ثقافة النزاهة وآليات تطبيقها
فلاح المرسومي
نظّم المركز العراقي للتنمية الإعلامية ندوة عن « ثقافة النزاهة واليــات تطبيقــها « برعاية مؤسســة عمــار الخيــرية فــي أمســـية استثنائية وكانت بحضور لافت لنخبة من الإعلاميين والأكاديميين والمثقفين ورؤساء تحرير صحف ومراكز بحثية .
وافتتحت الجلسة بكلمة للدكتور عدنان السراج رئيس المركز أشار فيها الى ضرورة تحصين المجتمع والموظف العام من منزلقات الفساد لا سيما في الظروف الحالية التي يمر بها البلد .
بعدها قدم الدكتور علي ناصر رئيس مؤسسة عمار الخيرية عرضاً عن نشاط منظمته في الجوانب الإنســانية منذ تأسيسها عام 1991 ليتحدث بعده الدكتور علي الشلاه رئيس شبكة الإعلام العراقية داعياً الى عدم استعمال وسائل الإعلام كوسيلة لنشر ثقافة الفساد من خلال استعمال أسلوب الاعمام والتأكيد على إستقلالية المؤسسات القضائية والرقابية .
واعلن ان « ثورة شعبية حقيقية « لمقاطعة الفاســـد لأن الدولة أو أية منظمة لوحدهما غير قادرين على مواجهة هذه الظاهرة التي استشرت واستفحلت والتي اصبح الحل فيها اليوم معقداً وشائكاً وأن الدولة بحاجة كبيرة الى قرارات وجهود استثنائية لا بد لها من تحجيمه والقضاء عليه وأن يشترك به الجميـــع يرافقه وباخلاص انشاء ثقافة مجتمعية تخيف حتى الساكت عن الفاسد والفاسدين ليقف ويمارس بما يمتلكه من وسائل وإن بأضعف الإيمان لمواجهته وفضحه .
وكان حديث في هذا الموضوع لهيئة النزاهة من خلال كلمة لمحمود ســامي الجبــوري مدير عام العلاقات مع المنظمات غير الحكومية في هيئة النزاهـــة قدم فيها للحضور شرحاً وافياً عن مهام الهيئة وواجباتها بهذا الشأن والتكليف القانوني وفي محاور أربعة وقد أشار الى أن التقرير نصف السنوي للهيئة لهذا العام 2017 قيد الطبع معرجاً على تقرير الهيئة لعام 2016 شارحاً فيه وبالارقام تجاوزات الفساد المالي في مرافق الدولة ، مبيناً أن عدد الابلاغات كان 2001 حسمت جميعها والإخبارات كانت بعدد 4202 حسم منها 3243 إخبارا والقضايا الجزائية كانت بعدد 11325 قضية حسم منها 8316 قضية أي بنسبة انجاز لكل ماحسم بحدود 78% .
وكانت اصدارات القبض 5548 اصدارا منفذ منه 3372 قبض منها بحق 50 أمر قبض بحق وزراء والمنفذ منه 38 أما عدد اصدارات القبض بحق مدراء عامين ودرجات خاصة فكان 512 أمر قبض منفذ منها 351 أمرا ، وذكر أن من شملوا بالعفو كان عددهم 193 في قضايا فساد متنوعة ، مشيرا الى أن المتهمين المحالين بقضايا الفساد 2512 منهم 16 وزيراً وعدداً من أصحاب الدرجات الخاصة ، وأن الأسماء معلنة في موقع هيئة النزاهة ، مؤكداً أن 70 ملفاً تم فيه استرداد المال العام المهرب وأرقاماً عن المبالغ المستردة الى خزينة الدولة والتي قاربت من الترليونين دينار .
بعده تحدث الدكتور جابر الجابري الوكيل الأقدم لوزارة الثقافة مذكراً أن الفساد ليست ظاهرة حديثة حيث أنها وجدت مع وجود الانسان الأول على الأرض ومبيناً بالدليل على ذلك في آيات من كتاب الله العزيز عليها ومحذراً منها سبحانه وواعداً فيها بالعقاب والعذاب الشديد للمفسدين في الأرض وأن الفساد موجود في كل نواحي الحياة وفي كل المؤسسات من أعلى الهرم فيها الى أدناه ، ومن هنا نجد أن المرجعية الدينية العليا وكل تصورات وأفكار المؤسسات المجتمعية تؤكد على أن الفساد أشد خطورة وفتكاً في تدمير المجتمع وأنها مع شدة وقسوة ما تعرضنا له من داعش فان الفساد أشد خطراً منها .
واشار الدكتور الجابري الى فساد الرأس وضعف الاجراء القانوني لمحاربة الفساد وأن على النخب مسؤولية عظيمة في دق جرس الخطورة ومن أعلى وأوسع المنابر وبأعلى الأصوات لغرض تحفيز وتجنيد الجميع كل من موقعه ليكون له شرف القاء الفاسدين خارج مؤسسات الدولة لأنهم نخروا جسد الدولة ولا بد من تشخيصهم وملاحقتهم وعزلهم ورميهم في السجون واحقاق الحق الشرعي والقضائي في إعادة المال العام واسترجاعة لأهله في خزينة المال العام .
وأجمع المتحدثون في تعقيباتهم واغلبهم من نخب الصف الأول في مؤسسات الدولة في مهن وانتماءات شتى الى أن الفساد الاداري مفتاح لأوسع ابواب الفساد المالي وعندما تتضارب المصالح في السلطات والمقدرات للمهيمنين والمتنفذين فيها أفراداً أو منظمات أو مكونات أو أحزابا مهيمنة وذهبوا بعيداً في تشخيصاتهم لأوجه الفساد الذي أضعف أداء المؤسسات وذلك من خلال تعيين الأقارب في الداخل والخارج من دون الاعتماد على من هو الأكفأ في اداء وظيفته وحتى في اختيار ممثلين البلد في الخارج لتكون الصورة في المنظور المحلي والعالمي كما يوصف به عراقنا اليوم وللأسف بأنه الأسوأ من بلدان العالم في الفساد .
وأكد الجميع على توحيد جهة القضاء ودور المدعي العام بدلاً من تشتت وتعدد المحاكم وجهات التفتيش العام الذي بات في الغالب قاصراً في أداء مهامه لاسباب متعددة موضوعية وذاتية وصار يشكل عبئاً على الدولة وخزينتها .