بناء الإنسان وتحريره فكرياً ومدنياً في المناطق المحررة مهمتنا جميعاً

أحلام يوسف

المثقف العضوي والمثقف التقليدي، ودور المثقف في بناء مجتمعه، والاخذ بيده ليعينه في الوقوف مجددا ومواصلة الحياة، وحسب غرامشي إذن وظيفة المثقف هي تحقيق تصور للعالم أو أيديولوجيا خاصة بالفئة أو الطبقة التي يرتبط بها عضويا، وان يجعل هذا التصور يطابق الوظيفة الموضوعية لتلك الطبقة في وضع تاريخي معين، كما تكمن وظيفته أيضا في الجانب النقدي من نشاطه الفكري، الذي يحرر تلك الأيديولوجيات من الأفكار السابقة لظهورها، كما يؤكد الفيلسوف غرامشي على ان المثقفين هم بالحقيقة منظمين ومربين ومحققي تجانس للوعي الحقيقي، هنا المثقف بمفهومه العام يجب أن يكون قائدا وموجها، للمجتمع، فكيف اذا كان هذا المجتمع خارج من أزمة كبيرة نفسية وإنسانية واجتماعية واقتصادي؟، كما حصل في المناطق التي تعرضت لهجمات مجاميع داعش الإرهابية في العراق وفي الموصل تحديدا، فكان لنا وقفات متعددة مع عدد من المثقفين والادباء وسؤال حول دور الاديب والمثقف للخروج من ازمة التخبط وعدم الاستقرار للعراقي: بعد تحرير الارض في الموصل والمناطق التي كانت تحت سيطرة عصابات داعش الارهابية، كيف يمكن أن يسهم الاديب والمثقف بتحرير الانسان وبنائه في تلك المناطق؟ سواء على صفحات التواصل الاجتماعي او من خلال كتاباته واهتماماته؟
فكان الحديث أولا مع الدكتور الشاعر سعد ياسين يوسف الذي أكد على إن احتلال (داعش) للمدن العراقية أسبغ عليها واقعا مغايرا للقيم والمفاهيم الاجتماعية والفكرية، التي كانت تشكل أسس الاستقرار المجتمعي، وسعى إلى خلق حالة من التنافر بين أوساط المجتمع في كل مدينة من تلك المدن وإلى تهشيم القيم السائدة وتشويهها وفي الكثير من الأحيان إلى طمسها :» من هنا تأتي أهمية ارساء أسس التعايش المجتمعي في المدن المحررة من سيطرة داعش وبناء الحياة الجديدة تجاوزا لكل السلبيات والمشكلات والنعرات التي افتعلها تنظيم داعش الإرهابي وحاول إسباغها في المجتمعات التي فرض نفسه ومفاهيمه الفكرية الظلامية بالقوة وعلى وفق نظرية إشاعة الرعب وبعمليات الصدمة وغسيل الدماغ .
إنَّ فكرا بهذا المستوى من الوحشية والتدمير لا نستغرب إذا ما سعى إلى اعتماد كل الأساليب المعروفة وغير المعروفة لفرض فكره التدميري في المناطق التي سيطر عليها وتسويقه على أنه من المسلمات التي يدعو لها الأسلام الحق كما يدعي ، وكل ما هو خارج هذه المنظومة الفكرية الهدامة كفر يجب محاربته ومن مات دون هذا الفكر شهيد، لقد سعى هذا الفكر الهدام إلى تشوية حقيقة الدين الاسلامي الذي يؤمن بالسلام والوسطية واحترام الآخر من خلال تأويله المعوج للآيات القرآنية وتفسيرها بالطريقة التي تناسب توجهاته الشريرة حتى وإن كان ذلك ليّاً للحقائق القرآنية وخروجا عنها، إن مخططي هذا الفكر سعوا بالدرجة الأساس الى ضرب الأسلام وتشويه مبادئه السمحاء وتسويقه من خلال داعش على أنه دين قتل وارهاب وتدمير وحزٍ للرقاب لا غير ،ناهيك عن الأهداف الرئيسة الأخرى والتي في مقدمتها تدمير المجتمعات العربية وانهاك اقتصاديات البلدان العربية وتدمير بنيتها التحتية وقوتها العسكرية واشغالها عن التنمية والبناء لما فيه مصلحة الكيان الصهيوني الذي يعد المستفيد الأكبر إن لم يكن الوحيد مما يخلفه داعش من دمار في المدن التي يحتلها، وفي كل المناطق والمدن التي أحتلها داعش، سعى الى تدمير كل ما يربط الإنسان بتاريخه وحضارته، في إطار عملية غسيل دماغ جماعية للمجتمع ككل، من خلال تدمير الأرث الحضاري والتاريخي، وكل ما يربطه بماضيه لتسهيل فرض مفاهيمه الظلامية الكافرة بكل قيم الحياة والحضارة والتمدن، وعلى هذا الأساس دمر المواقع الآثارية والمتاحف وأحرق المكتبات وفجر الجوامع والأضرحة والكنائس بنحو وحشي، أن جرائم بهذه القسوة والدمار تتطلب من المثقف أن لا يقف مكتوف الأيدي ليواجه هذا الدمار وليعيد للمدن التي اكتسحتها آلة الخراب الداعشية وجهها وتاريخها، وأن ذلك لا يتم بمجرد جهود فردية متناثرة هنا وهناك، بل يتطلب أن يتم بأكثر من إطار لتنظيم فعل الرد المقابل على همجية داعش، وقد يكون التوجه الفردي أحدها، ولكن يجب أن يؤطر بجهد مؤسسات الدولة المعنية، بتأهيل المجتمع لمرحلة ما بعد داعش وكذلك بتكاتف جهود منظمات المجتمع المدني والاتحادات الفاعلة في الوسط الثقافي، ومن هنا يأتي دور شبكة الإعلام العراقي ووزارة التربية وزارة الثقافة، والاتحاد العام للأدباء والكتاب للمباشرة، بتفعيل جهود المثقفين العراقيين بهذا الاتجاه والمبادرة بتنظيم الفعاليات وفرق العمل والمهرجانات وتسير القوافل لتلك المناطق، مثلما يقع على كاهل وزارة الثقافة تفعيل دور مؤسساتها كالعلاقات الثقافية ودائرة الفنون الموسيقية ودائرة السينما والمسرح ودار الثقافة الكردية والمراكز الثقافية ودار المأمون وغيرها ومن خلال مبدعيها من المثقفين لتنظيم الأنشطة والفعاليات في المناطق التي كانت تحت سطوة تنظيم داعش لتنظيفها من التلوث الداعشي .واعادة الثقة لدى الأنسان في تلك المناطق وتعزيز ثقته بعراقيته ووطنه، ومن المهم جدا أن يوظف المثقف كتاباته وأفكاره عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتأكيد دوره في هذا المجال خمة للوطن والإنسانية جمعاء» .
اما الشاعرة والتشكيلية غرام الربيعي فأكدت على ان مسؤولية المثقف هنا تتجلى كثيراً برسم رؤى واضحة وذو دلالات مفهومة كي تكون خطاباً مؤثراً وفاعلاً لإحداث التغيير المطلوب في هذه المرحلة الراهنة ،وهي المعركة الأكبر فقد يكون النجاح ممكناً، ولكن الحفاظ عليه أصعب، فالعدو ليس سلاحه الأوحد هي ساحة المعركة بل التفكير والتلاعب بالمشاعر والقوى البشرية هو الآخر مخيف لأنه يتغلب على أي مجتمع من خلاله :» لذا يتوجب هنا توحيد الخطاب من خلال كل وسائل الاتصال والتخاطب بلهجة بعيدة عن الطائفية المقيتة والمهاترات، وأن لا نترك مجالاً للتفريق والعودة إلى الوراء والتفكير الأفضل هو نحو بناء الخرابات لا النواح على ما فات وإعمار البلد وتعويض الخسارات، فالجميع يعرف المآسي التي مر بها البلد والناس التي تحملت نتائج الخيانات والفساد الاداري والمالي تجاه نلك الأزمات ،الأمل بالقادم والعمل على رسمه بأفكار وطرق نزيهة وجادة وتحريض الجميع على أنها مسؤولية مشتركة يتحملها الجميع ، والاستفادة من صفحات الفيسبوك لتعميم هذه الأفكار الايجابية ومن خلال المقالات والمهرجانات واللقاءات التلفزيونية، لأنها جميعا محط انتباه الناس، واستخدام اللغة السالمة والمسالمة لخلق أجواء نقية تعيد ثقة الانسان العراقي ببلده وناسه وحياته، ولا بأس أو من الضروري الانخراط بمنظمات وطنية وانسانية حقيقية تقدم خدماتها لبناء عراق جديد، خالي من الشرذمة الفكرية والسياسية «، أخير تؤكد الشاعرة والتشكيلية غرام الربيعي، على المثقف أن تكون له الريادة في عجلة التغيير والاعمار وبناء الانسان وهو ما يكفل بناء واعمار البلاد ومصير العباد، لأن الثقافة بحسب وجهة نظرها هي دستور الحياة ونظامها .
ويتحدث الشاعر نبيل نعمة الجابري بحماس عن فترة مهمة ومؤثرة من تاريخ العراق، فمنذ عام 2003، والموصل لم تهدأ سياسيا وعسكريا واجتماعيا :» ونحن على أبواب تحرير الموصل، والخروج من المعركة، التي دامت لأكثر من اربعة عشر عاما، خلال هذه الأعوام ذقنا ألم من يضع شفرة بفمه، لم نتكلم حتى لا ننعت بالطائفيين، ولم نصمت حتى لا تأكلنا نيران داعش وأخواتها من قبل البعث والقاعدة، هذه المدة كانت كفيلة بذهاب الالاف من أبنائنا الخلّص، وخراب مدننا، لم ينتصر أحد على أحد، ولم نجن سوى الخسارة، وكما أغلب العراقيين لم نعرف للآن من المستفيد؟، نحن على أبواب تحرير الموصل، وسيكثر الحديث عن ما بعد الموصل سواء كان هنا في الداخل، أم هناك من على شاشة الاعلام المأزوم، الذي ما أنفك ضحكا على مأساتنا، مثقفونا سيختصمون فرقا كما العادة، بين مؤيد ومعارض، بالتأكيد ستعلوا أصوات لا يرق لأحد منا أن يستعذبها، لذا أدعو أصدقائي المثقفين أن يجتمعوا على كلمة العراق، أن يكونوا على قدر المسؤولية في تبني الخطاب الذي يبث الطمأنينة والسكينة في العراقيين، وأن يصوغوا مواقفهم بما تمليه عليهم المصلحة الوطنية، وأن يقدموا الحلول التي من شأنها أن تعالج ما آل اليه أمرنا والكف عن استشراف المستقبل على وفق معطيات سابقة، للحكومة أيضا أن تعلن عن برنامج ما بعد داعش في الموصل تحديدا، أن تتبنى من الآن إطلاع الرأي العراقي عما سيحصل، فيما يخص الملفات التي تهم العراق، والعراقيين في هذه المرحلة، وأهمها ملف سقوط الموصل، ومحاسبة المقصرين داخل الموصل وخارجها، قبيل الاحتلال أم بعده؟، بهذا يمكننا أن نطمئن أن دماء الشهداء التي سقطت لن تذهب سدى، وأن ثمة بارقة أمل لنا جميعا في تخطي المرحلة القابلة».
ولنا مع الشاعرة والإعلامية علياء المالكي وقفة حول هذا الموضوع، وكيف يمكن للأديب والمثقف أن يساهم بتحرير الانسان وبنائه في تلك المناطق؟ سواء على صفحات التواصل الاجتماعي او من خلال كتاباته واهتماماته؟ لتؤكد بألم وحسرة بأن حالة عدم الاستقرار باتت مسألة طبيعية للمواطن العراقي الذي تعايش مع أعتى الظروف و استطاع صياغة أحلامه حتى وقت الأزمات:» الان يأتي دور المثقف ليصب باتجاه السلام بعد التحرر من قبضة داعش، ليعلن افكاره بحرية مطلقة وتحمل رسالة عبر نصوصه الشعرية ولوحاته الفنية وكل عمل أدبي وفني هادف، ويتحول من حالة التعبير عن الذات، إلى التعبير عن الواقع والمجتمع، فكل هذه الفترة حملت لنا الآما وافكارا، من الممكن توظيفها في قوالب فنية، تبوح بفكر جديد وتنقلنا لواقع مشرق، لنطوي صفحة سوداء غابرة، عن نفسي عبرت عنها مؤخرا في فلم وثائقي، كتبته من أجل إطلاق العنان لهذا العالم الفسيح، عبر ما قدمه المسرح من لغة تحدى بها الإرهاب، في عمل حمل عنوان على خشبة السلام سيعرض بعد أيام، هكذا ويستمر الفن وتستمر الكلمة بنبض واحد في تحد مستمر «.
وللروائي صادق الجمل رؤيا خاصة به حول هذا الموضوع، ويخاطب المثقف بأن عليه تدوين التاريخ بوثائق فنية، شعر واقاصيص وروايات، وان يكون صادقا في طروحاته، كي تكون مرجعا نبراسا للأجيال، وللحقيقة، وان يكشف ما تعرض له الوطن من ويلات وانكسارات، وكيف استطاع ان ينهض من جديد، ليحفر في ذاكرة الوطن تلك البطولات الأسطورية، التي قد لا تصدق الا بالوثيقة الفنية، انا ككاتب لي رواية قادمة ارجو ان تغطي جانبا مما حدث «.
ويستمر التساؤل حول دور المثقف وجديته في المساهمة لبناء الانسان العراقي كفكر وحمايته من تأثير تلك الازمات النفسية التي يمر بها مجبرا بسبب التهجير والفقر والعوز، تحت ضغوط العصابات التي لا تؤمن بالإنسان، ولا تستوعب توجهاته المختلفة التي خلقها الله على هذه الصورة، ويرى القاص والمترجم صباح محسن جاسم، بأن دور المثقف الرئيس هو المساهمة في تنوير الناس وتوعيتهم، بضرورة تغليب ما هو وطني على ما هو طائفي :» كون الترتيب المتوقع هو تعميق هذا الانفصال ليس على العراق فحسب، بل على كل بقعة ارض يتواجد عليها المسلمون، مؤشر البوصلة للأسف يشير الى تعميق الهوّة بين المسلمين، كي يتقاتلوا والأهم من هذا هو نقل الصراعات الفرعية هذه لتصب في الصراع «المفتعل « الأكبر والمخطط له ( الإيراني – السعودي)، اما موضوع اعادة بناء الموصل اذا اعتمد على ذات التشكيلة البرلمانية المعتمدة على المحاصصة الحزبية – العنصرية – الطائفية فستبقى الموصل كحال الأنبار والفلوجة، لأن واقع ما لمسناه قد قال للجميع «ذلك»، ختاما كل الشكر لكم، وبالغ احترامي واعتزازي بجهودكم في تعزيز الجهد الصحافي الحر».
الخطر الأكبر في قضية تحرير المدن والانسان الان، ان هنالك جهات سوف تستغل حالة الاحباط الموجودة في هذه المدينة، لتغذية فكرة الاقليم او الانضمام الى تركيا لأجل الخلاص من مشاكل العراق:» لذا إذا اردتم التأثير على الشارع الموصلي يجب الذهاب اليهم هم، الان بيئة تستقبل كل ما هو جديد بالفكر وابدؤوها بندوة او مؤتمر بعنوان قوي، هذا ما تحدث به الناشط المدني صلاح الجراح الذي بين ان البيئة الثقافية في الوقت الراهن في عطشا لكل ما هو جديد ثقافيا واجتماعيا:» كأنها محتاجة الى ثقافة جديدة كليا، مختلفة عن السابق، انا في رأيي عمل ندوة يقيمها ادباء ومثقفي المحافظات الاخرى في أرض الموصل، أي انتم من تذهبون وهي تجربة لمعرفة ردود فعل الشارع الموصلي، وأيصال رسالة بأن الذي حصل قد حصل وانتهى، والرسالة الاخرى بأنكم عراقيون (لا زعلانين) منكم و (لا زعلانين ) علينا».
مؤخرا وفي أكثر من حوار جمعني مع عدد كبير من الأصدقاء من الادباء والإعلاميين، وجدت ان هناك فريقين، منهم متشائم من القادم المجهول، ويرى ان المستقبل ضبابي وغير واضحه صورته بناء على المعطيات التي نجدها على ارض الواقع، وفريق آخر متفائل جدا ويسعى ويجتهد أن تكون له بصمة أمل في المشهد العراقي الحالي، منهم صاحب دار ومكتبة سطور الأستاذ عبد الستار محسن، الذي توجه مؤخرا الى الموصل بعد اعلان تحريرها، مع عدد من الناشطين، ليحتفلوا بالنصر وبالعيد على ارض الموصل وبمشاركة اهل المدينة، فكان الاستقبال يبشر بخير وتعاون الناشطين هناك ومنظمات المجتمع المدني، إذ وجدوا ترحيب كبير فاجأ الوفد القادم من بغداد، ورسم صورة مطمئنة للقادم.
الشاعر حامد خضير الشمري يؤكد انه ليس متشائما ولا متفائلا، ولكنه متيقن من ان دور الادباء والمثقفين، سيكون ضئيلا للخروج من ازمة التخبط وعدم الاستقرار في العراق بعد تحرير الأرض في الموصل، والمناطق التي كانت تحت سيطرة عصابات داعش الارهابية أو غيرها، :» لن يسهم أي منهم بتحرير الانسان وبنائه في تلك المناطق، عبر أية وسيلة اتصال متاحة، المثقف نفسه يعاني من التشتت والتهميش، لا أحد يسمع صوته برغم قوته وحدته، ﻷن صوت السياسي هو المهيمن، فمن يمتلك المال والقوة يفرض نفسه، ويتحكم بكل شيء، سياسيونا بلا بصر أو بصيرة أو إدراك، فلا يسمعون أو يحسون أو يرون، الحكومة قطعت « صدقة « المثقفين وملأت جيوب القتلة حد التخمة، الجائع لا يحسن الرقص بل يتقن البكاء بصمت أو صوت عال، الثقافة صك بلا رصيد، وهي تحتاج إلى ثورة مزلزلة لتكتسب القدرة على التغيير، لننثر البذور لعلها تنبت وردا».
ويتحدث الدكتور الناقد احمد الزبيدي عن مهمة المثقف العراقي تجاه القضايا العراقية الراهنة وهي مهمة كبيرة، تنطلق من الشعور بالمسؤولية في توجيه بوصلة العقل العراقي نحو الوعي بالهوية الوطنية الأصيلة ذات الانتماء الكلي، والتي تهيمن على الهويات الفرعية الآكلة لجسد الوحدة الوطنية:» الموضوع يتطلب وقفة جادة أمام كل الثقافات المتخلفة التي تنتعش بالحوارات الطائفية ذات المرجعيات السلفية والقوى الظلامية، نحن بحاجة الى ثقافة تنويرية تعزز من ثقة المواطن العراقي بأخيه المواطن الذي يتمايز عنه بالانتماء القومي او الديني..».
وختام وقفاتنا كان مع القاص والإعلامي خالد الوادي، حول مساهمة الاديب والمثقف بتحرير الانسان وبنائه في تلك المناطق، سواء على صفحات التواصل الاجتماعي او من خلال كتاباته واهتماماته:» في قراءة سريعة للتاريخ الإنساني المعاصر، تواجهنا تجارب عالمية صنعت المستحيل ، وحولت مع الوقت امما كسولة تمسك بها الأيدولوجيات المتطرفة وتغذي ذلك مؤسسات مهمتها تسطيح المجتمعات، والحقيقة أننا وفي هذه المرحلة المعقدة بحاجة إلى طرح أسئلة كبرى ، أسئلة محظورة، كما طرحت في قرون مضت ووجد الجواب ما بين الناس ، لتتشكل مع الوقت قناعات صنعت أغلبية إرادة انبثقت لتقرر مصيرها ، وجاءت هذه النتائج بفضل النخبة المفكرة ، التي وصفها سيمون فرويد بالأقلية الحاكمة ، ونستطيع القول ام الأقلية التي يجب أن تكون حاكمة في مجتمعنا مهيأة لأن تكون كذلك ، لو وجدت دعما من قبل الدولة بمؤسسات . وبعد كارثة داعش وسقوط المحافظات واحدة بعد الأخرى، والتضحيات الجسام التي نزفت من أرواح بريئة وأموال طائلة وصولا إلى تحقيق النصر، أقول لقد حان الوقت لصناعة أجواء تسمح للمثقفين أن يسهموا في بناء الإنسان والوطن لأن ناقوس الخطر الفكري دقت إجراسه عاليا، ولا بد من اسكاتها من خلال المثقف المفكر الذي سيساهم مساهمة فاعلة في اعادة صناعة الحياة».
ويبقى المثقف العراقي مهما اختلفت الرؤى والظروف، هو البوصلة التي توجه الاخر للهدف الأسمى وهو حماية الانسان، قد نختلف، وقد نتفق، لكننا في النهاية نقف على مركب واحد، اذ اخفق لا سامح الله في الوصول الى بر الأمان، الجميع سيسقط في المتاهة، لكننا وسط كل هذا القلق، نجد هنا وهناك جرعات من الأمل بأن المثقف والاديب العراقي لن يقف مكتوف الايدي، وستكون له صولة أدبية قريبة على ارض الموصل بمشاركة، كل الادباء والمثقفين من جميع المحافظات، ولن تكون رحلة دار سطور الأخيرة بل ستعقبها رحلات اكبر واوسع ان شاء الله.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة