سوط السلطة !

النظام الديمقراطي في أية دولة يتيح لمنظومة القوانين أن تأخذ مداها التشريعي بما يمكنها من الوصول الى كل تفاصيل المهام والاعمال التي يزاولها الافراد داخل المجتمع ..وكلما قويت شوكة القانون ضعفت الانتهاكات والممارسات لمنظومة القوانين ..ومن المهم جداً ان تحرص السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على سريان تطبيق هذه القوانين على كل افراد المجتمع مهما كانت عناوينهم وهوياتهم ومناصبهم.
وحتى يمكن القول ان ثمار الديمقراطية اتت اؤكلها فلابد ان يتمتع كل العاملين في مؤسسات الدولة بالحقوق التي وفرها هذا النظام وفي مقدمتها الحماية القانونية من أية ممارسات او قرارات او ضغوطات تمارسها السلطة ممثلة بالاحزاب الحاكمة حينها يطمئن الجميع بان مظلة الدولة المتمثلة بمنظومة القوانين هي الحاكم الفعلي في البلاد .
وللاسف مايزال بلد مثل العراق الذي يتمتع دستوره الجديد بمساحات واسعة من التعددية ويتخذ من الديمقراطية عنواناً عريضاً في فعالياته السياسية مايزال بعيد جدا عن مضامين التجربة الديمقراطية الحقيقية وغير المزيفة فثمة انتهاكات يومية تفضح الادعاء بالانتماء الى هذه التجربة وثمة تطبيقات ومشاهد على ارض الواقع تؤكد وجود بون شاسع بين ماهو مشرع ومسطر في منظومة الانظمة والقوانين وبين مايجري التعامل فيه داخل اروقة المؤسسات ومفاصل الدولة وفي الحياة العامة ومن بين تلك المشاهد مايحصل من تجاذبات وممارسات في ملف الاتهامات بالفساد وتداول التصريحات بين مسؤولين كبار في هيئة النزاهة وزعماء احزاب او ممثليهم داخل قبة البرلمان او في وسائل الاعلام حيث تشيع في هذه الاجواء الضغوط السياسية وطمطمة الكثير من القضايا والملفات تبعا للمصالح الحزبية وتختفي وتضعف الكثير من الإجراءات العقابية التي يفترض ان تنال من الفاسدين او من الذين انتهكوا منظومة القوانين وتجاوزوا نصوص الدستور تحت ضغط وتهديد السلطة الحاكمة ممثلة بالاحزاب المتنفذة حتى باتت هذه السلطة تمتلك سوطا مماثلا لسوط النظام الاستبدادي الديكتاتوري الذي كان يجلد فيه مناوئيه ومعارضيه او الذين يعبرون عن وجهات نظر مخالفة لما يريد قوله او يؤمن به وخلافا لما تريده الديمقراطية يريد هؤلاء لسوط السلطة ان يحل محل سوط القانون وذلك هو الانتهاك الأعظم لما يسمى الديمقراطية ..
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة