انطوت صفحة داعش في الاقل ضمن وجودها العسكري في العراق وسوريا الا من جيوب تقبع على الحدود , لكن وجودها المفخخ القابل للاستنسال له حضور واضح في عالم اللاهوت الاسلامي وهذا هو الاشد خطرا فبأمكان الثاني ان يعمل على التهيئة والتحفيز والتحشيد للاول عندها نعود من جديد لمشاهدة صور الذبح والدخان والدماء ,فالجهد الارهابي بمقترباته (المرجعية النصية للارهاب , مسار التنظيم ,رؤيته للقوى الاخرى) يمارس فعلا مزجيا في غاية الدقة كما ارى بين ثلاث نوافذ , الاولى نافذة لا تطل فقط على الماضي بل تعيش فيه مادحة اياه راغبة فيه مستجلبة له مستدعية اياه برغم فواصل الزمن واختلافات السياق , والثانية نافذة تعيش الواقع بروح الماضي مانحة لمنظومة التراث نور قداسة لا يمكن السماح لأحد مهما كانت صفته وتوجهه وشكله ومعتقده وغايته وامكاناته ان يشكك فيه ,والنافذة الثالثة هي اطلالة على مستقبل ستكون نتيجته الفلاح والنجاح من خلال تفعيل النافذتين الاولى والثانية , وبالتالي تدخل هذه النافذة في اطروحة ما يجب ان يفرض لان الرهانات حوله في بناء مستقبل ستكون واضحة النتائج تماشيا مع الوعي المحمول لمنظومة الارهاب بكل مدياتها ,ويجب ان لا يخفى علينا ان البطولة في التكوين العقلي العربي هي وبامتياز ملحوظ للذهنية الدينية لا سيما في شكلها الاسلامي , اذن وبواقعية نجد ان الغالبية العظمى من الشعب العربي الاسلامي هي منفعلة انفعالا ابستمولوجيا وانطولوجيا بالثقافة الدينية , حيث بدأت هذه الثقافة ببعدها الشعبي في مارثونها الدموي يوم برزت الثورات العربية المختلفة تحت ما يسمى (الربيع العربي) فقد شرعت المظاهر الدينية بأخذ حيز لا يمكن انكاره ما فسح المجال لبروز جماعات دينية عنيفة هي امتداد لمظاهر سبقتها في البروز كانت تعتمد على فكر متطرف غال على سبيل المثال تنظيرات سيد قطب حول فكرة الحاكمية وتكفير كل الحكومات , هذه التنظيرات قابلة للتفقيس حيث اولدت لنا ارهابا بمسميات عديدة على سبيل المثال لا الحصر (قاعدة , داعش) في محاولة لاسترجاع زمن اسلامي طوباوي كما يدعون والحال خلاف ذلك , فقدعملت المنظومة الارهابية على اتباع نهج دموي اقصائي تكفيري اوجد له مرجعية دينية نصية تتبنى خيار الفرقة الناجية وبشدة , وربما يعد هذا النص هو المجال اللاهوتي الحيوي المؤصل للفعل الارهابي الذي تمارسه جميع الجماعات الارهابية الاسلامية جاعلة من نفسها هي المثال الحي للفرقة الناجية والباقي امم هالكة او يجب اهلاكها وهنا نجحت هذه الجماعات في استدعاء ذلك الزمن من اجل غاية مفادها شرعنة الزمن الذي تعيشه حركات وجماعات الارهاب المعاصر وبالتالي الحصول على سيماء قداسة ذات تأثير ضمن منظومة التدين الشعبي لا التدين الواعي .
د . ناجي الفتلاوي
الإرهاب …تأصيل الذبح لاهوتيا
التعليقات مغلقة