ملفات في كهوف النسيان !

ملفات مهمة نامت طويلا فوق رفوف النسيان العالية ، وقد يأتي زمان يحار فيه الناس في معرفة عدد السنين التي لبثت فيها تلك الملفات في كهوف التأجيل !! . . ولعل من الملفات المهمة المؤجلة دوما هي ملف قانون النفط والغاز الذي وُلد عام ٢٠٠٧ ولكنه وُلد خديجا ليبقى حبيس الاجواء الترابية !! .. اما الملف الثاني فهو ملف اختيار رئيس وأعضاء مجلس الخدمة العامة الاتحادي الذي شُرّع قانونه في عام ٢٠٠٩ ، ومنذ ذلك الحين وبالرغم من انقضاء ثلاث دورات برلمانية الا ان كل تلك الدورات لم تفلح في اختيار ادارة للمجلس ليبقى القانون مجرد حبر على ورق ، وهو الذي يؤكد – القانون- ان تأسيس هذا المجلس جاء من اجل تنظيم شؤون الوظيفة العامة وتحريرها من التسييس والتحزب وبناء دولة المؤسسات وتشكيل مؤسسة مهمتها تطوير العمل في دوائر الدولة وبلورة القواعد والأسس السليمة وتأمين العدالة والحيادية وضمان معايير الكفاءة في التعيين .
المشكلة ان الحاجة الى مجلس الخدمة الاتحادي ربما لم تعد بذات الاهمية عندما تم اصدار القانون عام ٢٠٠٩ ، ففي تلك المرحلة كانت سياسة الحكومة تقوم على اساس المزيد من التعيين في مؤسسات الدولة بهدف خفض نسبة البطالة المرتفعة جدا ، وكان التعيين يجري من دون اعتماد أي معايير يمكن من خلالها تطبيق مبدأ «الرجل المناسب في المكان المناسب» ، فغصت مؤسسات الدولة بالموظفين وترهل الجسد الحكومي بنحو لم يسبق له مثيل ، وكان ذلك في زمن البحبوحة النفطية ، اما اليوم وبعد الظروف الاقتصادية التي مر ويمر بها العراق فقد اختلفت التوجهات العامة للحكومة ، فالتعيينات قد توقفت بنحو شبه كامل منذ عام ٢٠١٥ ، وبالتالي فان دور مجلس الخدمة الاتحادي ، لو قُدّر له ان يرى شمس آب اللهاب ، لم يعد مهما كما لو كان في عام ٢٠٠٩ ..ولكن الادهى والأمّر من هذا كله ، وعلى الرغم من ان قانون المجلس يؤكد على تحرير الوظيفة العامة من التسييس – وهنا تسقط. ألعبرات – فأن المعلومات المتواترة تفيد ، ان مجلس النواب لم يصوت على رئيس وأعضاء مجلس الخدمة ليس لأنهم غير اكفاء ، فبعضهم – وأنا أعرفهم – يتمتعون بكفاءة وخبرة ونزاهة تمكنهم من اداء مهامهم بنجاح ، انما لأنهم مستقلون ولا يمثلون الكتل والطوائف !! بل والانكى من هذا وذاك ان سبب عدم التصويت على السيدة التي رُشحت لمنصب رئيس المجلس ، كان لانها : (امرآة ومن طائفة غير التي يجب ان يكون الرئيس منها بحسب تقسيم الحصص ، فضلا عن كونها مستقلة) !!! .. فكيف لنا ان ننتظر من مؤسسة مهمتها اخراج الوظيفة العامة من التسييس والتحزب وإدارتها يتم اختيارها على وفق مبدأ التسييس والمحاصصة ؟؟!!.. لذلك قرر مجلس النواب عدم التصويت على الأسماء المرشحة من قبل مجلس الوزراء وطلب اعادة النظر بالمرشحين و»وجوب» ان يراعى في الاختيار تمثيل الكتل والطوائف !! .. ووفقاً لهذه المعطيات فإننا لسنا محتاجين الى وجود مثل هذا المجلس الذي سيولد مسيسا محصحصاً ، كما ان الامور «ماشية» ببركة المحاصصة واهلها ، .. اما اليوم وبعد مرور ثماني سنوات على صدور قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي ، اجد من المناسب احالة هذا القانون الى التقاعد ومنحه مكافأة نهاية الخدمة وبنحو مضاعف لانه عانى كثيراً نتيجة الانتظار الطويل وشبع ترابا حتى اكفهرت ملامحه وفقد صلاحيته !
عبدالزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة