تجاوز المألوف

اذا كانت المرحلة الماضية بكل تقلباتها رسخت من معالم الفوضى في الاداء السياسي واصابت العملية السياسية بالجمود فان المرحلة المقبلة تتطلب تثويرًا وعملا جديدًا يواكب المتغيرات في العراق وفي مراجعة سريعة لهذا الاداء فان الحديث عن الارتباط والتفاعل بين السلطات الثلاث افضى الى نزاعات داخلية اسهمت في تراجع كبير على مستوى التصويت على ملفات مهمة ترتبط بحاضر ومستقبل العراقيين وبرغم ان الدورة الحالية في مجلس النواب استطاعت الاقتراب من ملفات مهمة وحاسمة وانجزت قوانين كثيرة الا ان زعماء الكتل السياسية ومن خلفهم الاعضاء الممثلين للاحزاب والكتل في هذا المجلس انغمسوا كثيراً في مصالح حزبية واسهموا الى حد كبير في وقف التقدم في العمل لتشريعي وكان يمكن ان تشهد هذه الدورة التصويت على مجموعة من القوانين المهمة حيث يطول الجدل في العراق حول مواضيع المساءلة والعدالة ومجلس الخدمة الاتحادي ومفوضية الانتخابات والادارة الاتحادية للثروات الطبيعية وملف الصلاحيات في مجالس المحافظات والعلاقة مع المركز ويبدو ان اتباع السياقات المألوفة في التعاطي مع هذه الملفات وعدم محاولة اتخاذ اساليب اخرى جديدة سيرحل الكثير منها الى الدورة المقبلة وسيسهم في تأخير الاستحقاقات الوطنية وتلبية الحاجات والخدمات الاساسية لابناء الشعب ومن المفيد هنا القول ان انعكاسات النصر الكبير في الحرب على الارهاب وتحرير المحافظات والمدن العراقية من براثن الاحتلال الداعشي سيلقي بظلاله على الاداء الحكومي في المرحلة المقبلة وان ماتبقى من عمر الحكومة لن يسمح باتخاذ قرارات جوهرية ومصيرية وحاسمة تعالج الكثير من التحديات ومنها ملف اعمار المدن المحررة واعادة الحياة الى مرافق هذه المدن وبالتالي لابد من الاسراع في وضع خارطة طريق تأخذ بنظر الاعتبار عامل الزمن لما تبقى من الدورة الحالية في مجلس النواب وتسهم في التهيئة والتحضير لمنظومة السلطات الثلاث الجديدة التي ستقع عليها عاتق مسؤولية ادارة شؤون الدولة وارساء آليات تنفيذية جديدة وبالتأكيد ان مثل هذا العمل ومثل هذه المهمة بحاجة الى قرارات جريئة وحاسمة لاتهاب الاصوات الطائفية والمصالح الحزبية ومشاريع التقسيم ودعوات التشرذم وتهاب تطلعات العراقيين نحو تحقيق الاستقرار والامن والطمأنينة والوحدة ومن غير وجود قادة ومسؤولين يعون خطورة واهمية المرحلة المقبلة لايمكن التعويل على اشخاص هامشيين خبرهم العراقيون اعتادوا على سلوك الروتين والمألوف الذي صاحب ورافق مشاريع الدولة السابقة تشريعياً وتنفيذياً وقضائياً.
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة