بسبب الانحباس غير المسبوق لهطول الأمطار وقلة المناسيب الواردة
متابعة الصباح الجديد:
أكد الوكيل الفني لوزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي امس الثلاثاء إن العراق يشهد قلة في مناسيب المياه الواردة من دول الجوار، وكذلك انحباس غير مسبوق بهطول الأمطار لم يشهده البلد منذ عدة عقود ، مما سبب أضرارا جسيمة طالت في مقدمتها القطاع الزراعي .
وتابع الوكيل الفني بالقول لقد فقدنا من انتاج المحاصيل الرئيسة المتمثلة بمحصولي الحنطة والشعير ما مقداره 20 إلى 30 % من الإنتاج ، وان الوزارة اتخذت جملة من الإجراءات من شأنها معالجة مايمكن معالجته من خلال زيادة الغلة الزراعية ، وتقليل فترة نمو بعض الأصناف المستنبطة من محصول الحنطة، وإدخال تقنيات الري الحديثة .
واكد الوكيل الفني لوزارة الزراعة على ضرورة التوجه إلى استعمال التسوية الليزرية والباذرة المسمدة، وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تخفف من الأضرار السلبية التي تخلفها انخفاض مناسيب المياه وشحة الأمطار) .
ومن المعروف ان مشكلة المياه بين العراق وسوريا وتركيا لا تشكل حالة فريدة أو نادرة مع ما لها من خصوصية. فالأنهار الدولية، تسبب المشكلات في معظم أنحاء العالم لتداخل المصالح، وللحاجة الماسة إليها خصوصاً أن المياه هي بترول القرن الحالي، وأحد المصادر الأساسية والموارد الرئيسة لدول المنبع كما لدول المجرى ، وإن المياه وليس النفط، ستكون القضية المهيمنة في الشرق الأوسط بعد العام 2000 على وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والاقتصادية في واشنطن ،والذي اعلن اكثر من مرة ان نحو 70 بؤرة توتر في العالم سببها المياه والتي ستكون ام الازمات المستقبلية.
وتعرّف الأزمة المائية بأنها خلل في التوازن بين الموارد المائية المتجددة والمتاحة والطلب المتزايد عليها والذي يتمثل بظهور عجز في الميزان المائي يتزايد باستمرار ويؤدي إلى إعاقة التنمية وهذا العجز هو الحالة التي يفوق حجم الاحتياجات المائية فيها كمية الموارد المائية المتجددة والمتاحة ، ويطلق على هذا العجز تسمية ( الفجوة المائية ) ، وعندما يصل العجز المائي إلى درجة تؤدي إلى أضرار اقتصادية واجتماعية تهدد بنية الدولة فإنه يكون قد وصل إلى ما يسمى ( بالأزمة المائية) .
ومما يثير الانتباه هي الازمة الحاصلة حاليا في العراق وتراجع حصتة من المياه من خلال تفاقم مشكلة الجفاف التي تحل هذا العام في عموم المناطق، ناهيك عن وضع المياه في الوطن العربي والعالم الاسلامي بنحو عام حيث يعد المواطن العربي الاكثر تضررا في العالم حسب الجداول المعدة من مراكز الدراسات العربية والاجنبية.
وفي العراق تشكل 65 % من حاجاته المائية للزراعة والصناعة من دجلة والفرات وايضا 80% من حاجاته المائية المستعملة منزليا هي ايضا من دجلة والفرات ، ويوضح “المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق” أن العراق قد يصبح من الدول شبه الصحراوية ، وأن مساحة الصحراء صارت تشكل نحو نصف إجمالي مساحته على الرغم من وجود نهري دجلة والفرات.
ويعترف وزير الزراعة أن العراق قد خسر ما يصل إلى 70 % من محاصيله الحقلية خلال السنة الماضية بسبب الجفاف والتصحر، وأسهم في ذلك ما عانته الأنهار من انخفاض في معدلات المياه؛ إذ انخفض الماء فيها بمعدل 45 %، وتعرضت بعض الأنهار إلى ما يقرب الجفاف مثل نهري الخالص وديالي اللذين تعتمد عليهما الكثير من المناطق الزراعية ، فيما عطل العراق 20% من اراضيه الزراعية هذا العام ويخشى مسؤولو وزارته من مشروع السدود التركي الذي يتضمن إنشاء 21 سدًّا على نهر الفرات ستفقد بسببها سوريا نسبة 40 % من حصتها المائية، في حين تكون خسارة العراق مدعاة لمزيد من الأسى، لأنه سيخسر 90 % من حصته المائية وهو رقم يدعو للفزع، يضاف إليه فزع مماثل من 3 سدود تركية على نهر دجلة.
وستؤدي تلك المشاريع مجتمعة إلى انخفاض حصة الفرد من 3068 مترا مكعبًا سنويًّا من الماء إلى 1025 مترًا مكعبا.
هذا وتقول الإحصاءات إن منسوب المياه في نهر دجلة حاليًّا يعد الأدنى منذ أكثر من 75 عاماً كاملة! وقد طالب باحثون في مجال البيئة وضع خطة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لإنقاذ المناطق الأخرى المرشحة للتصحر في العراق، والعمل على إخراج مناطق أخرى من حيز التصحر إلى حيز التنمية البيئية، ورعاية برنامج وطني دائم للتشجير.