تعثر مؤتمر «سوتشي» لحل النزاع في سوريا ومخاوف أوروبية من بقاء الأسد

المعارضة المشاركة في المؤتمر مقبولة من الحكومة
الصباح الجديد ـ وكالات :

تعثر انطلاق أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي في موعده امس الثلاثاء، وأكدت الخارجية الروسية أن الوزير سيرجي لافروف أجرى اتصالين هاتفيين مع نظيره التركي مولوود جاويش أوغلو لحل الإشكاليات.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن عضو اللجنة التنظيمية للمؤتمر، نائب مدير قسم المعلومات في وزارة الخارجية الروسية، أرتيوم كوجين، أن الانطلاق تأخر «بسبب انتظار عدد من المشاركين والمراقبين».
وأوضح :» طرأت بعض المشاكل المتعلقة بمجموعة من المعارضة المسلحة والتي حضرت من تركيا، وربطت مشاركتها بشروط إضافية. أجرى لافروف جراءها امس الثلاثاء اتصالين هاتفيين مع جاويش أوغلو، وحصل على تأكيد أن هذا المشكلة ستحل»، حسبما اوردت وكالة الأنباء الألمانية.
وذكرت الوكالة الروسية أن وفداً من المعارضة وصل أمس الاول الاثنين إلى مطار سوتشي، ورفض شعار المؤتمر الذي يحمل العلم الحكومي السوري و»غصن الزيتون»، وأكدت أن الوفد « ما زال « في المطار ولا يقبل الدخول حتى تغيير الشعار على بطاقات مشاركته إلى العلم ذي النجوم الحمراء.
وكان من المفترض بامس الثلاثاء ان ان يكون اليوم الخاص بمؤتمر الحوار السوري الذي دعت اليه موسكو في منتجع سوتشي الساحلي، بمشاركة مئات السوريين لفتح سبل الحل أمام نزاع مستمر منذ سبع سنوات تسبب بمقتل أكثر من 340 ألف قتيل.
وهو المؤتمر الأول الذي تقيمه روسيا على أراضيها بعدما لعبت دوراً بارزاً خلال العامين الماضيين في تغيير المعادلة العسكرية على الارض في سوريا مما أدى الى تراجع دور الولايات المتحدة والدول الأوروبية السياسي في ما يتعلق بالنزاع.
وأعلنت عشرات الفصائل المقاتلة المعارضة رفضها المؤتمر. لكن العديد منها، وكذلك هيئة التفاوض لقوة الثورة والمعارضة السورية، تعرض لضغوط مكثفة تركية وروسية للمشاركة في المؤتمر، وفق ما قال معارضون.
ويُعقد المؤتمر في سوتشي بموافقة ايران أبرز داعمي دمشق الى جانب روسيا، وتركيا الداعم الأبرز للمعارضة. وترعى الدول الثلاث منذ حوالي سنة محادثات في استانا بين ممثلين عن الحكومة السورية وآخرين عن الفصائل المعارضة ادت الى خفض التوتر في مناطق عدة في سوريا، وتطبيق اتفاقات هشة لوقف إطلاق النار، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ولن تشارك الحكومة السورية في الحوار من خلال وفد رسمي بل بأحزاب ممثلة فيها وأبرزها حزب البعث الحاكم حاضرة بعشرات الأشخاص. كما يشارك ممثلون عن المجتمع المدني في الداخل السوري.
وأعلنت الادارة الذاتية الكردية الأحد الماضي عدم المشاركة في محادثات سوتشي، متهمة روسيا وتركيا بـ»الاتفاق» على الهجوم على عفرين، المنطقة الكردية في شمال سوريا التي تتعرض لعملية عسكرية تركية واسعة منذ أكثر من أسبوع.
ولا تفاصيل عن آلية سير هذا الحوار. ويأتي بعد جولة فاشلة جديدة برعاية الامم المتحدة بين وفدين من الحكومة والمعارضة السوريتين في فيينا، تلت جولات عدة مماثلة في جنيف لم تؤد الى نتائج تذكر.
وتتهم المعارضة الحكومة السورية بالتهرب من التفاوض. وأعلن رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري السبت الماضي من فيينا عدم مشاركة الهيئة التي تمثل أطيافاً واسعة من المعارضة السورية، في محادثات سوتشي. وقال إن «النظام يراهن على حل عسكري، ولا يبدي رغبة في خوض مفاوضات سياسية جدية».
واصطدمت جولات التفاوض خصوصاً بالخلاف على مصير الرئيس السوري بشار الاسد الذي تتمسك المعارضة برحيله، بينما تعتبر الحكومة ان الموضوع غير مطروح للبحث.
ويقول المعارضون المشاركون انه حان الوقت للتخلي عن مسار جنيف بعد اصطدامه بعوائق عدة طوال سنوات لم تسمح بإحراز اي تقدم يذكر.
واعتبر المعارض السوري ورئيس تيار بناء الدولة لؤي حسين المشارك في المحادثات ان «الدول الضامنة (روسيا وتركيا وايران) تفتح مساراً جديداً ، وقد باتت متحكمة بلوحة الأمر الواقع في سوريا، وبالتالي ان كنا نريد ان نساهم بامر ما في خدمة السوريين، فعلينا ان نذهب الى حيث صناع القرار ،وفي مقدمتها روسيا».
ورأى حسين ان «مسار جنيف مات ، انتهى بانتصار طرف في معركة حلب قبل عام»، في اشارة الى سيطرة القوات الحكومية على كامل حلب ما شكل اكبر انتكاسة للفصائل المعارضة خلال الحرب. وقال حسين «هذا المؤتمر يقوم بالتأكيد على جثة جنيف».

لجنة دستورية
لا تتطرق مسودة البيان الختامي الذي تم اعداده الى مصير الرئيس السوري، وتؤكد أن الشعب السوري وحده يقرر مستقبله من خلال الانتخابات. ويعكس هذا الموقف بشكل عام موقف الحكومة السورية.
وتنص مسودة البيان الختامي للمؤتمر، تشكيل لجنة دستورية برعاية الامم المتحدة.
وأبدت دول غربية شكوكاً حيال المبادرة الروسية، وعبرت عن خشيتها من ان تهمش المحادثات الجارية بإشراف الأمم المتحدة، وان يكون هدفها التوصل الى اتفاق سلام لصالح الحكم السوري فحسب.
وأعلنت الولايات المتحدة وفرنسا عدم مشاركتهما في مؤتمر سوتشي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في مؤتمر صحافي امس الاول الاثنين ، «أعتقد أن (اجتماع) سوتشي لن (يسمح) أيضاً بإحراز تقدم، بما أن مكوناً رئيسياً سيغيب منذ البداية نتيجة رفض النظام التفاوض في فيينا».
وبعد تردد، أعلنت الامم المتحدة إيفاد مبعوثها ستافان دي ميستورا الى سوتشي، وقد وصل امس الاول الاثنين الى المنتجع الروسي.
أما أبرز الوجوه المعارضة المشاركة فتتمثل بهيثم مناع رئيس «تيار قمح»، ولؤي حسين، وأحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري والرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومنصة موسكو برئاسة قدري جميل، نائب رئيس الوزراء السوري الاسبق.
ويأخذ البعض على الاطراف المعارضة المشاركة بأنها مقبولة من الحكومة، وهي في غالبيتها، باستثناء منصة موسكو، غير مشاركة في مفاوضات جنيف برعاية الامم المتحدة.
في مطار سوتشي وشوارعها، علقت لافتات مرحبة بالوفود السورية كتب عليها عبارة «السلام للشعب السوري»باللغات العربية والروسية والانكليزية تحت شعار المؤتمر المؤلف من حمامة بيضاء اللون تحمل العلم السوري.
وشاهدت مراسلة فرانس برس في الفندق الذي يستضيف المشاركين القادمين من دمشق، عشرات الأشخاص يتوافدون بينهم ممثلون عن المجتمع المدني في الداخل السوري واعلاميون.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة