ما بعد الطائفية !

لم تستوعب اربعة عشر عاما من التجربة السياسية في العراق هذا الافتراق في الرؤى والمصالح بين شتى الأحزاب والكتل التي تأسست بروح طائفية ..واذا كان شكل وصورة هذه الاحزاب قد تخفى تحت عناوين وطنية ورفع شعارات وطنية في السنوات الماضية فان الجميع ادرك ان المضمون والعمل الحقيقي كان مبني على اسس طائفية وشهدت جميع الدورات الانتخابية على المستوى التشريعي والتنفيذي اقترابا وابتعادا صيرورته الابتعاد والاقتراب الطائفي ومن المؤسف ان النخب الحاكمة في العراق لم تكتف برسم خططها وبرامجها ونهجها داخل الاحزاب ولم تكتف بتثقيف اتباعها ومؤيديها بهذا النهج بل انها عمدت الى تبطين سياساتها بمنهجية طائفية وصولا الى اعماق المستويات الدنيا من الجمهور وتغلغل خطابها كثيرا في المفترقات المذهبية، ولم يقترب طوال هذه السنوات الطويلة من المشتركات المذهبية التي تجمع العراقيين وجمعتهم خلال تاريخهم السياسي وانبثاق دولتهم الممتد لعشرات السنين وتناغمت مع هذا التنافس الطائفي والتباري في كسب تأييد الدول المجاورة للعراق وعمدت جهات متنفذة فيها على تغذية الخطاب الطائفي بما يمكنها من مد اذرعها داخل الشأن العراقي وفي كل جولة انتخابية يجري استحضار الدعم الاقليمي للاحزاب والكتل تحت الشعارات نفسها وتحت المصالح نفسها بما يوسع من مساحات الافتراق العراقي من دون ان تعي هذه الاحزاب وهذه الكتل الهوة الكبيرة التي صنعها من خاضوا في الطائفية ومن امتدوا على بساطها ومن احتموا بها على حساب اشعال نيران الفتن والحرائق التي طالت مناطق مختلفة في العراق بما مكن العصابات الارهابية من تحقيق حضور قوي في خضم الخلافات والنزاعات الطائفية وركوبها موجة الاختلاف وتعظيمها للافتراق وتوظيفها لمن كانوا ضحية هذا التشرذم وهذا التنازع ..اليوم ونحن نطوي صفحة الارهاب وبعد ان نجح العراقيون في كبح جماح هذا المد الارهابي والقضاء عليه بات من المهم ان يعيد دعاة الطائفية السياسية النظر بمشاريعهم وان يستعينوا بالله في استبدال نهجهم وخرائطهم وان لايصغوا الى الشيطان ووسوسته بالركون الى الخطاب الطائفي مجددا وقد حان الوقت لنتيح لكل الاصوات التي نادت وتنادي بتشكيل كتل وطنية عابرة للطائفية ان تأخذ دورها وان ندعم جميع الخيارات التي تقف امام حملة طائفية جديدة ينتظر كثيرون في الداخل والخارج ان تأخذ مداها في العراق وتقضي على ملامح الامل الذي يتسع مع انتصارات العراقيين على الارهاب ومع دعواتهم للاصلاح والتغيير وانهاء حقبة الفساد السوداء التي لن تنتهي مالم يستوعب العراقيين الدرس جيدا ومالم يتكاتفوا وينجحوا بمشروع وطني يواجه مشاريع اقليمة ودولية متعددة تريد حرف مسار النجاح العراقي نحو فشل جديد.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة