تنظيم “داعش” قتل وأسر الآلاف بسبب عقيدتهم
متابعة الصباح الجديد:
أحيى الايزيديون في العراق ذكرى الهجوم الذي شنه ضدهم تنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات والذي وصفته الأمم المتحدة بأنه إبادة جماعية لكن محنتهم ما زالت مستمرة رغم طرد المتشددين الإسلاميين من أراضيهم.
وطرد المتشددون من آخر معقل لهم في أراضي الايزيديين في شمال العراق في مايو أيار الماضي لكن أغلبهم لم يعد بعد إلى القرى التي فر منها عندما اجتاح التنظيم المتشدد سنجار في صيف عام 2014 فقتل وأسر الآلاف بسبب عقيدتهم.
وما زال تنظيم “داعش” يحتجز نحو ثلاثة آلاف امرأة وطفل من الإيزيديين في حين تتنافس فصائل مسلحة متناحرة ورعاتها في المنطقة على السيطرة على سنجار. كما أن تحقيق العدالة في الجرائم التي تعرض لها الايزيديون ومنها الاستعباد الجنسي ما زال بعيد المنال.
وقال رجل لرويترز في الاحتفال الذي حضره ألوف الايزيديين يتقدمهم رئيس البلدية وعدد من كبار الشخصيات المحلية عند معبد في سفح الجبل في سنجار “جراح الإيزيديين ما زالت تنزف”.
وأضاف “الحكومة العراقية والكرد يتشاحنون على سنجار ونحن ندفع الثمن”.
وقالت لجنة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة إن تنظيم “داعش” ما يزال يرتكب إبادة جماعية بحق الأقلية الايزيدية في العراق وإن العالم ما زال متقاعسا عن القيام بواجبه في معاقبة المجرمين.
وأضافت اللجنة في بيان “الإبادة الجماعية مستمرة ولم يتم التصدي لها إلى حد بعيد رغم التزام الدول… بمنع الجريمة ومعاقبة المجرمين”.
وقتل مسلحو تنظيم “داعش” ألوف الأسرى من الرجال أثناء هجومهم على الايزيديين وهم طائفة تضم عقيدتهم عناصر من العديد من الأديان القديمة في الشرق الأوسط. ويعتبر تنظيم “داعش” الايزيديين من عبدة الشيطان.
ونشرت صور الايزيديين الفارين وقد تناثروا على الجبل تحت حرارة الشمس الحارقة في مختلف أنحاء العالم مما دفع الولايات المتحدة لتوجيه أولى ضرباتها الجوية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
وأكدت دراسة وثقت عدد الايزيديين المتضررين، ويمكن اعتبارها دليلا في أي محاكمة بتهمة الإبادة الجماعية، أن 9900 ايزيدي عراقي على الأقل قتلوا أو أسروا خلال أيام من بدء هجوم تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014.
وأفادت الدراسة التي نشرت في دورية بي.ال.أو.اس الطبية أن 3100 يزيدي قتلوا -أكثر من نصفهم بالرصاص أو بقطع الرأس أو الحرق أحياء- ونحو 6800 خطفوا لاستغلالهم في الاستعباد الجنسي أو استخدامهم كمقاتلين.
وقالت الأمم المتحدة إن هناك تقارير تفيد بأن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يحاولون الفرار من هجوم تقوده الولايات المتحدة على معقلهم في الرقة بسوريا يبيعون النساء والفتيات الخاضعات للاسترقاق.
النزاع على سنجار
وتتنافس القوات التي طردت تنظيم “داعش” من سنجار حاليا على السيطرة علي المنطقة القريبة من الحدود العراقية مع سوريا وتركيا.
وسيطرت قوات البيشمركة الكردية على نحو نصف سنجار في عام 2015 وضمتها فعليا إلى المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي التي يأملون في تحويلها إلى دولة كردية مستقلة. ومن المقرر إجراء استفتاء على الاستقلال في سبتمبر أيلول لكن الحكومة في بغداد تعارض ذلك.
وحصل حزب العمال الكردستاني على موطئ قدم كذلك في سنجار واشتبك مع البيشمركة في وقت سابق هذا العام. وتسبب وجوده في المنطقة في جعلها هدفا لتركيا التي تخوض حربا ضد مسلحي الحزب على أراضيها منذ ثلاثة عقود.
وقال الجنرال أشتي كوجير قائد الشرطة الكردية المحلية المعروفة باسم الأسايش “الناس خائفون من العودة” وأضاف “منطقة (سنجار) أصبحت منطقة حرب”.
وقال كوجير ومسؤول محلي آخر إن المناخ السياسي يمنع المنظمات الدولية من العمل على إعادة إعمار وإعادة تأهيل سنجار مما يعزز مخاوف الايزيديين من العودة.
فالمياه تنقل بالشاحنات والكهرباء تأتي من مولدات خاصة والمدارس مغلقة واقرب مستشفى في دهوك على مسافة تقطع بالسيارة في نحو ثلاث ساعات.
وقال جلال خلف مدير مكتب رئيس بلدية سنجار لرويترز “نقص الخدمات والمشكلات السياسية تمنع الأسر من العودة”.
لعبة تبادل الاتهامات
قال محما خليل رئيس بلدية سنجار الايزيدي في كلمته في الحفل إن رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي هو المسؤول عن المأساة لأن في عهده اجتاح المتشددون الموصل واستولوا على أسلحة بمليارات الدولارات استخدموها في الهجوم على الايزيديين.
وألقى إيزيديون آخرون باللائمة على الكرد الذين كانوا يدافعون عن المنطقة في ذلك الوقت لفشلهم في وقف المذبحة.
وفي الحفل رفع البعض لافتات كتبوا عليها “أوقفوا إبادة الايزيديين”. وتدفقت الأسر على المقابر لإحياء ذكرى قتلاها. ووضعت النساء عصابات على الرأس تحمل عبارة “إبادة جماعية”.
وفي مدينة سنجار وضعت لافتات وملصقات في الميادين تعرض مشاهد مروعة من الهجوم الذي وقع قبل ثلاث سنوات.
وما زالت أجزاء كبيرة من المدينة التي كانت تضم كذلك مسلمين من الكرد والعرب خالية. وقال جلال خلف إن نحو ألف أسرة ايزيدية عادت إلى سنجار منذ استعادة المدينة في عام 2015. وكانت المدينة والمنطقة المحيطة بها تضم نحو 400 ألف ايزيدي.
وأعاد فرهان لازجين أسرته إلى سنجار قبل نحو عام لأنه سئم السكن في المخيمات.
وكان منزله في حالة جيدة نسبيا لكن طفليه خسرا عاما دراسيا وربما يخسرا أكثر لان المدرسين لم يعودوا للمدينة.
وقال زيدو شامو وهو واحد من قلة من أصحاب المتاجر الذين عادوا للمدينة إنه لم يعد يثق في قوات الأمن المحلية وأضاف “نريد حماية دولية” وهو ما يطالب به كثير من الايزيديين.
ورغم طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة يقول شامو إنه لن يشعر بالأمان حتى يتم القضاء كذلك على فكر التنظيم المتطرف. وأضاف “داعش هزمت لكننا ما زلنا قلقين لأن عقلية داعش ما زالت موجودة”.