادر قاعة المجلس فور انتهائه من إلقاء كلمته.
وقالت هايلي إن الإدارة الأميركية «تعمل على إصلاح خطأ الإدارة السابقة» المتمثل بقرار مجلس الأمن الرقم ٢٣٣٤، «لكننا لسنا ضد الشعب الفلسطيني، ونحن نمد لكم اليد للسلام، لكن طريق التحريض على العنف لم يؤد سوى إلى تعميق معاناة الشعب الفلسطيني».
وأكدت تمسك واشنطن بقرار القدس، وخاطبت عباس بعد مغادرته القاعة بالقول: «يمكنك أن تختار أن ترفض الدور الأميركي في عملية السلام والتحريض على إسرائيل، لكني أؤكد لك أن هذا لن يقود إلى أي مكان».
وختمت بأن الولايات المتحدة «مستعدة للعمل مع القيادة الفلسطينية، لكننا لن نلحق بكم، والخيار هو لكم السيد الرئيس». وكان صهر الرئيس الأميركي ومستشاره جاريد كوشنر ومبعوث السلام للشرق الأوسط جيسون غرينبلات يجلسان خلف هيلي.
واتهم السفير الإسرائيلي داني دانون عباس بأنه «ليس جزءاً من الحل بل هو سبب المشكلة»، معتبراً أنه «يتهرب دوماً من المفاوضات المباشرة، كما فعل اليوم بمغادرة القاعة». وقال إن القدس «الموحدة ستبقى إلى الأبد عاصمة إسرائيل»، معتبراً أن الشعب الفلسطيني «يفتقر إلى القيادة الشجاعة للسلام».
وكانت الجلسة بدأت بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إنه «لا خطة بديلاً من حل الدولتين»، محذراً من أن «الواقع على الأرض يعزز الاتجاه نحو واقع الدولة الواحدة»، وداعياً الأطراف إلى الحوار للتوصل إلى الحل السياسي.