«اكذب ، اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس» يقول الألماني جوزيف جوبلز مهندس ماكينة الدعاية الألمانية لمصلحة النازية، ويبدو المشهد اليوم ان عددا من ماكينات الاعلام وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في عراقنا قد تفوقت خلال السنوات الاخيرة من الاكاذيب على جوبلز نفسه وعبر قنوات فضائية مجهولة أو معروفة التمويل وكذلك الصحف والمواقع الالكترونية، بأدارة متفردة وترويج من الجيوش المرتزقة التابعة لها ، لاجل تسقيط الشخصيات وادارة النزاعات السياسية وخلط الاوراق وتشويه الصور ومقاطع الفيديو مستفيدة من مناخ الفوضى الاعلامية التي سادت البلاد بعد عام 2003، وتصديق البسطاء و السذج لاكاذيبهم.
معركة استعادة كركوك الاخيرة، ومغامرة استفتاء الانفصال، اظهرتا صوراً اكثر وضوحاً لتوجهات تلك المؤسسات في اصرارها على بث خطابات الكراهية بين القوميات والمذاهب بكل الطرق والوسائل، مستغلة المناخات المتوترة وتوجهات الحكومة الاتحادية لبسط الامن والسيطرة على المناطق المتنازع عليها ،فعمدت الى اساليبها ذاتها في محاولة لاحداث شروخ عميقة من التفرقة واذكاء روح الاستعداء بين القوميات، في وقت نحن احوج فيه الى اثبات الروح الوطنية وتعزيز الروابط والتعايش السلمي بين ابناء الشعب الواحد ودرء فتن الحرب والاقتتال وفتح نوافذ للحل وليس للتأجيج..
المشكلة هي انجرار المواطن البسيط بل وحتى البعض من رجال الاعلام والكتاب المعروفين مع تلك الخطابات وعادة مايكون التبرير للمخلصين منهم هو الحرص والغيرة على البلد فيما يفوتهم ان الهدف هو ايقاعهم في فخ النزاعات والكراهية واشغالهم عن تشخيص ومحاربة رؤوس الفساد الذين اوصلوا البلاد الى هذا المستوى من التراجع والفوضى والتفكك بين المكونات العراقية.
رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، وفي احد خطاباته الاخيرة تحدث عن القنوات الاعلامية التي تثير ارباكا للرأي العام وتعمل على تزييف الحقائق، وطالب بملاحقتها عبر الجهة المختصة وهي هيئة الاعلام والاتصالات فيما اغفل الكثير من وسائل الاعلام المحلية والمواقع الالكترونية التي صدعت وماتزال رؤوسنا عبر منهجها التسقيطي الواضح، والكثير منها تابعة لاحزاب اسلامية او اجندات خارجية بحكم مصادر تمويلها غير المعروفة.
ولان نصف المعارك اليوم يقودها الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فقد صار لازما ان تتولى هيئة الاعلام والاتصالات او اي هيئة مستقلة مراقبة عمل وسائل الاعلام على نحو سواء وليس بأتباع سياسة الكيل بمكيالين وكذلك وضع معايير السلوك المهني و مقاضاة أي وسيلة إعلامية تهدد السلم المجتمعي وتبث الكراهية العنصرية، والافادة كذلك من القوانين والمعاهدات الدولية التي نصت بشكل واضح على تحريم خطابي التحريض والعنصرية في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واجازت ملاحقة المحرضين قضائيا، وكذلك القوانين العراقية برغم تعطيلها وفقا لمزاجية المعايير فأنها في الواقع تجرم التحريض على العنف.
من امثلة تلك القنوات وكما شخصها العديد من زملاء المهنة واصحاب الكار موقع اخباري ممول من جهة مجهولة لكنه انتهج منذ بدايته قبل سنوات ممارسة لعبته المكشوفة والصفراء لاضفاء الحيل الاعلامية والاكاذيب بأسلوب وضيع ولايحمل اي رسالة اعلامية عدا التسقيط مستهدفا الجمهور ذا الثقافة المحدودة لاجل زعزعة ثقته واقناعه بالاكاذيب التي يروج لها او حتى التغطية على فشل سياسة حزبه .. وان كان التكرار هو احد هذه الاساليب فتراها تفتعل الكذبة وتأخذ اراء ناس كذابين ومجهولين ايضا وتضع الصور المفبركة ايضا والمضحك انها تضع العقوبات وتطالب بالاقتصاص كانها سلطة قضائية!.
ختاما اقول …ان اردتم تحقيق السلم المجتمعي حاربوا تلك القنوات الصفر اولا.
*كاتبة عراقية
افراح شوقي