التكامل في السلطات ركيزة اساسية تبنى فيها الاوطان وتزدهر فيها الدول ..وتضعضع او ضعف واحدة من هذه السلطات ينزاح على اوتاد الدولة الاخرى ويسهم في تفاقم مشكلاتها السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية ومهما امتلكت الدول من عناوين القوة والثبات في سلطاتها التنفيذية والتشريعية يبقى القضاء وسلطة القانون ونزاهة المحاكم والعاملين فيها الوتد الأعظم والأكثر تأثيرا على السلطات الأخرى ولربما سادت امم ونهضت واكملت مسيرتها التاريخية بحيازتها العدالة فقط وتثبيتها لاركان هذه العدالة في مفاصل الدولة ومساواتها للناس من دون تمييز وتفريق وتأثير ..اليوم تتصدر المشهد العراقي مظاهر الانحلال في اروقة العدالة وتتباين المضامين في قرارات المؤسسات المعنية بتطبيق القانون بما يزرع الشك وفقدان الثقة بنزاهة بعض القائمين على هذه المؤسسات ويمتد هذا الانحلال مع انسلاخ العراق من النظام الديكتاتوري وانبثاق سلطاته التعددية والفصل بينها وتأسيس مجلس القضاء الاعلى وفك ارتباط السلطة القضائية بوزارة العدل وانبثاق هيئة النزاهة كمؤسسة تنفيذية جديدة اوكل اليها مطاردة وكشف السراق والمتحايلين على القانون وكان من المؤمل ان تسهم هذه التطورات المفصلية والمهمة في انطلاق عهد جديد يمكن العراقيين من تلمس صور الاطمئنان على حاضر ومستقبل بلادهم وتحقيق المساواة وانهاء سلطة الخوف والتأثير على المحاكم وتجريدها من قوة القانون مثلما كان يهيمن النظام الديكتاتوري على هذه السلطة ويبطش بكل العناوين الاخرى التي تقف حائلا امام مايريده من قرارات واوامر لكن الذي حصل للاسف خلال اربعة عشر عاما هو التخلي عن حزمة من العهود وتراخ كبير في تثبيت وتنفيذ ماتم اقراره في الدستور العراقي وماتم الاتفاق عليه بواسطة الاطراف السياسية الحاكمة حول سيادة القانون وتطبيقه بدقة ونزاهة وشفافية وباتت قصص التملص والالتفاف والتأثير على السلطة القضائية قصصا شائعة يتندر فيها المواطن العراقي مع استمرار هذا المسلسل الطويل من الانتهاكات والتمرد على سلطات الدولة وشيوع مظاهر الفساد والاستيلاء على الاموال العامة وتبديد ملايين الدولارات من ثروات البلاد خلافا لنصوص التعليمات والقوانين النافذة في الدولة العراقية والاستهتار ببعض بنود هذه القوانين وتمكن عشرات المسؤولين المتهمين بالسرقة وبشتى العناوين من الهرب الى خارج العراق من دون ان تفعل بحقهم اجراءات الملاحقة القانونية وبقائهم احرار طلقاء يتنعمون بما استاثروا به من اموال عدوها هم مغانم لهم ويتلاشى الامل هنا في الاقتراب او الوصول الى قضاء حازم ينهي هذا المسلسل الطويل من الاهمال ويوقف الاتهامات ووصم الدولة بالضعف والتراخي ويبعث برسائل الخوف الى اللصوص المتربصين الذين يتحينون الفرص في كل يوم للانقضاض على المزيد من اموالنا وثرواتنا .
د.علي شمخي
قضاء حازم !
التعليقات مغلقة