خلافا لما كان يتمناه الكثيرون لم يرتقِ واقع الاعلام العراقي الى مستوى الطموح الذي كان ينشده دعاة الحرية والتعددية في النظام السياسي الجديد واذا كانت حقبة النظام الشمولي قد غطت باستبدادها وتفردها بالقرار على معالم الاعلام الحر واغلقت بوجه الصحفيين العراقيين اية منافذ للتعبير عن ارائهم الحقيقية فان سنوات مابعد التغيير كشفت هي ايضا عن مساوئ وعيوب في التعاطي مع حق حرية التعبير عن الراي وحرية النشروحرية الصحافة والاعلام بنحو عام ..وفي الوقت الذي لابد فيه من الاعتراف بان الدستور العراقي والاطر القانونية التي نظمت الحريات العامة في العراق قد منحت الاعلام العراقي فرصة عظيمة ومساحة كافية من الحرية بات الصحفيون العراقيون محسودين عليها من قبل اقرانهم من دول الجوار الا ان الممارسات والاداء المهني لشبكات الاعلام وادارة المؤسسات لوسائل الاعلام المختلفة قد انتهكت العديد من الالتزامات والمعايير الاخلاقية في سريان العملية الاعلامية وفي النشاط المتعلق بتدفق المعلومات ويمكن القول ان فقدان الرصانة وضعف الاداء في بعض مفاصل شبكة الاعلام العراقي تقف وراءه عدة جهات منها فوضى القرارات الحكومية الصادرة على مدى سنوات والتي تسببت بارباك كبير في هرمية هذه الشبكة والتدخل الحزبي في تفاصيل ومضامين العمل الاعلامي داخل مؤسسات الشبكة وفي المقابل تتعرض الصحف الاهلية والمستقلة والقنوات المملوكة من قبل الاحزاب والمؤسسات الاعلامية الخاصة هي ايضا الى مجموعة من التحديات والمصاعب التي اثرت وتؤثر بشكل مباشر على الاداء المهني وقد اسهمت الخلافات الحزبية والصراع حول المصالح المالية والتجارية كثيرا في عرقلة تطور هذه الصحف وهذه المؤسسات واصبح من الصعب الفرز بين من يؤمنون بان الاعلام رسالة سامية ومنفذ اصلاحي يمكن من خلاله المساهمة في تعزيز التجربة الديمقراطية وبين من ينظرون الى وسائل الاعلام على انها اداة لتسقيط الاخر ومغنم من المغانم المالية التي يمكن من ورائها الوصول والتأثير على مقدرات البلاد وابتزاز من هم في السلطة وبدلا من ان نرى تنافسا شريفا بين المؤسسات الاعلامية يعزز مسيرة الاعلام في العراق ويرتقي بالاداء المهني للصحفيين العراقيين طغت في الاونة الاخيرة ظاهرة الاحتراب والتنابز بين عدد من المؤسسات الاعلامية وتوجيه الاتهامات بين هذه المؤسسات تحركها دوافع سياسية ومصالح حزبية وفئوية ضيقة نتوقع لها ان تستمرمع اقتراب الانتخابات العامة وسعي بعض الاطراف فيها لتوظيف الخلافات السياسية وتسويقها من خلال قنوات فضائية وصحف وشبكات اعلام تخضع تحت سيطرتها اوتملك فيها وسائل التأثير ..مانريده حقا هو ان يتحلى اعلامنا بالوطنية وان يؤطر الصحفيون عملهم باخلاقيات المهنة وان لايتم الانجرار لواقع سياسي يكون ضحيته الاعلام ورسالته الوطنية السامية التي يترقبها ويرصدها المواطن العراقي في متابعته وانشداده للشاشات وفي مطالعته للصحف وانصاته للمذياع وقراءته لما يدون في مواقع التواصل الاجتماعي .وفي كل ساحات الاعلام الاخرى.
د.علي شمخي
رسالة ومسؤولية ..!!
التعليقات مغلقة