خاتونات بغداد

طارق حرب
ان من حملن صفة خاتون في تاريخ بغداد بعد التدقيق والمتابعة وجدنا هنالك الكثير من السيدات البغداديات ممن تلقبن بهذا اللقب واتصفوا بهذه الصفة وحصلن على هذا المقام العالي بدءاً من زمرد خاتون المتوفية عام ٥٩٩ هجرية، وفاطمة خاتون المتوفية عام٥٤٢ هجرية، وسلجوقة خاتون المولودة عام ٥٥٤ هجرية وانتهاء بسارة خاتون الثرية البغدادية التي أُغرم بها ناظم باشا والي بغداد سنة ١٩١٠، واخر الخاتونات البغداديات الشهيرات (المس بل) المتوفية في بغداد سنة ١٩٢٦، والمدفونة في مقبرة الارمن في ساحة الطيران في بغداد.
وخاتون مما ورد في ترانيم النسوة البغداديات هي لفظ استعمل في بلاد فارس وتركيا وما جاورهما، وان كان يستخدم مصطلح خانم الذي شاع حتى في سوريا ولبنان بعد ذلك وهما مصطلحان متقاربان من حيث ابتعادهما عن اللغة العربية والمعنى السيدة عالية النسب.
وذكر عزيز الحجية التراثي البغدادي ان المغول والاتراك كانوا يطلقونها على سيدات البلاط وتجمع على خواتيم وقد لقب احد القادة للدولة الجلائرية التي تولت حكم بغداد من عام ٧١٨ الى عام ٨١٤ هجرية وهو الشيخ حسن احدى قريباته بـ (بغداد خاتون) اي سيدة بغداد.
وزمرد خاتون كانت من سيدات دار الخلافة العباسية ببغداد وهي ام الخليفة الناصر لدين الله وزوجة الخليفة المستضيء وتعرف الى اليوم بقبة قبرها العالي في مقبرة الكرخ ليس بعيداً عن قبر معروف الكرخي وان تم دفن السيدة عائشة زوجة أحد ولاة العثمانيين في بغداد لذلك اشتهرت اغنية اطفال بغداد بسبب علو القبر: _
(طلعت الشميسة على قبر عيشة .. عيشة بنت الپاشا تلعب بالخرخاشة)
وعيشة تعني عائشة والقبر هو قبر زمرد خاتون التي كانت فتاة تركية مملوكة جلبها النخاسون وباعوها في بغداد كجارية للمستضيء قبل توليه الخلافة عام ٥٦٦ هجرية ، وتزوجها فولدت له الخليفة الناصر لدين الله حيث كان حكمه اكثر فترة حكم لخليفة عباسي وتولت بناء مدرسة وبنت مسجداً وجددت بناء رباط في الاعظمية وبوفاتها عام ٥٩٩ هجرية حزن والدها الخليفة عليها ما لم يحزنه ولد على امه واستمر العزاء لمدة شهر وقد دفن في تربتها السيدة بنفشة ضرتها والمتوفية قبلها ودفن في تربتها عائشة خانم بنت مصطفى باشا وزوجة حسن باشا والي بغداد سنة ١٧١٨ .
اما السيدة سلجوقة خاتون المولودة عام٥٤٤ هجرية، وهي بنت الملك قليچ ارسلان السلجوقي ملك مدينة قونية وما جاورها تزوجت اول الامر من امير ديار بكر وبعد انتهاء الرابطة الزوجية وبعد حجها استقرت في بغداد وخطبها الخليفة الناصر لدين الله وتزوجها عام٥٨١ هجرية.
وفاطمة خاتون ابنة السلطان محمد بن ملكشاه السلجوقي زوجة الخليفة المقتفي لأمر الله عام ٥٣١ هجرية وزفت اليه عام ٥٣٤ هجرية، واقامت بقصر دركاه خاتون اي قصر الخاتون في منطقة شارع السموأل وتوفيت عام ٥٤٢، ودفنت في قبر بالقرب من قبر والد الخليفة في رصافة بغداد.
والسيدة هيبت خاتون بنت عبد الرحمن أفندي والمتوفية سنة ١٩١٩، وقد انشأت مدرسة واوقفت عليها اوقافًا وقررت صرف ليرة لكل طالب بالمدرسة.
والسيدة البغدادية نائلة خاتون التي انشأت سقاية سنة ١٨٧٤ واوقفت بستانا على طريق الاعظمية واستمرت هذه السقاية حتى سنة ١٩٣٥.
وعائشة خاتون بنت احمد باشا زوجة الوزير عمر باشا وقد بنت مسجداً في محلة باب الطوب سنة١٨٣٠، وتم وقف دار النفقات هذا المسجد وقد تمت ازالته سنة ١٩٦٠ لبناء المكتبة الوطنية.
والسيدة منور خاتون زوجة سليمان باشا الكبير والي بغداد سنة ١٧٧٨، والتي انشأت جامع الخاتون في طريق حمام المالح في رصافة بغداد واوقفت لهذا الجامع اوقاف في الحلة وقزانية.
والبغدادية نازندة خاتون زوجة والي بغداد علي باشا سنة١٨٠٢ والتي بنت جامع نازندة خاتون في محلة الحيدر خانة قريبًا من شارع الرشيد واوقفت على هذا الجامع املاك كثيرة للوفاء بنفقاته وقد درس في هذا الجامع الكثير من الطلبة وتولى التدريس الكثير من العلماء فيه منهم جعفر الواعظ وعبد العزيز الشواف والسيدة عادلة خاتون زوجة احد ولاة بغداد ،كما انها من اسرة تولت الباشوية في بغداد وكانت صاحبة سطوة حتى انها اشترطت على زوجها عدم الزواج من ثانية كما انها كانت تعطي غطاء للرأس كدليل على رعاية الدولة وقد تركت اوقاف كثيرة اهمها الجامع المعروف في باب المعظم والارض في شارك النهر التي تشمل بناية المحكمة .
ومن خاتونات بغداد سارة خاتون صاحبة الاملاك الكثيرة والتي عشقهاَ والي بغداد ناظم باشا ١٩١٠ والتي من املاكها محلة سارة خاتون جنوب بغداد.
والاخيرة التي حملت اسم خاتون هي ( المس جريترود بيل) الانجليزية التي سميت باسم ملكة الصحراء والتي جالت في ايران وتركيا والمشرق العربي قبل حضورها الى بغداد بعد انتهاء الحكم العثماني ودخول الجيوش الإنجليزية الى بغداد سنة ١٩١٧ ،حيث اصدرت جريدة العرب وتعرفت على الشخصيات البغدادية وسماها اهل بغداد باسم الخاتون ، وتولت الكثير من الشؤون العراقية بكونها مستشارة للحكومة البريطانية وسكرتيرة المندوب البريطاني في بغداد وفي تتويج الملك فيصل وانشاء دولة اسمها العراق ،وكانت مديرة اول متحف ويقال انها انشأت نادي العلوية في بغداد وان كانت الاجازة الرسمية للنادي سنة ١٩٣٠ ،وهي توفيت سنة ١٩٢٦ حيث رفضت الموت في لندن وعادت الى بغداد للوفاة فيها ودفنت في مقبرة الارمن في ساحة الطيران قلب بغداد .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة