الأدباء والمثقفون العراقيون بين مؤيد ومعارض حول استفتاء كردستان

أحلام يوسف

منذ اليوم الأول لإعلان رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني عن نيته لإجراء استفتاء حول انفصال الإقليم عن العراق وإعادة ترسيم خارطة العراق ولم تخل مواقع التواصل الاجتماعي او نشرات الاخبار من خبر او من تعليق او حتى من نشر فيديوهات قديمة لبرزاني ولقاءاته، تارة لدعم تأييد وتارة أخرى لدعم الرفض.
هناك من نشر ابحاثا عن تاريخ شمال العراق وسكنته الأصليين وهناك من نشر وثائق لاتفاقيات ومعاهدات تثبت ان من حق الاكراد بحث موضوع الانفصال وانه لا يوجد أي مخالفة قانونية فيه.

القاص محمد عواد
من وجهة نظري ان قضية الاستفتاء أراد بها مسعود التغطية على بقائه بالسلطة، على الرغم من انتهاء ولايته الدستورية، وكذلك ليجعل من نفسه بطلا قوميا بالنسبة الى الأكراد، وخاصة ان حلم تأسيس الدولة الكردية يداعب مخيلة الشعب الكردي بين الحين والحين الآخر، مسعود وقبل غيره يعرف ان الدولة الكردية لا تقوم بوجود تركيا، وإيران، وذلك لأسباب تتعلق بالأمن القومي لهما.
وربما استغل مسعود انشغال الدولة المركزية بقتالها مع تنظيم داعش، وانتهز الفرصة ليعلن عن نيته إقامة الاستفتاء ومن بعده ترسيم حدود كردستان من جديد. اقول ربما القادة الكرد لم يتعظوا من تجربة جمهورية ماهاباد عام 1945 ولما زال حلم الدولة يعشش في مخيلتهم، اعتقد ان مسألة الاستفتاء وإنشاء الدولة الكردية قد ولد ميتا حتى بضعف المركز ووجود سياسيين لا يهمهم وحدة أراضي العراق فهناك دولتين قادرة على اجهاض هذا المشروع

الكاتب والناشط عامر الدلوي
أنا وضمن توجهاتي الفكرية أؤمن وبشدة بحق الشعوب في تقرير مصيرها وحكم نفسها بنفسها ولا أرى اشتراطات ظرفية ( زمكانية ) ولا جيوسياسية لتنفيذ هذا الحق إنطلاقا ً من الفلسفة التي تقول بأن الإنسان هو الأثمن من كل شيء فلا التراب و لا الهواء أو الماء ممكن أن يكون بديلا ً عنه، و علي أن أحترم خيارات هذا الإنسان مثلما أحترمها أسلافنا ولا أتعكز على التاريخ في الأحقية بإمتلاك التراب، لأننا إذا ما أردنا ذلك و إعادة كل إلى أصله كما هو سائد في التفكير القومي المتأجج لدى البعض فعلينا بإعادة الأكراد إلى آسيا الوسطى و إعادة العرب إلى الجزيرة العربية و التركمان إلى أسيا الوسطى و ساعتها لا أدري إن كان علينا أن ننفخ في الصور لإعادة حمورابي و رهطه إلى الحياة ليعيشوا في بلد خالي من الناس.
لماذا لا يضع الجميع نصب أعينهم تجارب البلدان المتقدمة عنا بقرون في وسائل جذب المهاجرين، الذين يكتسبون جنسية تلك البلاد بعد فترة و يصبحون مواطنين من الدرجة الأولى دون أن يعيرهم أحد ( على المستوى الرسمي ) بأنهم « لفوة « كما يقول الناس البسطاء هنا عن « ابن العراق العظيم « عندما ينتقل للسكن مثلا ً من « بابل إلى البصرة « أو من « الديوانية إلى الموصل «، لأننا متى تجاوزنا عقدنا المتأصلة في نفوسنا بأننا العنصر الأعلى من الآخرين في سلم العيش المتحضر سنكون قد شرعنا في بناء وطن يكون مركز جذب للآخرين للعيش فيه و التنعم بخيراته لا الرغبة بتركه أو الانفصال عنه .
لكن عندما يكون الوطن عرضة للنهب و السلب و الفساد المالي و الإداري ولا تتخذ إجراءات لمحاسبة من سرقوا ثروات الأجيال القادمة و أرسلوا أبناء الفقراء لساحات الوغى ليعودا نزلاء في مقبرة « وادي السلام « ولم يرسلوا أبناءهم إليها و اختفت تحت رئاستهم للحكومة ميزانيات سنين كاملة و فرطوا بأرض الوطن وسلموا المدن لتنظيم إرهابي و أغرقوا البلد بالقروض المهينة لصندق النقد الدولي والتي تجاوزت لحد الساعة 138 مليار دولار ليصبح نصيب كل مواطن عراقي من الدين العام أكثر من 40 الف دولار و مستوى المواطنين الذي يعيشون تحت مستوى خط الفقر بلغ فيه أكثر من 42 % و هم أحرار طلقاء دون أن يتجرأ أحد ليقول لهم على عينكم حاجب، ساعتها لن أتمكن من توجيه اللوم لأي ناحية في محافظة إذا ما أرادت أن تبحث عن وطن آخر .

الباحث الآثاري عامر عبد الرزاق
شمال العراق ليس ملكا للكرد، وأربيل مدينة سومرية اشورية، مازال شمال العراق المنطلق الاول لأولى حضارات بلاد وادي الرافدين قبل نزوحهم للوسط والجنوب بعدما كانوا يسكنون كهوف جبال شمال العراق قبل أكثر من 12 ألف عام قبل الميلاد وعندما اسس السومريين حضارتهم ومدنهم لم ينسوا أصولهم الاولى فقاموا ببناء المدن والمعابد والقصور في شمال العراق ومدينة أربيل أسست عام 2300 قبل الميلاد وتعني مدينة الالة الاربعة وفيما بعد أصبح شمال العراق الامتداد الحقيقي للإمبراطورية الاشورية وجميع مدن شمال العراق من نينوى وأربيل ومدن السليمانية ودهوك الان كانت جزءا من الاراضي الاشورية قبل 1500 عام قبل الميلاد وكانت أربيل مدينة مقدسة لدى الاشوريون يحجون اليها قبل كل حرب او انجاز، وللعلم أحبتي كانت أربيل مركز عبادة الالهة عشتار فهل الآلهة عشتار كردية وقد زرت قلعة أربيل في عام 2013 ووجدت بها بعثة تنقيب بريطانية والمسؤول الآثاري لقلعة أربيل أراني القطع الفخارية المستكشفة من قلعة اربيل بمختلف الحضارات التي مرت عليها وبشتى القياسات في عمق القلعة وما أدهشني وجدت تقريبا بعمق 13م اثار فخار العبيد والعبيد موقع اثرية في الناصرية امتددت به الحضارة لمختلف والفخار بمختلف الاراضي العراقية وبعمق 16م كما اذكر وجدت فخار اريدو وهو نوع من الفخار انتسب لمدينة اريدو وهي أقدم مدينة متحضرة بالعالم تقع الان في محافظة ذي قار وقد ادرجت على لائحة التراث العالمي العام الماضي، ويبقى العراق بتنوع حضاراته واختلاف أديانة ومذاهبة وقومياته نقطة قوة للجميع والعراق طبعا للجميع وليس هناك أي حق لأي مكون استقطاع جزء من ارضه لأنشاء دولة تقطع اوصال العراق العظيم الذي امتدت جذوره الاف السنين ولن نسمح بذلك .

الحقوقي سلام مكي
كثيرا ما يردد الساسة الكرد بأن الدستور منحهم الحق في اجراء الاستفتاء، وانهم استندوا الى الدستور في ممارسة حق تقرير المصير، لكن من دون ذكر الى أي نص استندوا اليه في كلامهم.
الحديث عن مدى دستورية الاستفتاء الذي اجري الشهر الماضي، لا يصمد حتى امام ديباجة الدستور، لا متنه، ذلك ان المادة الاولى التي تصدرت الدستور، حددت بنحو واضح وفصيح شكل وهوية الدولة العراقية، الدستور الذي اسهمت الأحزاب الكردية بنحو فعّال في صياغته وتشريعه، الدستور الذي من خلال تصويت المحافظات الكردية عليه، تم على ضوئه تقرير مصير الأكراد، وهو البقاء ضمن عراق اتحادي موحد.
الدستور هو عقد سياسي، واجتماعي، اطرافه السلطة والشعب. هذا الشعب ارتضى ان يكون ضمن إطار عام وهو الدولة العراقية، والكرد كانوا جزءا رئيسا من الشعب وما زالوا عراقيين مثلهم مثل ابناء الجنوب، والوسط، والمنطقة الغربية، فلا يمكن مخالفة بنود ذلك العقد مهما كانت الظروف.
المادة الأولى المتصدرة للدستور، نصت: جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة، ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري، نيابي(برلماني) ديمقراطي، وهذا الدستور ضامن لوحدة البلاد، هذا النص وغيره لا يقبل التأويل، ولا التحليل، فهو ومن خلال الاجراءات التي نص عليها، ضامن لوحدة الأراضي العراقية، وان رئيس الوزراء مارس صلاحياته الدستورية عبر النصوص التي تضمنها هذا الدستور في حماية وحدة الأراضي العراقية. اما بالنسبة للنواب والموظفين الذين اسهموا بالاستفتاء، فلابد من محاسبتهم قانونيا، كونهم خالفوا أهم نص دستوري وهو المادة الاولى، اضافة الى مخالفتهم لأحكام قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 الذي جرم الافعال التي تعرض أمن البلد، ووحدة وسلامة أراضيه للخطر، وهو ما فعلته السلطة القضائية عبر اصدارها لقرارات قضائية ضد من ثبتت مشاركته في الاستفتاء.
وبعيدا عن الآراء آنفة الذكر يبقى خيار السلم هو الأفضل والاجدى في ظل تلك الظروف الصعبة، لان هشيم الحروب دائما أجساد أبناء الوطن، ولا يمكن لاحد ان يختارها الا مجبرا، كردستان مثلها مثل بغداد، او مدينة، او محافظة عراقية، لا يمكن لأي وطني غيور، ومخلص لوطنه، ان يقبل التفريط بشبر واحد من ارض بلاده، لذا فأملنا بالخيرين والحكماء بإنهاء الجدل واللغط بطريقة متحضرة، أساسها الحوار، لان كل من يعيش على ارض العراق هو عراقي برغم انف الكل، والعراقي الحقيقي لا يمكن ان يقبل المساس باخ له في الإنسانية والوطن.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة