طغت مفاهيم التوافقات والمجاملات والصفقات بين الاحزاب والكيانات التي تشكل منها النظام السياسي في العراق على مدى اكثر من اربعة عشر عاما واعتاد ممثلو هذه الاحزاب والكيانات على ممارسة نشاطهم الانتخابي والتشريعي والتنفيذي على وفق تلك المفاهيم من دون الاهتمام بقواعد العمل السياسي والانصهار في عمل رصين يأخذ بنظر الاعتبار الحجم الحقيقي والدور الذي يضطلع به كل حزب ومدى تأثيره في الجمهور فتساوت في ظروف شتى كيانات واحزاب لاتملك من مقومات التأثير والقوة مع كيانات واحزاب لها ثقلها الجماهيري وانضوى اشخاص غير مؤثرين او فاشلين تحت لواء قادة احزاب ورؤساء كيانات مشهود لهم بالقدرة والقوة والنزاهة وفي جانب اخر تحالفت قوى سياسية ارتكب ممثلوها انتهاكات فاضحة ومارسوا فسادا وصدرت بحقهم قرارات قضائية تدينهم مع قوى اخرى لم يتلوث تاريخها بمثل هذه الانتهاكات او الفساد مما شكل صدمة نفسية للجمهور العام وتعقيدا جديدا في المشهد السياسي العراقي صعب كثيرا من محاولات فرز الاتجاهات وتفسير المواقف قبل الانتخابات العامة المقبلة وقد ان الاوان ليدرك هؤلاء الذين انغمسوا في ممارسة المجاملات على حساب الواقعية ان يدركوا ان مثل هذه التوجهات يرفضها الشعب العراقي وان نتائجها تسببت بكوارث سياسية وامنية واقتصادية ماتزال البلاد تدفع بتضحيات كبيرة من ورائها وقد تعدت هذه المجاملات اطرها القانونية وتسببت بانتهاكات للسيادة العراقية وفسادا وسرقة للمال العام وعبثا بثروات البلاد ويكفي ان نضرب مثلا لما نقوله في هذه السطور بالجدل الدائر في مجلس النواب والمناكفات بين اقليم كردستان والسلطات الاتحادية بشأن النسبة المخصصة من موارد الموازنة وتقليلها من 17 % الى 13% وتأكيد رئيس الوزراء حيدر العبادي بان النسبة السابقة لم يجر احتسابها باسس واقعية تتماثل مع نسبة السكان في اقليم كردستان وانها جاءت ضمن مفهوم المجاملات والصفقات السياسية واذا اردنا تتبع مثل هذه التوجهات في واقع العمل السياسي في العراق سنجد امثلة اخرى كثيرة تتسق مع ما نقوله ..ان اعادة النظر بطبيعة التحالفات السياسية والتوافقات بما يحفظ حقوق الافراد والدولة وبما يحقق العدالة والانصاف امر حيوي وجوهري في المرحلة المقبلة ويحول دون ظهور ملفات معقدة وازمات جديدة وفي الوقت نفسه يطمئن الشعب العراقي بان اداء الطبقة السياسية يسير بمسالكه الصحيحة .
د. علي شمخي
واقعية سياسية !
التعليقات مغلقة