العدد في تزايد مستمر
بغداد ـ الصباح الجديد:
ما يقارب من المليونين ارملة ومطلقة في العراق على مدى 13 عاماً تعيش حرباً من اجل البقاء بهدف اعالة اسرهن بعد ان فقدن ازواجهن نتيجة تردي الوضع الامني والصحي او تخلي الازواج عنهن ، وهذا الامر القى بظلاله عليهن خلال هذه السنوات العجاف ، فضلاً عن استشهاد ازواجهن نتيجة الاعمال الارهابية ودفاعاً عن ارض الوطن بعد ان انضموا للقوات المسلحة والحشد الشعبي، مخلفين وراءهم اكثر من 600 الف يتيم بحسب آخر احصائية اصدرتها وزارة التخطيط والتعاون الانمائي، العدد المخيف للأرامل والمطلقات اخذ يشكل شريحة مهملة لا يتم تذكرها الى حين اقتراب مواعيد الانتخابات .
الى جانب ان هذه الاعداد قابلة للزيادة في ظل استمرار المعارك ضد الارهاب وان انتهت الحرب وأعلن النصر النهائي على عصابات « داعش « الارهابية، الا ان الارامل والايتام لا يلقون الدعم والمساعدة الحقيقية من قبل الجهات المعنية، اذ يعيش أغلبهن بمستوى معيشي متدنٍ مما دفعهن الى العمل او التسول، «الصباح الجديد» كان لها وقفة مع ذوي الشأن.
حكايات ومعاناة
حلا كاظم تروي كيف تلقت خبر استشهاد زوجها الذي لم يكن يقيناً، وتقول تم إخباري بأنه مصاب وحزنت على إصابته في البداية، ولكن بمرور الوقت أحسست بأنه يوجد شيء آخر أخفي عني، دعوت الله ألا يكون إحساسي صادقاً، نذرتُ نفسي بدلاً عنه، ولكن ما هي إلاّ ساعات وأخبروني بنبأ استشهاده نتيجة تفجير ارهابي كان يرتدي حزاماً ناسفاً في السوق، بينما كان زوجي يفترش بسطته في مقدمة السوق.
اما هديل كريم فتصف لحظات وصول جثمان زوجها وحبيبها الذي استشهد في معارك تحرير مدينة صلاح الدين، اذ كان ضمن الذين تطوعوا للدفاع عن حياض الوطن في صفوف الحشد الشعبي بالصعبة والطويلة، وعاشت لفترة آملة ان لا يكون خبر استشهاده صحيحا، وتضيف: انه كان يتمنى الشهادة ولم يفكر بعد استشهاده ما مصيرنا انا وبناته ونحن لا معيل لنا ولا نملك دخلاً يمكن ان يغنينا عن السؤال بعد رحيله.
فيما قالت اخلاص نعمة: الجميع يعلم حجم المعاناة التي نعاني منها فمنذ فقدت زوجي أمر بظروف صعبة، وفي مقدمتها الظرف الاقتصادي نتيجة عدم تسلم الراتب التقاعدي لأشهر عدة، وعدم وجود مصدر رزق آخر، فضلاً عن الضغوطات التي تواجهني والمتمثلة بالعادات والتقاليد.
أعراف وتقاليد
ومن بين المطلقات اللواتي التقيناهن، بينت سهى صالح: أنها تطلقت منذ عام وليس لديها اطفال وتعيش حاليا على راتب الحماية الاجتماعية الذي لا يتجاوز 250الف دينار لكل شهرين، وقد حاولت العمل الا ان ذويها رفضوا ان تعمل بحجة انها مطلقة والمجتمع سوف يحاربها ولن تسلم من السنة الناس في خروجها ودخولها للمنزل، مما جعلها تظل حبيسة الجدران.
من جانبها بينت هبة محمد: ان أصعب شيء هو وضعنا المادي، فأنا أتسلم راتبًا تقاعدياً لا يسد الاحتياجات الاساسية فيتلاشى بين العلاج والمعيشة ولتربية ابنتي ولإعادة جزء من أفضال الأقارب والأصدقاء علينا الذين ساعدونا مادياً في محنتنا.
وأضافت محمد: صحيح إن أهل زوجي يوفرون ما احتاج، ولكنهم أيضاً يعانون ظروفاً صعبة، واتمنى ان احصل على فرصة عمل لان العمل سيملأ جزء من فراغي ويشغلني عن أحزاني من جهة، ومن جهة أخرى سأوفر بعض المتطلبات لي ولابنتي، فليس هناك ما يعيب عمل ألأرملة، او المطلقة.
مستقبل مجهول
وتقول شهد علي: انها كرست حياتها لأطفالها والتفكير بمستقبلهم وتوفير ما يحتاجونه، وتضيف: احاول ان اعوضهم عن وجود الاب الذي فقدناه بعد اصابته بمرض عضال، مما جعلنا نضحي بكل ما نملك لعلاجه واليوم انا اعتمد على الراتب الذي تمنحه لي وزارة العمل، فضلاً عن كوني اعمل في المنزل خياطة لغرض توفير جميع احتياجات ابنائي ومصاريفهم.
عاطلات ومهجورات
فيما بين وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السواني في تصريح صحفي: ان دائرة رعاية المرأة التابعة للوزارة سجلت ضمن قاعدة بياناتها 447 آلف مستفيدة ضمنهن 214 ألف أرملة، و 100 والف مطلقة، و5000 زوجة محكوم، لافتاً الى وجود فئات اخرى مثل المهجورات والعاطلات عن العمل تتحمل الدائرة مسؤولية حمايتهن والاهتمام بهن.
إحصائيات رسمية
وقال المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريح لـ « الصباح الجديد»: ان عدد المطلقات بلغ 122 الفاً و483 مطلقة، منهن 105 الاف مطلقة تتراوح اعمارهن من 14 إلى 49 سنة، فيما كان عدد المطلقات بعمر 50 سنة فما فوق 17 ألفاً و432 مطلقة، مضيفاً، اما فيما يتعلق بعدد الارامل فقد وصل إلى 878 الفا و455 ارملة منهن 203 الاف ارملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفاً و198 ارملة بعمر 50 سنة فما فوق
ولفت الهنداوي: إلى ان مسح الامن الغذائي لعام 2016 الذي وفر لنا هذه الاحصائيات، لم يشمل محافظتي نينوى والانبار وكذلك قضاء الحويجة في محافظة كركوك وقضائي بيجي والشرقاط في محافظة صلاح الدين بسبب الظروف الامنية.
وأشار: إلى ان المؤشرات الخاصة بالأرامل والمطلقات لم تتضمن البيانات الخاصة بالمحافظات والاقضية المذكورة.
واكد الهنداوي: ان جميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعتمد البيانات والمؤشرات التي ينتجها الجهاز المركزي للإحصاء لان المسوح الإحصائية التي ينفذها الجهاز تجري وفقاً للمعايير العالمية المعتمدة من قبل الامم المتحدة.
وتابع أن: هذا يعد مؤشراً خطيراً وهناك معالجات وخطط لمساعدة هذه الشريحة المهمة، موضحاً أن هذه الأعداد ستدخل في أطار الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر.
محن الصغيرات
اوضحت الباحثة الاجتماعية نرجس النعيمي لــ» الصباح الجديد « إن مخاطر كثيرة تواجهها أسر الارامل في حال لم يتم احتواؤها، سيما وان أغلبهن ترملن بأعمار صغيرة ، ويواجهن تحديات المجتمع والحياة، بحسب قولها.
واضافت أن نساء بين 15 و20 عاماً، ترملن وبعضهن لم يمض على زواجهن سوى أشهر قليلة، وأخريات أمهات لأطفال صغار، مشيرة الى ان بعض أولئك الأرامل كانت تعيش في كنف عائلة زوجها، وهي عائلات فقيرة، كما انحدرت من اسر فقيرة أيضاً، أو عائلات مفككة لا يوجد بينها روابط أسرية، وهو ما يجعل منهن فريسة للابتزاز والاستغلال من ضعاف النفوس الذين قد يستغلون حاجتهن للعمل بهدف ايجاد مصدر دخل لهن ولأطفالهن في ظل غياب الدور الحكومي بتوفير حياة كريمة لهن.
دور المساجد
فيما يقول ساجد المخلف، امام أحد مساجد بغداد: إن «المساجد تلعب دوراً كبيراً في شمول المحتاجين بالرعاية، لكن وبحسب قوله «المساجد تعتمد على تبرعات المحسنين، وغالباً المناطق الفقيرة التي تكثر فيها العائلات المتعففة والأرامل والأيتام ولا تستطيع مساجدها سوى أن تقدم مساعدات بسيطة»، منوهًا : الى ان المساجد يجب ان تأخذ على عاتقها دوراً مهماً في متابعة شؤون الأسر المتعففة، داخل منطقتها الجغرافية، سيما الأرامل والأيتام.