غبار المعارك.. وخارطة التحالفات

رائحة البارود مازالت تملأ الارجاء في الموصل ، وثمة جثث تحت الانقاض لم يتم انتشالها بعد ، بل و وجود عناصر من الدواعش يتخفون في ازقة المدينة القديمة و(درابينها) ، فضلا عن ذلك ، هناك مناطق اخرى تابعة لنينوى مثل تلعفر والعياضية لم تُحرر بعد ..
نعم رائحة البارود مازالت تنتشر في ارجاء المدينة وأبناؤها لم يزيلوا غبار الحرب عن وجوههم فهم مازالوا بانتظار وصول الخدمات ومنها الماء ,والكهرباء لكي يغسلوا وجه مدينتهم ,وينيروا دروبها ، كما ان غبار النصر الكبير الذي تحقق هو ايضا مازال يغطي الأجواء ، فأهلها وعلى الرغم من مأساتهم فرحوا كثيرا بزوال الاحتلال الداعشي اذ بات بإمكانهم ان يدخنوا (الجكاير) علنا من دون خشية تعرضهم للجلد !،وأصبح بإمكان الشباب ارتداء (الشورتات ) القصيرة ولا احد يعترضهم او يعتقلهم ..
وإذا ابتعدنا عن نينوى فان هناك مناطق اخرى تابعة لمحافظات اخرى لم تحرر بعد ومنها الحويجة التي تشكل (سكينة خاصرة) للأمن في الموصل وكركوك وصلاح الدين فهي تمثل احد المعاقل المهمة للدواعش ، كما توجد مناطق تابعة لمحافظة الانبار تنتظر تحريرها ايضا ..
ووفقا لهذه المعطيات فإننا لم نصل بعد الى تحرير كامل ارضنا من داعش ، وان كان الواقع يؤكد ان تحرير المناطق المتبقية ليس سوى مجرد وقت خصوصاً بعد المعلومات التي تواترت عن مقتل البغدادي في الرقة السورية، ولكن يبدو ان اعلان التحرير وتحقيق النصر ، فتح الباب واسعاً امام تشكيل خارطة التحالفات السياسية مع بدء العد التنازلي للانتخابات المحلية المزمع اجراؤها في ايلول المقبل – وان كان السيد اياد علاوي اعلن موافقة الكتل السياسية على تأجيلها لما بعد الانتهاء من داعش – تليها الانتخابات البرلمانية في نيسان من العام المقبل ، فقد شهدت الايام الماضية حراكاً سياسياً واسعاً ، وخصوصا من قبل القوى التي تمثل المحافظات التي احتلتها داعش ، ولكن ما طبع هذا الحراك هو عدم الانسجام بين تلك القوى واختلاف توجهاتها ورؤاها فيما يتعلق بمستقبل تلك المناطق ، ومع وجود شركاء دوليين ينتظرون من العراق موقفا موحدا بشأن عمليات اعادة الاعمار للمناطق المنكوبة ، وبالتالي فان هذا التشتت في المواقف يعطي رسالة سلبية للمجتمع الدولي مما قد يدفع بعض الدول الى اعادة النظر بمواقفها ازاء العراق ، لاسيما اننا بانتظار عقد المؤتمر الدولي للمانحين في الكويت مطلع العام المقبل ، ومعنى هذا ان عملية انتاج وتدوير للمشهد ذاته الذي مللنا مشاهدته منذ عام ٢٠٠٣ لحد الان وتسبب لنا بالكثير من الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهو المشهد ذاته الذي تسبب بظهور داعش وسقوط ثلث العراق محتلا بيد هذه الشرذمة المارقة
ولهذا فان المطلوب هو مغادرة الاحادية اللونية في التحالفات الجديدة ومحاولة احداث حالة من التمازج اللوني ، وهذا الكلام لا يقتصر على ممثلي المناطق المحررة انما حتى بقية مناطق العراق ، فآثار داعش لم تنحصر بنينوى وصلاح الدين والانبار انما وصل شرره الى كل مناطق البلاد .. فكيف لنا ان نعيد الاعمار مع استمرار السير على خارطة التحالفات القديمة نفسها ؟؟!! ..غبار النصر يجب ان لايحجب الرؤية لنبقى ندور في فلك الوجوه نفسها والتحالفات القديمة المصبوغة بصبغة طائفية ذات طبيعة محاصصاتية تسببت بهلاك الحرث والنسل ، وإلا من يضمن لنا عدم ظهور نسخة جديدة من داعش ؟؟!!
عبد الزهرة محمد الهنداوي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة