لن يقطعوا رأس العراق

قنبلة الاستفتاء التي اطلقها البارزاني امس الاثنين احدثت ضجيجا عاليا ليس على مستوى الوطن ، انما سُمع صوتها في الكثير من عواصم العالم ، فجاءت ردود الأفعال سريعة وقوية وكلها تدعو الى ضرورة ايقاف البارزاني عن المضي في تنفيذ مشروعه الانفصالي الذي يرمي من ورائه الى اقامة ( دولة) كردية اخطبوطية تقوم على اساس قضم الارض لاسيما المناطق الغنية بالنفط وضمها الى دولته ، بقطع النظر عن التداعيات الخطيرة والكبيرة لهذه الخطوة غير المحسوبة النتائج ، بل ان بعض العواصم هددت باستخدام القوة إن لم يتراجع (الانفصاليون) الكُرد عن مشروعهم هذا .. وبعضها شرعت باتخاذ اجراءات عاجلة تمثلت بغلق الاجواء والقيام بمناورات عسكرية على الحدود .. فيما راحت تصوراتنا تتخيل خارطة العراق مقطوعة الرأس ، وعدّ البعض ليلة الخامس والعشرين من ايلول بأنها الليلة الاخيرة لبقاء خريطة العراق بصورتها الجميلة المعروفة ..
كل المواقف كانت رافضة بقوة باستثناء موقفين اثنين ، الاول كان موقف رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم الذي لم يكن واضحا ، اذ لم يقم بدوره بوصفه حاميا للدستور ووحدة البلاد ، انما راح يمارس دور الوسيط بين بغداد واربيل ، وكل الذي فهمناه من الرئيس معصوم ، ان خطوة اجراء الاستفتاء جاءت من طرف واحد ولاتمثل اجماعا كرديا .. اما الموقف الثاني فكان لأحد طلاب الصف السادس الابتدائي وقد وجدته فرحا باستفتاء الاقليم ومن ثم انفصاله لاحقا عن العراق ربما خلال سنة او سنتين كما قال البارزاني ، وعندما اسأل ذلك التلميذ عن سبب فرحته بالانفصال ؟ .. يجيبني وبراءة الاطفال في عينيه : عندما ارسم خريطة العراق اجد صعوبة بالغة في ضبط خطوطها بسبب»اللوفات» الموجودة فوق في اعلاها ، وبالتأكيد سيكون رسممها اسهل بكثير فيما اذا تم قطع تلك المنطقة !!!
والمستغرب في قضية استفتاء (مسعود) والطريقة التي تعامل بها مع ردود الفعل والمواقف الوطنية والدولية ، هي طريقة ادارته لهذه القضية الخطيرة التي لا تهدد الاقليم وحسب انما تهدد امن العراق والمنطقة برمتها ، وهذه الطريقة تحيلنا إلى طرح بعض الاستنتاجات ، ومنها ، اما ان يكون الرجل لا يدرك المخاطر التي تحيط به نتيجة لإصابته بداء العظمة متخيلا حاله انه بطل الامة الكردية ، وهي ذات الاعراض التي اصابت صدام ودفعته بعد ذلك إلى غزو الكويت وكان ما كان مما اذكره وتذكرونه ، وهنا يجب ان يصار إلى اتخاذ اجراءات رادعة لمنعه من تدمير نفسه والآخرين ، او انه يؤدي دورا مرسوما له في اطار اجندة خارجية لإقامة دويلة كردية ، مقابل دويلة اسرائيل ، وما يعزز هذا الاستنتاج هو تشجيع تل ابيب لمشروع الانفصال ، وعندما نذكر اسرائيل فأنها بالتأكيد لن تغرد خارج اطار السرب الامريكي ، ومعنى هذا ان رفض واشنطن للاستفتاء ليس سوى كلام وحسب !! ،.. وأما الاستنتاج الثالث فهو ادراك البارزاني ان جميع المواقف الرافضة اليوم بشدة ستتغير غدا عندما تصبح امام الامر الواقع ، وقد قال ذلك صراحة ، معتبرا ان كل النتائج المتوقعة مهما كانت سلبية هي اهون بكثير من (مصير اسود مظلم) في حال بقائه ضمن العراق الموحد !! .. ومن المؤكد ان البارزاني عندما يتحدث هكذا و»بحيل صدر» فانه يعول كثيرا على ضم كركوك للإقليم ، ومن هنا يمكن اجهاض مشروع الانفصال ، فان نجحنا في اسقاط حلم كركوك ، سننجح في القضاء على المشروع الانفصالي ، لان موارد الاقليم النفطية من دون كركوك لا تكفي لسد نفقات عائلة البارزاني نفسه ، فيما سيبقى الشعب الكردي يعاني الامرّين وسيترحم على ايام العراق الموحد .
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة