تهميش الاعلام..!!

لايختلف اثنان على ان الاعلام مفصل مهم من مفاصل الرقابة الشعبية على الاداء الحكومي وسلطة قائمة تعاضد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في بناء الدولة ومن مزايا الديمقراطية والتعددية انها تتيح للاعلام الحر ان يأخذ مداه ومساحاته المعهودة بما يمكنه من اداء دور محوري ومهم في ترصين العملية السياسية ويفتخر العراقيون اليوم بحرية الاعلام التي منحها الدستور الجديد للعاملين في مجال الاعلام ولاينكر احد حقيقة مفادها ان هناك بونا شاسعا بين هذه الحرية وبين ماكان يجري في ظل النظام المباد ولربما يحسد الكثير من الصحفيين في الدول العربية والدول المجاورة الصحفيين في العراق على هذا الفضاء الواسع من الحرية بكل عناوينها في مجالات الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب ولكن ممايؤسف له ان هذه الحرية لم تكتمل وتم افراغها من محتوياتها المثمرة من خلال التعاطي السلبي لمؤسسات الدولة لما ينشر في وسائل الاعلام وتشترك السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية بهذا التعاطي السلبي حيث تعمد بعض دوائر العلاقات العامة والمكاتب الاعلامية على الاستخفاف او الاستهانة بالدور الحيوي الذي تضطلع به الصحف والمجلات والاذاعات والقنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وترفض التفاعل مع ما يتشر او يكتب فيها من مضامين تستهدف تقويم الاداء او الاشارة الى مكامن الانتهاكات والخلل والقصور وممارسة الوان الفساد وتهمل الاجابة عليها او تتأخر فيها لشهور عديدة حتى بات الكثير من الصحفيين لايعول على رد الفعل الحكومي لاي نشاط اعلامي الا ماندر وبالتأكيد فان مسؤولية الاهتمام بما ينشر في وسائل الاعلام يقع بالدرجة الاولى على الحكومة ممثلة بالوزراء انفسهم ومدى ايمانهم برسالة الاعلام ومدى احترامهم لدوره وبامكانهم توجيه مكاتب الاعلام في وزاراتهم بالتفاعل والاستجابة وعرض ما ينشر ويبث فيها امام ناظريهم وبشكل مباشر وسريع ومحاسبة الدوائر المعنية التي تتقاعس او تهمل متابعة مايسطره الصحفيون باقلامهم من انتقادات بناءة لاداء الموظفين في وزاراتهم ولابد ان يدرك المسؤولون الكبار في مؤسسات الدولة العراقية اهمية دور الاعلام في تقويم الاداء وسد الثغرات انطلاقا من حقيقة يعرفها الجميع تتمثل بان الاعلام هو العين الاخرى لهؤلاء المسؤولين في رصد مايخفى عليهم وفي جانب اخر لابد للحكومة ان تقدم الدعم والمساندة للمؤسسات الاعلامية المستقلة التي لاترتبط بعناوين حكومية او حزبية لانها الاقدر على تشخيص نقاط الضعف والقوة في مسارات الدولة بشكل حقيقي وبعيد عن اية مؤثرات خارجية تتعلق بالتمويل والتثقيف اما التهميش والاهمال لدور الاعلام فلن يجلب سوى المزيد من الفشل والمزيد من الانتهاكات والمزيد من الابتعاد بين المواطن والمسؤول ..وفي النهاية لايكفي ان الدولة منحتك الحرية فالاهم ان تتفاعل معك ومع ماتكتب وماتنشر وماتذيع وتستجيب لمضامينه البناءة.
د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة