حذام يوسف
منذ اول نظرة لعنوان الكتاب (الأمير عبد الاله .. شهيداً في العراق) تدرك تماماً جوهره وما تضمه صفحاته ال (288)، والتي طبعت بعناية واضحة من قبل الناشر (الذاكرة للنشر والتوزيع)، والتي ركزت بشكل كامل عن هذه الشخصية التي اختلف عليها الكثيرون مثلما اختلفوا على غيره من حكام العراق.
الكتاب جمع بين صفحاته عدداً من المقالات التي تناولت فيها سيرة الأمير عبد الاله وصفاته، وشجاعته ومواقفه من وجهة نظر الكاتب والباحث صفوة فاهم كامل، إضافة الى عدد من العناوين التي ضمها الكتاب هي مقالات ومقابلات مع عدد من الامراء والشخصيات الاجتماعية الخاصة التي واكبت حياة وسيرة الأمير عبد الاله، وحديث لا يخلو من حسرة على حياة انتهت بطريقة يراها الكثير من العراقيين بأنها كان ممكن أن تكون بطريقة أقل قسوة مما حصل.
الدكتور مؤيد الونداوي قدم للكتاب مبيناً ان ما كتب حتى الان عن شخصية الأمير عبد الاله ودوره السياسي هو قليل جدا « وما نشر عنه غالباً ما تم جمعه من حوادث وأخبار عراقية في معظم الأحيان كما لم تجر أي محاولة تتناوله بوصفه انساناً، عدا ما يقدمه لنا اليوم السيد صفوة فاهم كامل وعبر محاولة تتسم بالشجاعة»، ويرى الدكتور الونداوي ان هناك نقصاً واضحاً جداً فيما كتب عن شخصية هذا الأمير، الذي كان ولوعاً أن يبدو كإنسان متحضر ومهذب، وقد عبر عن ذلك من خلال شكل حياته اليومية وأصدقائه المحيطين به ، واغلبهم من الأجانب، وأيضا عن طريقة الملبس والمأكل وغير ذلك.
وكتب المؤلف في مقدمة الكتاب التي بدأها بجملة مؤثرة للأمير عبد الاله « نحن نقتل، لذلك لا أريد ذرية، لكن الهاشميين سيبقون»، بأن هذه الكلمات هي التي حفزت قلمه للشروع في كتابة وتأليف هذا المطبوع، الذي يؤكد عبر صفحاته، بأنه ليس سردا لسيرة ذاتية، لرجل قدر له أن يكون على الهرم السلطوي في العراق، بقدر ما هو بحث استقصائي لتسليط الضوء على النواحي الحياتية والإنسانية من خلال وقائع وروايات تظهر الجانب الاخر لرجل خدم العراق واحب شعبه وكان احد أعمدة الحكم الملكي فيه، له ماله وعليه ما عليه، الا انه ظلم ظلماً شديداً، وهذه من سخريات القدر من قبل عامة الناس وصغار السياسيين، وأصحاب الأفكار المتطرفة.
يبدو من خلال الاطلاع على تفاصيل المقالات الخاصة بالأمير، وبشكل جلي ان الكاتب (صفوت فاهم كامل) عاشق لشخصية الأمير ومنحاز له بشكل كبير، فهو يستعرض تفاصيل حياته وبشكل دقيق مثل (هواياته، شجاعته ومواقفه، حياته الخاصة، زياراته، وحياته الاجتماعية وميله للأجواء الريفية)، كما يؤكد الكاتب على ان الصور التاريخية التي ضمنها كتابه، استعارها من أصدقاء مقربين له، ومن بعض المواقع الالكترونية المتعاطفة والمساندة للعائلة المالكة.
تطرق الكتاب في صفحاته، الى ثورة 14 تموز، او كما يسميه المؤلف (انقلاب 14 تموز 1958)، والملابسات التي حصلت آنذاك، ويدرج في معرض حديثه، موقفا لسكرتير الأمير الشخصي حين قال:» ان الأمير عبد الاله واجه منذ اليوم الأول لتوليه السلطة ملابسات قدر متربص وظروف انشقاق خطير، وظل يسمع ما يقال عنه بأنه أجنبي، وطارئ على البلاد وعلى العرش، فيحز ذلك في نفسه وتعتريه كآبة أمير يتنكر له الناس، وهو فوق ذلك يحس بانه قد وصل الى نهاية المطاف، ولا أظنه يلام وهو في هذا الوضع النفي إذا آثر الخروج من بلد ثائر عليه».
حرص المكاتب على الاستعانة بوثائق وشهادات في مذكرات نشرت فيها احداث ومواقف لوزراء وشخصيات بمناصب حساسة، كانت تبيت الشر للعائلة الملكية وللأمير، منها مذكرات توفيق السويدي ( نصف قرن من التاريخ)، احد رموز العهد الملكي، رافق الدولة العراقية الحديثة منذ نشوئها أو حتى قبل ذلك التاريخ، عندما كان شاباً نشطاً يعمل باتجاه الاستقلال السياسي لبلده العراق، وهو مولود في بغداد عام 1892م في جانب الكرخ محلة خضر الياس، من أسرة عريقة، درس الحقوق في بغداد ثم إسطنبول حتى أصبح قاضياً كبيراً حيث عُين عام 1918م قاضياً لرئاسة محكمة بداءة الشام، ثم عميدا لكلية الحقوق في بغداد، ثم مديراً عاماً للعدلية.
أخيراً يؤكد الكاتب ان الاطلاع على صفحات الكتاب ستختزل للقارئ سيرة أكثر من ثلاثة عقود ونيف من تاريخ العراق الملكي المعاصر، ويوضح وجهة نظره من خلال التنويه الى ان « كل معلومة او واقعة أو حدث ذكر في هذا الكتاب، يختلف عليه القارئ أو الباحث ويساوره الشك سواء من المصدر أو من شاهد أو ناقل لواقعة ما، لا يتحملها أحد سواي، ولو من بديهيات الأمور والحقائق أن يختلف اثنان على حدثٍ ما، فكيف بحوادث وقعت قبل عقود من الزمن تجذبهم العاطفة والولاء أحياناً والاختلاف والكره أحياناً أخر، واذا ما كان هناك بعض الشوائب في الروايات، الا أن الجوهر يبقى ثابتاً حتما».
صفوة فاهم كامل
السيدة حذام يوسف طاهر المحترمة
بعد التحية والاعتزاز والتقدير،
فقد سررت كثيرا بتحليلك النزيّه لكتابي آنف الذكر والذي وصلني من احد الأصدقاء، وما اقتطفتيه من مقدمة الكتاب وبعض عنواين مواضيعه المختلفة.
كان الكتاب قد صدر في شهر آب من العام الماضي وأقيمنا له حفل توقيع في قاعة الأورفلي بعمان في نفس يوم صدوره وقد ترك صداه الطيب وأثره الواضح بين المهتمين والمثقفين وحتى الذين كانت أفكارهم متشائكة حول الفترة الملكية في العراق وتحديدا شخصية الأمير الشهيد عبد الإله.
أزجي شكري واعتبار الأخوي مرة ثانية على تحليلك للكتاب من خلال هذه السطور النيّرة ،وادعوك لقراءة كتاب الأخر الجديد الذي صدر قبل اربع اشهر الموسوم (عبد الرحمن عارف الرئيس البار) متمنيا لك كل الموفقية والأزدهار في خدمة الثقافة والإعلام. والسلام