استراتيجية الدولة الحديثة

الباحث:د. نوفل حميد الزبيدي:

صدر للباحث نوفل حميد الزبيدي كتاب ” استراتيجية الدولة الحديثة” تضمن فصولا وأجزاء عدة.
تناول الباحث في مقدمة الكتاب التحديات والمتغيرات والتطورات التي شهدها القرن العشرين من تطور وخاصة في الحقبة الأخيرة منه وتواجه الادارة الحديثة .
وقال: تنعكس على المتغيرات والتطورات التي حدثت في المجتمعات ان الادارة هي الوسيلة المنظمة في أي من المستويات وأشكالها لتوظيفها في الاستثمار والموارد للوصول الى تحقيق الاهداف مما يتطلب ايجاد سبل لوسائل التكتيك في الادارة المواكبة للتطور الاستراتيجي الذي يعالج نقاط الضعف والقوة التي يمكن الاستفادة منها لمواجهة المخاطر التي أفرزتها تلك المتغيرات والتطورات من الوظائف التقليدية التي تتسم بالتجدد والابتكارات والتي تحقق التفوق والمتميز في التنافس في التطور في التخطيط الاستراتيجي .
تضمن البحث أجزاء عدة خصص كل جزء منها لموضوع استراتيجي معين فقد تناول الجزء الأول منه موضوع مفهوم التكتيك والتخطيط الاستراتيجي ومعوقات وأسباب الاخفاق في تطبيق مراحل التطبيق والمراحل التحديات وماهي الطرق الناجحة في وضع الخطط الاستراتيجية لنجاح الدولة الحديثة.
اما الجزء الثاني فقد تناول الواقع السياسي وتأثيره على التخطيط الاستراتيجي
أ- الفكري ، ب- الصناعي ،جـ- التعليم، د- الصحي، كما تناول في هذا الجزء القيود الاساسية الخارجية العراقية في التحول الديمقراطي وتأثيرها على الدولة ما بعد عام .
2003
تناول الكتاب في هذا الجزء أيضا دور العلاقات الخارجية في رسم دور العراق في العلاقات الاستراتيجية تطور العلاقات والاخفاقات التي صاحبت عدم التمسك في التخطيط التكتيكي والاستراتيجي في العلاقات الدولية .
وتطرق الى الجانب المهم الا وهو الجانب العسكري وماهي الاسباب في إضعاف القوات المسلحة في هذه المرحلة وعدم الاهتمام في وضع خطط عملية واستراتيجية في مرحلة حرجة من قيام الدولة مابعد عام 2003 .
وتناول الجزء غياب الفلسفة الاقتصادية الواضحة في ادارة الاقتصاد العراقي ومن جميع النواحي كما ورد في الجزء الثاني التعليم في العراق وكيفية ربط المواطنة من ضمن مسؤولية التعليم ودور التعليم والمناهج المدرسية في تعزيز القيم المواطن والمواطنة.
كما تناول وضع الاكراد في شمال العراق وماهي المستجدات التي طرأت ما بعد 2003 وعن الوضع الاقتصادي منها ( النفط ) وكيفية استغلال الحكومة في الاقليم الى بيع النفط على حسابها الخاص .
أما الجزء الثالث: فقد تحدث فيه عن عناصر القوة والضعف وايجاد الحلول المطلوبة لحل مشكلات الضعف والسبل الكفيلة في وضع خطط واستراتيجية كفيلة لايجاد حلول تكتيكية ووضع برنامج استراتيجي أما بالنسبة الى عنصر القوة وضعه من ضمن البرنامج وتطوير العنصر.
تطرق الباحث الى نظام المحاصصة من جوانب عدة اذ قال ان ظهور المحاصصة في العراق قد ولد نظام التوريث في ادارة دفة الدولة مما ادى الى ظهور اشخاص ليس لهم اي خبرة او شهادة تؤهلهم من النهوض بالواقع.
لذلك لابد من اتباع سياسة جديدة والاعتماد على تجربة ملائمة للواقع الحالي وفق دراسة جدية لا محاصصة ولا حزبية في ادارة الوزارات والاعتماد على التخطيط الاستراتيجي القريب والمتوسط والبعيدة المدى.
ناقش الكاتب في الفصل الأول من الكتاب ماهية التخطيط الاستراتيجي واسباب اهميته، وتكمن أهميته في قدرته على مساعدة المؤسسات العامة وغير الربحية للإستجابة بفعالية لما تواجهه من ظروف متغيرة بنحو حاد .
والحقيقة أن بيئة المؤسسات العامة وغير الربحية لم تشهد فحسب تغيرات هائلة في السنوات الأخيرة، بل أنها ستشهد تغيرات أشد في المستقبل، وان منا من نشأ في الخمسينيات والستينيات وأصبح يعتقد إن التقدم المستمر هو القاعدة، وإن كل شيء سوف يتطور الى الأحسن بالنظام، وكم كنا على خطأ ؟ فالقاعدة ليست في اتقدم المستمر، بل إن فترات الاستقرار قد اعترضتها فترات من التغييرات المهمة، وعدم الاستقرار وعنصر المفاجأة.
كذلك فقد شهد الفترة السابقة للخمسينيات حربين عالميتين وازدهارات كبيرة، وكسادات كبيرة، وظهور ادوار جديدة للحكومات، كما شهدت الفترة التالية للخمسينات ظهور حركة الحقوق المدنية، وحركات تحرر المرأة والمظاهرات الطلابية الكبرى والحرب المدمرة في فيتنام، وحركة الجماعات البيئية، والتحولات الهائلة في الايديولوجية السياسية للولايات المتحدة، إضافة الى جميع التغيرات الأخرى التي ورد ذكرها في الفقرات الافتتاحية في هذا الفصل .
ويعتمد التخطيط الاستراتيجي إحدى المنهجيات والوسائل لمساعدة المؤسسة والمجتمعات على التعامل مع الظروف المتغيرة ، كما يقصد بالتخطيط الاستراتيجي تعزيز قدرات المؤسسة على التفكير والتصرف بطريقة استراتيجية ، كما أن بإمكان التخطيط الاستراتيجي أن يساعد المؤسسات على صياغة القضايا المهمة التي تواجهها ، والبناء على اسسها القوية ، والاستفادة من الفرص الكبرى ، والتغلب على التهديدات التي تواجه وجودها . والتخطيط الاستراتيجي يساعد المؤسسات أن تكون أكثر تأثيراً وسط هذا المعادي ، فإذا لم يكن التخطيط الاستراتيجي قادراً على ذلك كله ، فإنه لا يستحق الجهد المبذول لأجله حتى لو كان قد حقق بعض الأهداف القانونية والاحتياجات الرمزية .
أربعة أساليب لتحديد القضايا الاستراتيجية
هناك أربعة أساليب ممكنة لتحديد القضايا الاستراتيجية : الأسلوب المباشر ، والاسلوب غير المباشر ، واسلوب الأهداف “رؤية النجاح” (باري 1986، برايسون1994) .
ويتوقف الاسلوب الأمثل على طبيعة المؤسسة وخصائصها ، ويعرض هذا القسم الإرشادات الخاصة باستخدام الاساليب الأربعة ز ويعرض القسم التالي الإرشادات الخاصة بخطوة تحديد القضية الاستراتيجية .
في الأسلوب المباشر ، و الأكثر فائدة للحكومات والمؤسسات غير الربحية ، يتجه المخططون مباشرة كم استعراض المهمة وتحليل SWOT ، إلى تحديد القضايا الاستراتيجية . والأسلوب المباشر هو الأفضل إذا :
1 – لم يكن هناك اتفاق حول الاهداف ، أو الاهداف المتفق عليها صعبة التنفيذ ، لكونها مجرد أكثر من اللازم .
2 – لم تكن هناك رؤية نجاح مسبقة . وكان من الصعب الاتفاق بالإجماع على رؤية ناجحة.
3 – لم تكن هناك سلطة هرمية قادرة على فرض الأهداف على أصحاب المصالح الآخرين
4 – كانت البيئة مضطربة بحيث يبدو من غير الحكمة وضع اهداف أو رؤى ، وكان العمل الجزئي استجابة لقضايا ملحة ومهمة يبدو الأسلوب الأنسب .
5 – فالأسلوب المباشر – بعبارة أخرى – هو الأصلح في اغلب المؤسسات الحكومية التعددية والمجزأة والمسيسة ( وفي كثير من المؤسسات غير الربحية ) (طومسون 1967 ) ،أي ينبغي أن يكون هناك تحالف ملتزم التزاماً كاملاً بتحديد أهم القضايا الاستراتيجية وحلها حتى ولو لم يكن ملتزماً بصياغة مجموعة من الاهداف أو رؤية النجاح .
في أسلوب الأهداف ، والذي يعد اكثر ملائمة مع نظرية التخطيط التقليدية ، تضع المؤسسة أهدافها أولاً ، ثم تحدد القضايا التي تحتاج المؤسسة إلى مواجهتها لتحقيق هذه الاهداف (أو تضع الاستراتيجيات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف) .
ولكي ينجح هذا الاسلوب يجب ان يكون هناك إمكان لتحقيق اتفاق عميق ، داخل المؤسسة حول الاهداف ، ويجب ان تكون الاهداف ذاتها محددة ومفصلة ، بحيث توفر التوجيه لعملية وضع الاستراتيجيات (ولكن لا ينبغي المبالغة ( ولكن لا ينبغي المبالغة في التحديد والتفصيل ، بنحو يؤدي الى تسرب الافكار ، أو الاعمال الاستراتيجية الحكيمة ) وهذا الأسلوب أكثر نجاحاً في المؤسسات ذات السلطة الهرمية التي يمكن لصناع القرار الرئيسين فيها فرض الأهداف على الآخرين ، متأثرين بعملية ممارسة التخطيط . وأخيراً فأن المهام التي يجري فرضها من الخارج ، يمكن ان تجسد الاهداف التي يمكن أن تقود عملية تحديد قضايا الاستراتيجية ووضع الاستراتيجيات.
أي ان أسلوب الاهداف هو الإصلاح في المؤسسات العامة ، أو غير الربحية المنظمة تنظيماً هرمياً ، ولها مهام محددة وضيقة النطاق ، ولديها عدد اقل من أصحاب المصالح الأقوياء ، وعلى النقيض ، فإن المؤسسات ذات المهام الواسعة والعديدة من اصحاب المصالح الاقوياء ، ليس من شأنها أن تحقق التوافق الضروري لاستخدام أسلوب الأهداف بنحو فعال، برغم أن بإمكانها تحقيقه في المجالات المحددة ، نتيجة التعيينات والانتخابات والاستفتاءات السياسية ، أو نتيجة لما تفرضه المهام والاهداف المفروضة من الخارج . وعلى نفس المنوال ، فإن هذا الاسلوب ينجح في المجتمعات المتجانسة نسبياً ، وتمتلك توفقاً أساسياً حول القيم ، وليس من شأن هذا الأسلوب أن ينجح في المجتمعات غير المتجانسة ، أو التي لا تمتلك توافقاً إزاء القيم السياسية ، ما لم تبذل جهوداً غير عادية لتحقيق توافق بشأن الأهداف .
أما أسلوب “رؤية النجاح” فيطالب المؤسسة التي تتبعه بوضع افضل صورة لها في المستقبل ، اثناء تنفيذها لمهمتها وتحقيقها للنجاح . ثم تشتمل القضايا الاستراتيجية على الكيفية التي ينبغي أن تتحرك بها المؤسسة من أي سبيل الذي تتبعه حالياً إلى السبيل الذي تود انتاجه على اساس رؤية النجاح الخاصة بها .
ختم الباحث الكتاب بخلاصة مفادها إن مهام قيادة التخطيط الاستراتيجي معقدة وكثيرة، وإن كانت المؤسسات كبيرة الحجم، فلن يكون بإمكان شخص بمفرده، أو مجموعة واحدة، أن تمارس كل هذه المهام، والتخطيط الاستراتيجي الفعال، ظاهرة جماعية تنطوي على الرعاة والأبطال المنسقين والفرق ومجموعات العمل، وآخرين بأشكال متعددة، وعلى فترات متنوعة، وعبر دورة التغيير الاستراتيجي، ينبغي على القادة، على اختلاف أشكالهم، أن يضعوا معاً كل العناصر، التي أوردناها بنحو يساعد على الإسراع بتفعيل المؤسسة ؛ وبالتالي يساهمون بشيء مهم في تحسين صورة جزء مهم، من العالم خارج المؤسسة .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة