اعلان بيان النصر كان هذه المرة معبرا بشكل ملفت للانتباه لا من حيث المضمون ، انما من حيث القيمة المكانية ، واعتبارات الشخوص ، وواقعية الهدف وحقيقة الانتماء ، ذلك ان القائد العام للقوات المسلحة الدكتور العبادي ، عندما اختار الموصل كمكان لالقاء بيان النصر انما كان ذكيا في الاختيار ، وواقعيا في فهم ماراد ان يوصله من رسالة للعراقيين والعالم على ان رمزية الموصل لها قيمة عظيمة في النفوس ، وتحريرها لم يكن واجبا فحسب وانما توجها للتعامل مع كل خصوصية هذه المدينة وماتعرضت له من خراب ودمار وترويع على ايدي عصابات داعش المجرمة ، وعمق الاهتمام الذي ترسخ في نفس الرجل الذي ما انفك على متابعة تفاصيل المعركة منذ بدايتها ولحد الان ، وتوصياته المشهورة ” تحرير الانسان قبل الارض” .
وعندما ظهر العبادي اثناء القاء البيان وهو محاط بمجموعة من المقاتلين وبمختلف الرتب وفي ساحة من ساحات المعركة ، انما هو قد جسد حقيقة مفادها ان هذا البيان قد شارك في صياغته ووقع عليه كل المقاتلين الذين خاضوا المعركة منذ بدايتها وحتى ساعة سحق العدو ، وفي ذلك دلالات ومعاني لابد ان يفهمها القاصي والداني ، بأنه لم يستثمر النصر باسمه شخصيا او يجيره له سياسيا او انتخابيا ، انما اراد ان يعترف بدور كل ابناء القوات المسلحة وكافة الصنوف التي شاركت بالقتال وحجم التضحيات التي بذلت من اجل تحرير الموصل وسحق داعش اينما كانت ، وهذا شعور واحساس يقل نظيره لدى القيادات التي تخوض الحروب ، والتي غالبا ماتستثمر نجاحاتها للتسويق وتحقيق المبتغيات .
وبخصوص حقيقة الانتماء ، فأن الرجل قد تحدث ارتجاليا ، ولم يلقي خطابا مكتوبا ، انما عبر من خلال ارتجاله للبيان عن احساسه الانتمائي وشعوره النابض الذي اطلق مفردات من الكلمات كانت معبرة بحق عن كل الظروف والمستلزمات التي ساهمت بحسم المعركة وتحقيق النصر ، وتعامل مع مهمة التحرير على انها ليست واجبا انما قضية ، تفاعلت مست سيادة وشرف وقيمة العراق ، وليس من بد سوى حسمها بكل الطرق المشرفة والمتاحة واعادة الامور الى نصابها الحقيقية مهما كلف الامر .
العبادي وهذه كلمة حق يراد بها حق ، استثمر النصر وطنيا ، وكان موفقا واقعيا متبصرا، واعطى قيمة لمحتوي اعلان النصر اكبر بكثير مما لو جاء هذا الاعلان بذات الطرق البروتوكولية المعتادة .
رياض عبد الكريم
العبادي يستثمر النصر وطنيا
التعليقات مغلقة