قذيفة

علي السباعي

قذيفة
كان معي جنديٌ إبان حـرب ثماني السنــوات فـي جبـــهةِ القتـــالِ ،
لم يكن مقاتلاً شرسـاً ، كــان عازفَ عودٍ موهـــوباً ، مُبدعـــاً، لا يجيدُ القتالَ… في أثناءَ المعــاركِ الطاحنـــةِ وما أكثرَها وفي أثناءَ اشتدادِ القصفِ كان يعزفُ لنا نحنُ إخوانَه المقاتليـن أجملَ الألحان ، يضربُ علــى عودهِ بلا تعــــبٍ ، بمتعةٍ وإبداعٍ أبداً لا يكررُ نفسَه … أُعلــــنَ وقـــفُ إطــــلاقِ النارِ في 8/8/1988 راحَ يدندن فرحاً بانتهائِها.. وإذا بقذيفـــةٍ إيرانيةٍ تسقطُ على موضِعـــه وهو يعزُف … تقتلٌه.

استجداء
أتسكعُ تسكعـــاً معرفياً … فـــي أحــدِ شوارعِ النــاصرية …
الناصريـــة التـــي هـــي أشد خراباً مـــن واســط القديمة …
واجهتني شابةٌ متعبةٌ … تستجدي المــــارة بكفين مقطوعتين.
داخل حسن

ذاتَ طفولةٍ …
كــان المطربُ داخل حســن « رحمــه الله « صديقــاً لوالــدي
الخياط … يأتــي لدكــانِ أبي يغنــي لــه يومياً … صباحَ كلِ
يـوم … كنــتُ أُصغــي لغنائهِ … وأحفظــهُ … كــان عملــي
حفــظ غنــاء داخــل حســن وأنا منهمكٌ بمساعدةِ والــدي كـي
لا يحــس داخــل حســــن « إذا حفظت غنــاءهَ جيداً أكرمني والــدي
أيمـا كرم وإذا لــم أحفظهُ جيداً أشبعني ضربــا « … ليـــلاً … أعيـــد
ما غنــــاه المطربُ داخــل حســن لوالدي الــذي يبـــدأُ بالسـكرِ .

صبي أسمر وحمائم بيض
شــابٌ رافدينيٌ يافــعٌ حالـــمٌ … طَموحٌ ،جلَب أَول أيـــام التحــرير خمس مئــــة حمامـــةٍ إلـى ساحـــة الفـــردوس ، ليحـــاكي ساحــةَ
النصرِ فــــي باريـــس بطيورِهـــا التـي تملأُهــا حيــــــاةً وهديـــلاً ،
مــلأ الفردوسَ بيماماتِه البيض التي تحلـــق سعيدةً مطرزةً سمـاء بغداد بالحــرية ، جــاء ثانـــي أيــام الاحتــــلال ليجـــــــد ثلاث مـــئة
وخمســـين حمامـــةً قـــد اختفت … ســأل ودمــوُعه مِلءُ مآقيه :-
من سرقَ طيورَ السلام ؟
أجابـــَه صبــيٌ اسمــــرُ صغيــــــرٌ يلهــــو فـــي الفـــردوس :-
– رجالُ الشرطة.

جدتي ومذيع التلفاز
كانت جدتي رحمها الله عندمـا
يظهرُ المذيعُ في التلفــازِ تَتَحجبُ
بعباءَتِهـا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة