وضعت خارطة طريق لإقامة اتحاد للأمن
بون ـ جاسم محمد
شهدت المفوضية الاوروبية حراكاً سياسياً واسعاً، منذ انطلاق التحالف الدولي لمحاربة الارهاب في سبتمبر 2014، حاولت خلالها المفوضية الاوروبية، اعادة سياساتها باصدار قوانين وانشاء وحدات جديدة، تدعم دول الاتحاد لمواجهة التهديدات الامنية، ابرزها المقاتلين الاجانب وموجات الهجرة غير الشرعية.
اتخذ اعضاء البرلمان الاوروبي، مطلع شهر يوليو 2017 ـ الشهر الجاري، انشاء لجنة مكافحة الارهاب داخل البرلمان الاوروبي، والتي تعد اعلى لجنة تشريعية. وتقوم اللجنة الجديدة بالبحث فيما هو مطلوب لتحسين التعاون بين الدول والمؤسسات الاتحادية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب في الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق مساعي تعزيز امن اوروبا، اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي، تعيين المفوض الأوروبي جوليان كينغ مفوضاً للشؤون الأمنية في الجهاز التنفيذي، خلال شهر سبتمبر 2016، ويفترض ان يستمر في منصبه حتى نهاية فترة عمل المفوضية الحالية في 31 أكتوبر 2019.
اتحاد للأمن في أوروبا
وضعت المفوضية الأوروبية خلال شهر مارس 2017، خارطة طريق لإقامة اتفاق اتحاد للأمن في أوروبا وتحدد الوثيقة أولويات مكافحة الإرهاب والأمن الأوروبي التي توجب تبني التدابير التي أوصت بها المفوضية الأوروبية. وقامت المفوضية بتنسيق قائمة الإجراءات اللمطلوبة لتشكيل اتحاد في مجال الأمن في أوروبا. ويتم تبادل المعلومات في إطار نظام «شنغن» المعلوماتي ومركز مكافحة الإرهاب الأوروبي التابع لليوروبول. واصبح الاتفاق بمنزلة النقطة الأساسية التي تحصل منها الهيئات الأمنية الأوروبية، على المعلومات الاستخبارية. ويقوم المركز بتحليل التهديدات وتقديم المساعدة في وضع خطط لمكافحة الإرهاب. ويضم بنك المعلومات أيضا المعلومات المتعلقة بالأشخاص الذين لا يحملون جنسيات دول الاتحاد الأوروبي.
قرر الاتحاد الأوروبي، يوم 22 يونيو 2017 ،اتخاذ اجراءات جديدة لمكافحة الإرهاب على منصات العالم الافتراضي، وإزالة المحتويات التي تتضمن موادا إرهابية، واتخاذ الإجراءات القانونية في هذا الإطار.
المنسق «جيل دو كيرشوف»
تعتمد المفوضية الاوروبية جهود المنسق «جيل دو كيرشوف» منذ عام 2007، يذكر ان هذا المنصب تم استحداثه في المفوضية عام 2004، وتتركز مهامه التنسيق مع الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي، لتنفيذ الاجراءات والسياسات الخاصة في مكافحة الارهاب، وفي الوقت نفسه اعتماد اجراءات خاصة بالمفوضية دون مشاركة الدول الاعضاء في مكافحة الارهاب، وعرفت المفوضيةالاوروبية بدورها في محاربة دعاية تنظيم داعش والجماعات المتطرفة على الانترنيت، وكذلك طلبها من خوادم الانترنيت ابرزها جوجل والفيسبوك وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ سياسات اوروبية واعتماد» ميثاق عمل اوروبي»، هذه السياسات ربما جائت اكلها نسبيا في محاربة التطرف ومكافحة ذراع داعش على الانترنيت.
موقع الكتروني جديد
اعتمدت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول)، مطلع عام 2016، موقعا الكترونيا جديدا ويهدف الموقع التعاون بين الشرطة داخل دول الاتحاد ووكالة يوروبول، إلى مساعدة السلطات في العثور على الهاربين عن طريق تقاسم المعلومات بشأن المجرمين المدانين، أو المشتبه بهم الذين اقترفوا جرائم خطيرة أو أعمالا إرهابية في أوروبا. ويعمل اليوروبول، على تقديم المساعدة لأجهزة الأمن في البلدان الاعضاء ، على مكافحة الجريمة الدولية والإرهاب. ومايهدف اليه اليويوبول هو تعزيز التعاون الاستخباري وتقاسم وتبادل المعلومات من اجل تعقب عمليات تمويل الارهاب والاشخاص.
تبنت المفوضية الأوروبية، يوم 21 ديسمبر 2016، حزمة من الإجراءات لـ»تعزيز قدرات الاتحاد الأوروبي على مكافحة تمويل الإرهاب تتعلق بمكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال والتركيز على «الشركات الوهمية» والاتجار بالسيارات وتهريب المخدرات لمصلحة منظمات ارهابية.
واتخذ البرلمان الاوروبي منتصف شهر مارس 29017 ضرورة زيادة الجهود بتعزيز الأمن في إطار مكافحة الإرهاب، من اجل تسريع تبادل المعلومات بين الدول الأعضاء، إلى جانب التشغيل البيني لقواعد البيانات في الاتحاد الأوروبي.
النتائج
ـ ماتسعى اليه المفوضية الاوروبية وكذلك دول الاتحاد الاوروبي، هو الاستجابة السريعة للتهديدات الامنية، التي تتمثل بالمقاتلين الاجانب وموجات الهجرة الشرعية، أكثر من بقية الجماعات الراديكالية من اليمين المتطرف او اليسار في اوروبا.
ـ بات متوقعا، ان اجراءات اكثر صرامة سيتم اتخاذها بمراجعة معاهدات اوروبية او اتفاقات داخل دول الاتحاد والمفوضية الاوروبية، ابرزها اتفاقية الشنغن وكذلك واتفاقية « دبلن»، من اجل اعتماد معايير جديدة لمواجهة تهديدات الامن القومي الاوروبي، من خلال مسك الحدود الخارجية والداخلية، وتعقب المطلوبين، بضمنها بيانات المسافرين.
ـ ادركت دول اوروبا، والمفوضية الاوروبية ايضا، بضرورة ايجاد تعاون تبادل المعلومات حول الجماعات الارهابية، ابرزها مع دول حوض البحر الابيض المتوسط، والدول التي تشهد جهودا في محاربة التطرف والارهاب في معاقله. ووصلت المفوضية الاوروبية الى حقيقة، ان استمرار الفوضى في دول المنطقة بدا يضرب بتداعياته امن دول اوروبا. الارهاب لم يعد يتحدد في جغرافية معينة، مستغلا مزايا العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، الذي باتت تهديداته لاتقل عن نشاط هذه الجماعات المتطرفة على الارض.
ماكشفت عنه معركة الموصل بهزيمة التنظيم، وترك وراءه كنز من المعلومات والوثائق، اضافة الى اعداد من الذين وقعوا بالاسر، يعتبر واحدة من ابرز الموضوعات التي تحاول الوصول اليها دول اوروبا، خاصة مايتعلق بالمقاتلين الاجانب، وهذا ممكن ان يكون ورقة داعمة للحكومة العراقية والتحالف الدولي، يايجاد اتفاقات امنية وتقاسم المعلومات من جديد.
ـ جهود المفوضية الاوروبية، جائت بنتائج ايجابية نسبيا، في موضوع تعزيز الامن الداخلي، برغم وجود اجماع لدى خبراء الامن، بأنه لايوجد امن مطلق، لكن سجل العمليات الارهابية التي شهدتها اوروبا خاصة بعد تفجيرات باريس نوفمبر 2015 وتفجيرات مطار بروكسل 2016، تعد العمليات الباقية، عمليات محدودة، برغم انها حصلت على استقطاب اعلامي واسع. لكن برغم ذلك يبقى موضوع تقاسم المعلومات داخل دول الاتحاد تحتاج الى تعزيز اكثر الى جانب تصعيد التعاون مع دول المنطقة في مجال مكافحة الارهاب.
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات