رحمة بالطفولة 

لدي (عقدة)مستحكمة من استهداف الطفولة واضطهادها،فأكثر ما يؤلمني الى حد البكاء منظر طفل بائس أو حتى (زعلان)فكيف الامر إذا ما وصلت الى حد (بيع الطفولة)؟كان أشطر طالب معنا في المدرسة من عائلة فقيرة جدا ويحصل على أعلى المعدلات على الرغم من أنه ما أن يغادر المدرسة حتى نراه يحمل(صينية)على رأسه ليبيع الحلويات في الشوارع ولم يكن يأنف من ذلك وغالباً ما نشتري منه حباً بالمساعدة دون أن يشعر بذلك،وقد استطعنا أن نكمل دراستنا الجامعية،ولكن ذلك الطالب المتفوق دخل دار المعلمين الابتدائية في كربلاء

ليضمن مجانية السكن والطعام وتخرج ليعمل معلما يصرف على عائلته ..ولا زالت صورته شاخصة في بالي.

قرأت تقريراً يتناول ظاهرة تجارة بيع الاطفال في العراق سواء عن طريق أقناع الفقراء ببيع اطفالهم تحت ستار تبنيهم أو خطفهم وبيعهم داخل العراق أو خارجه ..وهنا نتساوى مع احدى الدول الافريقية التي أكتشفت ان مجموعة فرنسية تسرق الاطفال وتهربهم الى الخارج وتبيعهم!

وأكثرما ألمني أن التقرير أشار الى قيام رجل ببيع ولده بمبلغ300 جنيه استرليني لانه لا يملك ثمناً للطعام والسكن بعد تهجيره،وأن والدة الطفل قد انتحرت بعد سماعها خبر(بيع أبنها)…ترى هل يمكن أن نصدق أن مثل هذا الامر يحدث في بلد كالعراق وهبه الله كل مقومات الثروة والتقدم؟

باعتقادي أننا إذا أردنا قياس مدى (إنسانية)وتقدم أي بلد فعلينا النظر الى واقع الاطفال فيه وذلك لغرض رعايتهم وتنشئة جيل المستقبل على أسس صحيحة ،وليس لغرض تأليف روايات (أطفال بعد منتصف الليل)أو أفلام تبين مأساة الاطفال في بلد ما وانما من اجل رعايتهم فأذا كانت الطفولة سعيدة وتهيأت للطفل الاعتيادي ظروف التربية الطبيعية وسط عائلته،أو توفير مستلزمات الرعاية له في الاماكن المخصصة لذلك إذا كان مشرداً أو يتيماً خصوصاً الذين يفقدون معيليهم وسط موجات العنف.

ما فائدة أن ترى مسؤولا يتباهى بسياراته الحديثة التي(تسابق)الريح والزمن بينما يقف وسط الشارع طفل يبيع (علبة كلينكس)تحت أنظار ذلك المسؤول(المستعجل)للوصول الى عمله الذي من المفروض أن يكون في خدمة المواطنين وفي مقدمتهم الاطفال!

 

إن واقع الطفولة في العراق مزر،خصوصاً بعد فضائح بعض ملاجئ الايتام الذين كانت تسرق الاموال المخصصة لاطعامهم وإكسائهم،وكذلك من خلال ما نراه من مناظر البؤس في الشارع ونحن نرى اطفال القمامة الذين يبكرون في الخروج للبحث عن ما يستطيعون بيعه من فضلات القمامة!ألا لا نامت أعين أي مسؤول ،ولا هنأ بلقمة طعام أو شراب (مستورد)،ما دام هناك طفل مشرد فهويعرف كلياً أن (كشخته)تأتي على حساب بؤس هذا الطفل!هل الايمان بالله طقساً ومظهرا أم ممارسة بالاحسان والفضيلة؟

أمير الحلو

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة