مليونان و600 ألف سكان العشوائيات في بغداد
متابعة الصباح الجديد:
أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أن الحكومة تعمل على حل أزمة التجاوزات السكنية دون التشجيع على استمرارها، مؤكداً أنها أوفت بالتزاماتنا تجاه شبكة الحماية الاجتماعية والفلاحين برغم الضائقة المالية.
وقال العبادي في مؤتمره الصحفي الاسبوعي ، نعمل على حل أزمة التجاوزات السكنية دون التشجيع على استمرارها»، وتابع بالقول أن الحكومة تمكنت من «الإيفاء بالتزاماتها تجاه شبكة الحماية الاجتماعية والفلاحين برغم الضائقة المالية».
ففي سياق معاناة أهالي العاصمة العراقية وفوضى السكن فيها، أعلن مجلس محافظة بغداد، عن وجود مليونين و600 ألف مواطن يسكنون في التجمعات العشوائيات المتجاوزة على أملاك وأراضي الدولة في بغداد، في الوقت الذي فشل فيه مجلس النواب العراقي في إقرار قانون لتوزيع الأراضي على الشرائح الفقيرة.
وأكد مجلس المحافظة في تصريحات صحفية أن العاصمة بغداد «تضم مليونين و600 ألف مواطن يسكنون في المناطق العشوائية، من غير العائلات النازحة ، مشيرا إلى أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وجهت المجلس الوطني للإسكان لوضع الحلول للمناطق العشوائية والتجاوزات على أملاك الدولة في بغداد ورفعها على شكل توصيات إلى مجلس الوزراء.
ويأتي ذلك في الوقت الذي أخفقت فيه القوى السياسية في مجلس النواب ، في إقرار قانون لمنح الأراضي السكنية للمتجاوزين على أملاك الدولة وأراضيها، وسط تبادل اتهامات باستغلال الأحزاب للقانون من أجل كسب شريحة المتجاوزين.
فمن المعروف ان النمو الحضري المتسارع الذي شهدته معظم الدول النامية وخاصة الدول العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين ادى إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية وديموجرافية وأمنية وغيرها، ومن إفرازات ذلك النمو الحضري المتسارع ظهور العشوائيات حول أطراف المدن.
وقد كشفت دراسة للمعهد العربي لإنماء المدن عن أن النمو الحضري في معظم الدول العربية قد أدى لظهور العديد من المناطق العشوائية ولم يقتصر وجود المناطق العشوائية على الدول العربية التي تعاني من المشكلات الاقتصادية وإنما ظهرت أيضا في بعض الــدول العربية ذات الدخل المرتفع أو المتوسط .
وقد بدأت ظاهرة الإسكان غير المشروع كرد فعل لعوامل متعددة، منها الاقتصادية والسياسية والديموجرافية والظروف الطبيعية، ما دفع العديد من سكان المناطق الريفية وغيرها، للنزوح نحو المدن والعواصم للإقامة على أطرافها، دون التقيد بقوانين ملكية الأراضي، ودون التقيد بنظم ولوائح التخطيط العمراني. وعادة ما تشيد المساكن العشوائية من الصفيح أو الزنك أو الخشب أو الكرتون في شكل أكواخ متفرقة، وذات أزقة ضيقة يصعب تحرك المركبات داخلها. وغالباً ما تفتقر مناطق السكن العشوائي للخدمات الضرورية كالصحة والصرف الصحي وإصحاح البيئة والخدمات الأمنية وغيرها من الخدمات الأساسية .
وأوضحت الدراسة التي أجراها المعهد العربي لإنماء المدن أن نحو 60% من العشوائيات في المجتمع العربي توجد على أطراف المدن و 30% توجد خارج النطاق العمراني، وتوجد 8% فقط وسط العاصمة. كما كشفت تلك الدراسة عن أن 70% من تلك العشوائيات قد شيدت بطريقة فردية و 22% شيدت بطريقة جماعية. ولا تزيد نسبة المباني المستأجرة في الأحياء العشوائية عن 70% . كما أوضحت تلك الدراسة أن معظم العشوائيات في الدول العربية تفتقر لخدمات الصرف الصحي. ومياه الشرب النقية ونقص المواد الغذائية وتنتشر فيها البطالة والجريمة والمخدرات والاعتداء على الممتلكات وتشكل المساكن العشوائية في الدول العربية معوقاً للتنمية، وبؤرة للمشاكل الاجتماعية والصحية والأمنية.
فالتجمعات السكنية العربية التقليدية لم تنشأ على أساس مخططات تنظيمية مسبقة، بل اتصفت بنموها الطبيعي المتناغم مع الاحتياجات والعادات والتقاليد والمبادئ الدينية والاجتماعية المتعارف عليها في كل بيئة حسب وضعها الخاص، وهذا التكامل والتوافق بين احتياجات المجتمع والنمو الحضري مّثل في السابق ارتقاء شموليًا للمجتمعات المتحضرة وبالرغم من أن هذه التجمعات لم تخضع لمخططات تنظيمية إلا أن الكثير من المفكرين والباحثين في هذا المجال لم يطلقوا عليها صفة العشوائية بل لجأ بعضهم إلى تسميتها بالبيئة «المرتبة» وليست «المنظمة»..
وهناك أيضًا تجمعات حديثة ظهرت نتيجة لهجرة الناس من بلدانهم إلى مناطق بعيدة عن تجمعاتهم الأصلية، وأوضح مثال على ذلك هجرة الفلسطينيين كنتيجة لحروب عامي 1948 و 1967 ، والتي نتج عنها ظهور مناطق محددة على شكل مخيمات ومناطق أخرى عشوائية ليست لها محددات رسمية أو تنظيمية ، ونذكر على سبيل المثال حي جناعة في مدينة الزرقاء بالأردن.
وترجع الدراسات نمو العشوائيات أساسا إلي عدم تنفيذ القوانين الخاصة بالمباني وكذلك حماية الأراضي المملوكة للدولة في مقابل تقاعس الأجهزة الحكومية المعنية عن التنفيذ ، وكذلك ضعف الاهتمام بالتنمية الإقليمية والتي تهدف إلي إعادة توزيع سكان البلاد والخروج من الوادي الضيق إلي مجتمعات جديدة تستقطب تيارات الهجرة . والأهم من ذلك خلل سوق الإسكان وانخفاض المعروض من الوحدات السكنية وعدم ملائمة العرض مع نوعية الطلب حيث انخفضت نسبة الإسكان الاقتصادي من أجمالي الوحدات السكنية.