لااحد يدري كم من الصحوات تحتاج هذه البلاد لتجاوز ازمتها ، والصحوات لدينا اشكال منها حكومية وعشائرية وشعبية وستكون غدا رياضية ، والحالة تعبر عن عمق الازمة التي نعاني منها اولا واحادية العقلية التي تنتج لنا حلولا احادية تبقي على جوهر الازمة وتتعامل مع ذيولها .. فقد ادت صحوات 2007 في الانبار الى طرد تنظيم القاعدة عسكريا من المحافظة ، لكنها ابقت على جوهر المشكلة ، ما اعادها (الازمة) الى الواجهة مرّة اخرى بعد سنوات من الهدوء المشوب بالحذر !!
الباحثون عن الحلول في الصحوات، الحكومية منها والعشائرية وغيرها من التسميات ما زالوا باعتقادي، ينطلقون من ارضية ان المشكلة في البلاد هي مشكلة عسكرية ، وان زيادة عدد البنادق وارتفاع مناسيب الدماء المراق على الارض ، هو الطريق الذي يوصل الى برالامان، بالرغم من ان كل التجارب العراقية وغيرها اثبتت بالملموس ان هذا الطريق هو جزء من الحل، سواء كان بالتعامل مع التنظيمات الارهابية او القوى المتمردة من اي صنف كانت ..
لقد حاول اللبنانيون ان يبحثوا في الخيار العسكري كحل وحيد لازمتهم السياسية البنيوية المعقدة، فتقاتل ابناء الوطن الواحد 15 عاما اراقوا في قتالهم انهارا من الدم ودمروا البلاد بالرغم من غابة البنادق والدبابات والاستقواءات الخارجية ، حتى ان الجيش الاسرائيلي بكل جبروته التسليحي، باجتياحه بيروت، لم يستطع ان ينهي مشاكله مع الفلسطينيين، ولم يستطع ان يساعد اللبنانيين على حل مشاكلهم، حتى جلسوا الى طاولة واحدة ، بعد ان تعبوا من حمل البنادق ، فاتفقوا على طريق الحل السياسي على علاّته ..
وحاولت السلطة السورية ان تحل مشاكلها مع معارضيها السلميين بالسلاح ، فتحولت المعارضة الى مسلحة وانبثقت داعش الارهابية واخواتها، وتعسكر الصراع وتدمرت البلاد ، رغم كل انواع الضخ التسليحي لكل اطراف الصراع الذي تحول تدريجيا الى صراع اقليمي بامتياز..
مثالان ، هما الاقرب الى الفهم واقعيا وزمنيا ، بامكانهما ان يعطيان لعقول الحلول العسكرية ان الطريق مسدودة وان تضاعفت البنادق وكثر الرجال وازدادت اعداد المقابر والارامل والايتام والمعوقين ..
نحتاج الى عقول تبحث في جذر ازمتنا ، تحفر فيها عميقا ، وتنتج منها حلول، تفرز القوى والشرائح الاجتماعية والعشائرية التي تبحث هي الاخرى عن الحلول السياسية وان رفعت السلاح .. نحتاج الى عقول تدرك وتؤمن ان هذا الوطن بستحق التضحية من اجله والتنازل لانقاذه ، والعمل الموحد العسكري والسياسي معا..
ضد المتمسك بالسلاح كخيار واحد ووحيد..
ضد التنظيمات الارهابية من داعش والنصرة والقاعدة ممن يكفرون حتى الوطن ..
ضد من لايريدون ان يسمعوا ولا يروا ولا يتكلموا …
ضد من لايريد ان يفهم لغة الحوار والطاولة الواحدة ..
عندها سيكون السلاح منتجا والصحوات ذات جدوى .. بغير ذلك ستكون هناك بندقية مقابل بندقية و تطوع مقابل تطوع ودم مقابل دم وصحوة مقابل صحوة..
وهي معادلة ستنتج لنا المزيد من الخراب وتفتح امامنا الكثير من الطرق المجهولة النهايات ..والثمن غال كما نشاهد ونرى ونتلمس وندفع !!
عامر القيسي