ابتسام يوسف الطاهر
عرفت جمعة الحلفي قبل ان التقيه، شاعرا في بعض قصائده انفاس من صديقه امير القصيدة الشعبية العراقية،مظفر النواب، معظمها اغان للحب والعشق لبغداد.
في مواسم الغياب والبعد عن عتبات الوطن والباب، والموانيء تتقاذف سفننا رواحا واياب. قرأت له كتابات ساخرة في بداية الالفين فحرصت على قراءة ماينشر له. ويوم تماثل الامل للشفاء وحزمنا حقائب العودة، جمعتنا أماسي غنية بالشعر والأغاني فكان مبدعا بصوته الدافيء تارة وهو يغني او يتحفنا بقصيدة من قصائده الشعبية الجميلة بصورها المكثفة القوية، وتارة بقوة حضوره بصمته واصغائه للجميع.
اختار العودة لبغداد وترك فسحة الاستقرار والعيش بسلام بعيدا عن صراعات الطوائف ومفخخات الارهاب. فالوطن وحلم العودة له أزاح كل جمال لواقع يعيشه في موانيء الغربة، وبقيت دجلة تغازل احلام الطفولة والصبا وموسم الاحلام والامال.
چانت دجله مثل العيد
تجري بوسط لبساتين
ومن فوگ الجسر…
چانت تشوف الناس كل بغداد
ضويات ومناير، والهوه عذيبي وعرس،
عرس مجنون.
وأحنه…
أحنه هـ… ن..ا..ك
لم يتوان من العمل وزج خبراته في الاعلام والصحافة فأي عمل من اجل الوطن والناس هو الغاية والوسيلة لتعويض خسارات الغربة ومارافقها من خوف من ضياع الاحلام بالعودة لأحضان الوطن. يقدر الكلمة ويعرف قيمتها فكانت الصحف التي شغل مسؤوليتها تزهو باسماء صادقة عديدة ومواضيع جريئة.
شگد ضاعت عليك أحلام
وحدك تحسب الأيام..
تمر جدام عينك تركض الأيام
تعبرك… تركض … الأيام
تبعد .. وانته.. ذ..ا..ك انته
حزين ومنزوي ومحتام..
وحدك تحسب الأيام..
وحدك ترسم سنينك على الريح
ويذريها الغبار أوهام بأوهام
لثقافته الفضل في غربلة الذكريات ونخل ايام الطفولة وكل حرماناتها ليبقي على طيوف حلم ظل رفيقا ليستدعي كل الوان الفرح مستدعيا عواطفه حينها ليحولها لفراشات للحب والعشق فيمتزج المعشوق بالوطن بالناس.
چنت أدورلك بروحي على گمره
تفيي لسنينك وتنثرلك سعد
چنت أدورلك على غيمه زغيره
تطش على أيامك ورد
…………..
ناطرتك..
مثل ما تنطّر الورده نداها
وانته موگطرة نده وبس
أنته نهر الروح، تسگي الروح وتخفف ظماها
ناطرتك..
مثل ما تنطر الگاع المطر
روحي صبخه وانته غيمة شوگ
تتباهى بنسايمها وهواها
ويطول الانتظار وتتجاذف سفن المغترب رياح التعب انتظارا ورياح اليأس وليس للشاعر غير رياح الكلمات يحبسها في دفاترالايام وفي ليالي العتمة في شتاءات الغربة
شايل شراعي وشواطيك بعيده
ولاني رايح لاني راجع
ضيعتني.. وضاعت سنيني غُلب
ولانه گادر اشتريك ولانه بايع!
ذابله أيامي مثل نخله وحيده على الشرايع
واگف بآخر سنين العمر
ناطر لاچن ماني ناطر
بالرغم من كل الخيبات المتلاحقة وكأس الخيبة يفرغ بقايا الكؤوس المترعة بالحياة، بقي متشبثا بعروة الامل بأن غدا لابد ان يكون أحسن من أمس.”اشرب بصحة غيابك؟ ماظل غير كاسك ومنقل جمر..ليل يجيب ليل..وانت تسألني على حزني”.
في زمن المفاجآت كثير ما يفاجئنا الحضور بعد طول غياب وما اكثر ما يفجعنا الغياب .. فسلام عليك منا يرف مع النسيم على ذراك.
لندن- 16-2-2018