الفرد شخصيته وتحدد مستقبله ,فطبيعة النفس البشرية غامضة وتكره الكشف عما يدور في ثناياها وعما تخبئه ,لأن التحديق بداخلها محبط ومواجهتها للحقيقة صعب ومعقّد ,لما تحمله من نزعات وأخطاء ,تجعل المرء عاجز محبط غير قادر على مواجهة الأمور، خائف من المجهول وليس بيده الخلاص،فيلتجأ الى الدين علّه يقدم له الراحة والأمان ، لايمانه بالرسالات السماوية التي تهدف إلى إصلاح الذات البشرية، وتهذيب سلوك الانسان.
عندما تفشل الجهود في التربية والتنشأة الاجتماعية يتأثر الفرد نفسيا، يتخبط ويتصارع مع ذاته ,فإذا انتصرت قوة الخير نجا من الكارثة ,اما ان افلتت من عقاب العقل تنحدر من بعدها نحو الحيوانية ,لذلك نجد بأن تدارك المشكلات ومدى خطورتها هي بإيجاد الوعي ,لأن مشكلة التعصب هي مشكلة جوهر وجود الكيان الإنساني .فالصراع الداخلي ينم عن اختلال في التوازن ,لذلك الفرد المتعصب هو بحكم المريض عقليا ونفسيا ,لما يتميزبه من جمود وتصلب في الرأي يقوده إلى العدوانية..
المشكلات والاضطرابات الشخصية تنبع أساسا من الفشل في تأسيس علاقة مع الآخر خاصة في غياب الفهم المتبادل ,من هنا تبدأ الأنانية والشقاء والمعاناة ,يسقط من بعدها ما بداخل الفرد من مشاعر أليمة ,تتحول إلى عدوانية وتعصب لتكون وسيلة للدفاع عن النفس ,بالرغم من انها تخيلات لدى المتعصب يصنعها من خياله ,ويبدأ في ممارستها عمليا ليصل من بعدها إلى التطرف والإرهاب.
الإنسان ليس شرير بطبعه ,لكن الظروف المحيطة به هي التي تجبره على القيام بتلك الأفعال الإجرامية ,فالارهابي ذو شخصية مضطربة نفسيا وعاطفيا ,رافض لأي نقض يعارض خطاه,غالبا ما يكون قد تعرض لإحباط في مراحل حياته ,جعلته يعاني من نقص داخلي ,يتخذ الدين ستارا له برغم أعماله المشينة التي تناقض الدين من حيث الإجرام وعدم الصدق وغياب الضمير والانحلال الخلقي.
.ان الفرد يحقق ذاته من خلال الجماعة , والشعوب ترتقي في وحدتها لتشكل حياة متكاملة ,لذلك نجد بأن العلاقة التي تربط الإنسان بالمجتمع هي علاقة ملؤها التفاعل والتبادل المستمر,ينشأ من بعدها التماسك والتداخل الاجتماعي بأشكاله الثقافية والاقتصادية والروحية وبهذا التفاعل يحصل التكامل النفسي للفرد والمجتمع ككل.
ايمان عبد الملك
الفهم المتبادل.. بوابة الوعي والخلاص
التعليقات مغلقة