انحراف برلماني !

النضج في العمل السياسي يكبح جماح الانحراف والتشويه في الاداء ويمنح العملية السياسية برمتها حصانة ومناعة بوجه الانتهاكات الكبيرة والصغيرة ..والقصور والفشل في هذا العمل تقع مسؤوليته بالدرجة الاولى على عاتق الكيانات والاحزاب الممثلة في قبة البرلمان وممثليها في السلطة التشريعية الذين يقع على عاتقهم صنع القوانين والقرارات وتشريعها او الموافقة عليها وتمريرها حينما تحظى بالحدود الدنيا من المقبولية وبما لا يترك آثاراً سيئة على مصالح الشعب وفي النظام السياسي المشوه تختل موازين الاداء وتتخلى احزاب وكتل سياسية عن دورها الراعي للمصالح الوطنية العليا وتضحي بالاهداف الكبيرة من اجل الاستحواذ على منافع خاصة تتيح لممثليها وجمهورها الاستفراد بهذه المصالح وفي العراق ثمة امثلة كثيرة تشير الى الانحراف في الاداء البرلماني في مجلس النواب بوصفه اعلى سلطة تشريعية وفي الوقت نفسه ثمة أحداث ووقائع مماثلة تشير لهذا الانحراف تقف وراءه بعض مجالس المحافظات ..ففي قبة البرلمان العراقي يتداعى ملف مفوضية الانتخابات وتتقاذفه اهواء ومزاجات ممثلي الاحزاب والكتل السياسية التي تصر على تعويق مسارات الاصلاح والتغيير في هذا الملف على الرغم من الاجماع الشعبي في رفض التجديد لهذه المفوضية وعلى الرغم من الدعوات والتظاهرات والاعتصامات التي شهدتها بغداد والمحافظات العراقية لاحلال مفوضية جديدة او اتباع اساليب جديدة تتيح للعدالة والنزاهة ان تأخذ مجراها في الانتخابات المقبلة ولربما كان هذا الملف واحدا من الملفات التي تشير الى الانحراف في الاداء البرلماني في العراق وعدم اتساقه مع روح النظام الديمقراطي المعهود في الانظمة السليمة وغير المشوهة واذا انتقلنا الى مجالس المحافظات فثمة مايشير الى شلل وتأزيم في عشرات الملفات التي تتعلق بمصالح الناس فهناك تنازع واسع بين الادارات المحلية لهذه المحافظات ومجالسها التشريعية حول قضايا وملفات جرى التثبت من الفساد فيها او ادانة عدد من المدراء والمسؤولين بارتكاب مثل هذا الفساد الا ان المصالح الفئوية الضيقة للاحزاب والكتل داخل هذه المجالس يقف عائقا امام معالجتها وحسمها من دون الالتفات لمصالح وسمعة المحافظة برمتها واذا جاز لنا ان نضرب مثالا لمثل هذا الانحراف والتشويه فان ملف مجلس ادارة مطار النجف يبدو مثالا حيا وواقعيا لما نقوله في هذه السطور وقد اثبتت تجارب العملية السياسية في العراق ان ضمان النجاح لكل مفاصل العمل والاداء يكمن داخل اروقة السلطة التشريعية بعناوينها في العاصمة والمحافظات فاذا صلحت صلح ماسواها واذا فسدت فسد ماسواها.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة