بقيت قضية فلسطين في الذهن العربي كقضية مركزية لعقود من الزمن وعلى الرغم من مرور مائة عام على الوعد الذي اطلقه وزير خارجية بريطانيا بلفور بتسهيل منح اليهود الارض في فلسطين وعدّها ارض اسرائيل الا ان المسار التاريخي والسياسي للاحداث والعلاقات بين العرب واليهود ابعد من ذلك بكثير وتمتد الى اعماق سحيقة للوجود الانساني في منطقة الشرق الاوسط والى مساحات واسعة من البلاد العربية ومنذ 1917 وحتى السنوات الاخيرة من القرن العشرين نشبت اكثر من حرب وانتفاضة بين الفلسطينين والاسرائيلين وبين العرب والاسرائيلين من بينها حروب مفصلية انتصرت فيها اسرائيل حينا وانتصر العرب فيها حينا اخر الا ان كفة التفوق العسكري بقيت في حيازة اسرائيل برغم التفوق البشري في نفوس السكان للبلاد العربية مجتمعة وحرصت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة في صنع الامن لليهود وبذلت جهوداً مضنية لربط النظام الاسرائيلي بالمصالح الاميركية والغربية ولعبت الولايات المتحدة الاميركية دورا مهما وحيويا في هذا الصراع انطلاقا من الوجود اليهودي في اميركا وانطلاقا من النظرة الاستراتيجية التي كان البنتاغون والسياسة الخارجية الاميركية يراها لموقع اسرائيل وتمتعها بميزات جغرافية وعسكرية وامنية داخل خارطة الشرق الاوسط عامة والخارطة العربية خاصة وطوال هذه السنوات الطويلة لم تفلح الانظمة العربية في خلق رؤية عربية موحدة لطبيعة هذا الصراع وايجاد سبل ناجحة لحسمه بما يحفظ حقوق الفلسطينيين في ارضهم واعتمدت هذه الانظمة اجندات متفرقة وخطابات منحرفة حاولت تضليل الشعوب العربية وتقسيم همومها وتطلعاتها نحو التعطاف والالتحام مع الهم الفلسطيني وتداخلت المصالح الفئوية الضيقة مع المصالح العربية الكبرى مما انعكس على الامن العربي وعلى المصالح العربية والعلاقات بين العرب ودول العالم الاخرى كما ان الاوضاع في داخل الاراضي الفلسطينية والخلافات السياسية العميقة في البيت الفلسطيني اسهمت الى حد كبير في تحول كبير في التفكير القومي و تبعثرالهم العربي المشترك واصبحت قضية فلسطين سببا في تشتت الجهود العربية ولم تعد قضيتهم المركزية التي تشغل بال منظومة الحكم العربي وحلت محلها مفاهيم التخويف والرعب العربي والتنابز والاحتدام والصراع بين الانظمة العربية ذاتها واسهم تنوع هذه الانظمة وتفردها في انتهاج اساليب الحكم والادارة في تمزيق اية اجتماعات عربية حول قضية فلسطين ووصل الامر الى احتلال دول عربية لاخرى وتهديد امنها الوطني والعبث باوضاعها الاقتصادية والسياسية ..واذا اردنا التعرف على الموقف العربي من قرار الررئيس الاميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الاميركية الى القدس بنحو حقيقي ومن دون تضليل فلا بد من المرور بكل محطات الصراع العربي – الاسرائيلي والتعرف بنحو عميق لما كان يجري داخل الدول العربية قبل ان يتم تقييم اية مواقف مستقبلية لهذه الازمة الجديدة.
د.علي شمخي
تضليل الحقائق !
التعليقات مغلقة