مع ازدياد مخاوف المواطنين من تبعات الاستفتاء
السليمانية ـ عباس كاريزي:
بعد ان امضى ليلته واقفا بمركبته ضمن طابور طويل للتزود بالوقد امام احدى محطات التعبئة التي ازدحمت بالمركبات يقول محمد ابو كاروان، الذي كان موظفاً في احدى الدوائر الخدمية بمحافظة السليمانية وهو الان متقاعد لم يتسلم لحد الآن ستة رواتب من العام الماضي 2016 وستة رواتب من اصل راتبه الذي يفترض ان يكون شهريا للعام الحالي 2017 شهر تشرين، الى متى نظل نعيش في ظل ازمات ومشكلات ونعاني من تبعات الاخطاء التي يرتبكها السياسيون.
وبعد ان ادلى ابو كاروان بصوته في المركز الانتخابي المخصص له بمحافظة السليمانية، قال للصيباح الجديد،»انا اتمنى ان يكون قرار اجراء الاستفتاء صحيحا وان لايتحمل الشعب الذي انهكته الصراعات والاحتراب الداخلي والخارجي المزيد من المشكلات، كما اتمنى ان لايحصل حرب او نزاع مسلح بيننا وبين اخواننا العرب الذي لنا تأريخ طويل وتواصل وتلاقح فكري ونضالي وثقافي مشترك معهم.
وكان المواطنون في اقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها قد توجهوا مع ساعات الصباح الاولى، الى مراكز الاقتراح للادلاء باصواتهم في الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان، الذي جوبه بمعارضة ورفض دولي واقليمي، واعلنت مفوضية الانتخابات والاستفتاء في اقليم كردستان ان اربعة ملايين نسمة يحق لهم المشاركة في الاقتراع، وان هناك اكثر من 530 مركزا و12 ألف مركز للاقتراع في عموم مناطق إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها، توزعت على محافظات الاقليم، فضلا عن مشاركة 23 ألفاً و560 مراقباً من الكيانات السياسية ومراقبين دوليين، لمراقبة التصويت الذي بدأ في الساعة الثامنة صباحاً وانتهى في السادسة مساء، وفقا للتوقيتات التي حددتها المفوضية.
ومع ان اغلب التوقعات تشير الى ان (نعم) ستحصل على الاغلبية الساحقة في التصويت، بعد ان رفعت حركة التغيير والجماعة الاسلامية في ساعة متأخرة من مساء اول امس الاحد عن تحفظاتها تجاه المشاركة في الاستفتاء وخولت جماهيرها بالتصويت بما يروه مناسبا ويلبي مطموحاتهم بعد ان كانتا ترفضان المشاركة في الاستفتاء وابديا ملاحظات على الية وتوقيت وكيفية اجراء الاستفتاء.
التهديدات والضغوطات التي اطلقتها الحكومة العراقية ومارستها دول الجوار(ايران وتركيا) والاجراءات الرادعة التي ستتخذ وفقا لمسؤولين ايرانيين واتراك احدثت قلقاً وتوترا واضحاً لدى المواطنين الذين اقبلوا على الاسواق التجارية للتزود بالمؤن والمواد الغذائية والاستهلاكية بعد ورود انباء عن اغلاق محتمل للحدود بين الاقليم وايران وتركيا.
رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان بارزاني الذي ادلى بصوته في مركز خاص بالمسؤولين بمحافظة اربيل، بعث برسالة الى الحكومة العراقية ودول الجوار، وفيما دعا فيها الى احترام رأي الكرد في تحديد مصيرهم بما يروه مناسباً، اكد ان كردستان لم ولن تكون تهديدا على العراق ودول الجوار وانها ستكون عاملا للامن والاستقرار في المنطقة، وان الكرد ليسوا خطرا على العراق، وانما العقلية التي تحكم هي الخطر الاكبر على العراق، مؤكدا أن «العلم العراقي سيبقى الى جانب علم كردستان ولن تتم إزالته».
واضاف بارزاني ان الاستفتاء ليس لاعلان الاستقلال او تحديد حدود الاقليم في اليوم الذي يليه، انما هو رسالة الى دول الجوار والعراق مفادها ان شعب كردستان يريد تحديد مصيره، مجددا رغبة الاقليم باجراء حوار ونقاش مع بغداد حول جميع المسائل العالقة في عملية سلمية بعيدا عن العنف والتهديد.
وتابع بارزاني « لقد خطونا الخطوة الاولى اما الخطوات المتبقية لبناء الدولة ستتم عبر عملية تفاوضية طويلة مقبلة مع بغداد» بغداد تمثل عمقا استراتيجياً لاقليم كردستان، وستبقى كذلك ولا نريد ان تتدهور العلاقة بين الكرد والعرب».
بارزاني وبينما عبر عن اسفه للتصريحات التي اطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي والتي تضمنت تهديدا للاقليم، مشيرا الى ان هذه التصريحات تذكرنا بقرارات مجلس قيادة الثورة السابق، وهي ترمي لمعاقبة شعب كردستان الذي قال انه مازال جزءا من العراق، وتابع «نحن لسنا من يعمل على تقسيم العراق بل ان السياسات الخاطئة الفاشلة للحكومة العراقية، هي من جرنا الى الوضع الراهن، ويهدد بتقسيم العراق» واردف «فقط الجلوس على طاولة الحوار مع بغداد يمكن ان يحل الازمة الحالية، وليس فرض عقوبات او حصار على شعب كردستان، الذي سيتسبب بتوحيد وتمتين ارادة شعب كردستان وسيزيد من اصراره على ممارسة حقوقه كاملة.
وحول مصير المناطق المتنازع عليها خارج الاقليم عبر بارزاني عن امله في حسم مصيرها بالتفاهم مع بغداد مبيناً ان مدينة كركوك ستبقى مدينة لجميع المكونات يتعايشون فيها بنحو سلمي نافياً ان تكون قوات البيشمركة تحتل كركوك او غيرها من المناطق المتنازع عليها، وانما هي دخلت لحماية اهلها وسكانها من ارهاب داعش .
من جانبه استبعد رئيس حراك (كلا) للإستفتاء في الوقت الحاضر شاسوار عبد الواحد بعد ان ادلى بصوته في استفتاء استقلال كردستان، ان يفضي الاستفتاء الى شيء يذكر من الوعود التي قطعتها القيادة السياسية الكردستانية بتأسيس دولة كردية.
وأكد عبدالواحد أنهم عندما يصوتون بـ»كلا» في الاستفتاء فهذا لايعني أنهم يقفون بالضد من استقلال كردستان، لكنهم يعرفون أن نية القيادة الكردية من إجراء الاستفتاء ليست إعلان الاستقلال.
وفي معرض ردود الفعل المناوئة لإجراء الاستفتاء قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس الإثنين إن الأزمة في الإقليم الكردي بشمال العراق بلغت ذروتها، مؤكدا أن «بغداد ستكون الجهة التي سنتحاور معها بشأن تداعيات الاستفتاء».
وتطرق يلدريم في مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية التركية، إلى استفتاء الانفصال الجاري اليوم في الاقليم، قائلا « بالفعل وصلت الأزمة إلى نقطة اللاعودة، وهي بداية مرحلة تطورات جديدة وغير جيدة».
وأشار يلدريم إلى أن عناد إدارة الإقليم وإصراره على تنظيم الاستفتاء مهدا أرضية لصراع ساخن في المنطقة.
وكان رئيس الاقليم المنتهية ولايته مسعود بارزاني قد قال في مؤتمر صحفي اول امس الاحد» لسنا تهديداً للأمن القومي التركي وأثبتنا خلال 25 عاماً إننا عامل استقرار وأمن وتعاون ولا نرغب في أي تصعيد مع أنقرة أو طهران أو أي جهة آخر، مطالباً «جميع الأطراف بعدم شن حرب كسر الإرادة مع اقليم كردستان لأنهم لن يتغلبوا فيها».