اسهم الانخفاض الكبير في اسعار النفط في الاعوام القليلة الماضية في تفاقم المشكلات الاقتصادية والمالية في العراق وانعكس هذا الانخفاض على النشاط التجاري بنحو عام وفي الوقت نفسه توقفت في العراق مئات المشاريع الخدمية والاستثمارية التي كانت تدعمها الدولة وفي جانب اخر ادى نقص السيولة المالية الى ايقاف اطلاق الوظائف في القطاع الحكومي وتوقف الصرف على المشاريع الصغيرة في القطاع الخاص ودعم الشباب العاطلين عن العمل وقد عانت الحكومة العراقية خلال المدة التي تولى فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي رئاسة الحكومة وحتى اليوم في تأمين الرواتب لأكثر من اربعة ملايين موظف واكثر من نصف هذا العدد من المتقاعدين واستنزفت العمليات العسكرية التي خاضتها القوات الامنية بجميع صنوفها مبالغ طائلة من ميزانية الدولة فيما اصبح العراق تحت ضغط الديون والقروض من البنك الدولي بعد ان اعتمدت الحكومة على هذه القروض في تلبية الاحتياجات الاساسية للشعب العراقي في المجال التشغيلي والاستثماري على حد سواء ..كل هذه الالتزامات الى جانب الفساد المستشري في مفاصل عديدة من الدولة تسبب بعرقلة دوران عجلة النشاط الاقتصادي واسهم في ارتفاع مستوى البطالة وتعطل الانتاج في شتى المشاريع حيث تجد الحكومة العراقية وهي تقترب من الشهور الاخيرة من عمرها امام مسؤولية كبيرة في اكمال المعالجات والخطط التي تبنتها من اجل ديمومة المستوى المعاشي للشعب العراقي والايفاء بالالتزامات المالية الدولية والشروع باعادة اعمار المدن التي تسببت بتدميرها المواجهات المسلحة مع التنظيمات الارهابية فيما تنتظر الحكومة المقبلة حزمة من التحديات الجسيمة بعضها سترثه من الحكومة التي يقترب عمرها من الانتهاء والاخر يتمثل بتعاظم الكثير من المشكلات الاقتصادية التي تركت او اهملت منذ سنوات بانتظار تعافي الوضع المالي والاقتصادي في العراق ولربما سيسهم الارتفاع الملحوظ في اسعار النفط في زيادة الأموال بايجاد حلول سريعة للواقع الاقتصادي في العراق لكن الامر ليس بتلك البساطة كما يظن البعض ويتطلب خططا محكمة ودراية واسعة بالاولويات وتعظيم للموارد المالية وتوظيف ارتفاع اسعار النفط بنحو إيجابي ومن دون تبديد للفائض المالي الذي سيتمخض عن هذه الزيادة ولربما لن يلمس العراقيون من إقرار مجلس النواب على قانون الموازنة للعام الحالي ثمار ارتفاع اسعار النفط بنحو مباشر الا ان الموازنات التكميلية المنتظرة والخطط التي ستنتهجها الحكومة المقبلة كفيلة برؤية معالم التغيير في الحياة الاقتصادية بشرط إحاطة هذه الخطط وتحصينها من الفساد والمفسدين الذين يحاولون إيجاد ثغرات للنفاذ الى المشاريع المقترحة لمعالجة الاقتصاد في العراق والوصول به الى درجة التعافي بعد هذه السنوات العجاف .
د. علي شمخي
حلول اقتصادية
التعليقات مغلقة