(مواجهة المقاتلين الأجانب والدعاية الجهادية)
يتناول هذا الكتاب تعريف الإرهاب وقضية المقاتلين الأجانب، وتنقلهم ما بين دول أوروبا ـ وسوريا والعراق، لغرض القتال إلى جانب داعش هناك أو تنفيذ عمليات إرهابية في دول أوروبا والغرب.
وناقش الكاتب درجة تهديد المقاتلين الأجانب إلى الأمن القومي لدول أوروبا بشتى درجات خطورة المقاتلين العائدين، مع تفصيلات وإحصائيات عن أعدادهم وخلفياتهم وطرائق التجنيد وأسباب التجنيد ودول تواجدهم بنحو بيانات واستقصاء وبوابات العبور إلى سوريا والعراق عبر تركيا.
ولأهمية الكتاب تنشر ” الصباح الجديد” فصولاً منه.
الحلقة 21
جاسم محمد*
قنوات التجنيد
•تنشط شبكات عمل تعمل لصالح التنظيمات “الجهادية” بينها القاعدة والنصرة وبقية التنظيمات المتطرفة، من داخل اوروبا وهي تستغل مساحة الحرية التي تتمتع بها بالحركة وتنشط باسم الدين.
• وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها شبكة الانترنيت وسيلة للتواصل بين رفقاء السلاح بعد عودتهم، هذه الاتصالات تُحفّز مشاعر التطوع مع اشتداد القتال في مناطق صراع جديدة، فما يقوم به المتطوع مجرد حزم حقيبة على الظهر، ليس اكثر، والحصول على تذكرة سفر من خلال تبرع مشايخ وجمعيات اسلامية او عبر الوسيط في الشبكة.
• توفر الجمعيات الاسلاموية والمعاهد، الدعم الى من يرغب التوجه “للجهاد” في سوريا
• شبكة نساء سلفيات، تنشط على شبكة التواصل الاجتماعي لكسب النساء، يشار ان التنظيمات الجهادية مؤخراً بدئت تشجع التحاق فتيات غير متزوجات للتزاوج مع مقاتليها ابرزها “داعش” والنصرة.
وبهذا الخصوص تقول “كلاوديا دنتشيكن” الخبيرة في قضايا التطرف الاسلامي في برلين ” ان المثير في الامر وجود مجموعات نسائية نشيطة جداً داخل المحيط السلفي.”وان الكثير من النساء المسلمات بما في ذلك الالمانيات اللواتي اعتنقن الاسلام ينجذبن للتيار السلفي لأنهن يبحثن عن دور واضح ومحدد للمرأة وهو كونها ربة بيت و ام ومعينة للرجل.
طرق السفر
• يتوجه المتطوعين على وفق تعليمات شبكة العمل الى تركيا، ثم سوريا. يسلك المتطوعين محطات عدة غير مباشرة، تتضمن بيوت امنة في داخل سوريا، بالقرب من الحدود السورية اشهرها منطقة ريحانلي التركية وانطاكيا.
• التحقيقات كشفت ان غالبية الشبان الذين يتوجهون الى سوريا يتكتمون على العلاقة، ولا يتم اخبار ذويهم الا بعد مغادرتهم اوطانهم.
• يحصل الشباب على تذاكر السفر عبر حجوزات الانترنيت وليس عبر مكاتب السياحة، وهذا يعني بان التذاكر تصل لهم الكترونيا من اطراف خارجية ضمن شبكات العمل.
• ان بعض التنظيمات تدار عبر اجهزة امنية منها القتال او الوقوف الى جانب نظام الاسد او عكس ذلك.
اسباب الالتحاق “بالجهاد”
• الغسيل الأيديولوجي التي يتعرض له الشباب، خاصة بين فئة عمرية مبكرة لا تتجاوز الـ ثلاث وعشرين سنة.
• الصور المروعة واحيانا تكون مبالغ فيها عن انتهاكات حقوق الانسان خاصة ضد الاطفال والنساء. ان الضخ القوي لوسائل الاعلام عبر القنوات او الانترنت لمشاهد الجثث ومناظر القتل لها دور فاعل لالتحاق الشباب في سوريا وبنحو مستعجل.
• الفشل و الادمان والسوابق، اي الجرم الاجتماعي و خريجي السجون.
• المؤثرات الصوتية من خلال اصدارات المواقع” الجهادية”
• الخطب الاسلاموية المؤثرة في المدارس الاسلامية الخاصة ، وهي عادة تكون غير خاضعة للرقابة وتنشط احيانا تحت باب تعليم اللغة ـ العربية ـ او قواعد الدين الاسلامي.
• الشعور بالتهميش في المجتمعات الاوروبية والظلم، وان كان شعوراً غير صحيحاً. تجنيد الغربيين يتم على اساس العاطفة اولا ومحاولة استغلال عطف المسلمين الأوروبيين وتصوير انهم يعيشون في عزلة عن النسيج الاجتماعي للدول الاوروبية.
• اعتقاد المتطوعين بان المشكلة هي دينية وليست مشكلة اجتماعية في اوروبا.
• الشعور الطائفي.
• العلاقة مع البلد الام، هنالك الكثير من العرب والمسلمين الذين يحملون الجنسية الاوروبية اضافة الى بلد الام والاب، وترددهم البلد الام، يجعلهم اهداف سهلة لتلك التنظيمات وربما شعورهم بالاهتمام يجعلهم يشعرون بالتمايز بين اقرانهم وهذا ما يفتقدون له. لذا اغلب الحالات هم من مزدوجي الجنسية.
• علاقات عاطفية مع “مجاهدين” على الارض او افتراضيين على النت. لوحظ اكثر النساء توجهن الى سوريا من قناعتهن الشخصي . فان اللواتي يسافرن الى سوريا يتزوجن هناك بمقاتلين تعرفن عليهم في وسائل التواصل الاجتماعي سابقاً.
• الدوافع المتغيرة والتجنيد غير المتوقع اي قد يذهب احدهم في هيئات اغاثية او للعمل الخيري
او اعلامي، ليتحول بنحو سريع الى مقاتل في صفوف التنظيمات، وربما يكون الدافع طائفيا.
دور المتطوعين الاجانب داخل التنظيمات “الجهادية”
• عدم زج المتطوعين من الاجانب في ميدان القتال. ومنحهم مسؤوليات لوجستية ومنها الترجمة. تكليف المقاتلين الاجانب بأعمال اسناد وتعبوية ودعم في الخطوط الخلفية منها الاعلام والدعاية والادارة.
• الترجمة والاتصال مع المخطوفين من الاجانب، كشفت التحقيقات واعترافات المخطوفين، بان هنالك شباب قاموا بالترجمة الى اللغات الاوروبية من اللغة العربية وهم يتحدثون بها بطلاقة.
• تخطط التنظيمات “الجهادية” الاستفادة من الاجانب بعد غسيل الدماغ، بالعودة الى اوروبا والقيام بالنشاط “الجهاد الاعلامي” عبر الانترنيت او من خلال حضور الجمعيات والمساجد مباشرة.
• استعمال النساء العائدات من سوريا بالدعاية والدعوة الى تجنيد اعداد جديدة من النساء.
• ان التجنيد الالكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي بات اسهل بكثير، وذلك ان ما يسمى بالجيل الثالث من المقاتلين في الجماعات المسلحة .
• اقر رئيس الوكالة الحكومية للجمعيات الخيرية في بريطانيا منتصف ابريل2014 ان التطرف الاسلامي بات المشكلة “الاشد فتكا” بهذه الجمعيات، عاداً بان من “المستغرب” ان المدانين بالإرهاب او غسيل الاموال لا يتم منعهم تلقائياً من تأسيس الجمعيات او تمتعهم بعضوية مجالس اداراتها. ويشير ذلك الى الغطاء الذي تمنحه بعض الجمعيات الخيرية البريطانية للمتشددين في وقت تجري فيه الحكومة البريطانية تحقيقين متوازيين حالياً عن علاقة الاخوان بالإرهاب والتحريض على العنف وعن دور المدارس الاسلامية في زرع العنف في نفوس المهاجرين الشباب. وتشير الدراسات بوجود معدل 2000 مقاتل من اوروبا في سوريا.
ان دول الاتحاد الاوروبي مازالت تعيش حالة من القلق ازاء استمرار تدفق المتطوعين الى سوريا عبر شبكات عمل باتت متورطة بها احزاب الاسلام السياسي من السلفية والاخوان. هذه المجموعات للأسف استغلا مساحة الحرية في اوروبا لأنشاء شبكات عمل لدعم المجموعات المسلحة والقاعدة في سوريا من خلال شبكة عمل ادارة وصيرفة ونقل وتحويل الاموال. فلم يعد تهديد الازمة في سوريا يشمل دول الجوار السوري، بقدر ما يمتد الى الدول الاوروبية. هذه التطورات جاءت ايضا بنحو سريع بعد اتخاذ بريطانيا قرارها بالتحقق بنشاطات الاخوان في بريطانيا، التحقيقات ممكن ان تكشف اسماء عدد من المدارس والمعاهد الاسلاموية التي تتخذ من العمل الخيري واجهة لتشاطها الاستخباري ودعم التنظيمات الجهادية. يشار ان ” داعش” والنصرة اكثر بقية التنظيمات تستقبل المقاتلين من اوروبا. ان امتلاك داعش والنصرة اعداد من المقاتلين الاجانب في اوروبا يمثل تهديدا قائما الى الدول التي تتواجد فيها، وممكن ان يخدمها باتجاه “الجهاد العالمي”.
الجهاد الانثوي عند داعش والجماعات “الجهادية”
واصلت وسائل الاعلام البريطانية والدولية اهتمامها بفشل الاستخبارات البريطانية بتعقب ثلاث فتيات بريطانيات بالسفر من مطار Gatway الى اسطنبول ـ تركيا ثم سوريا. وقد وجهت عائلات الطالبات، نداءات مؤثرة الى الفتيات للعودة الى بيوتهن. وغادرت الفتيات اللاتي تربطهن علاقة صداقة، “خديجة سلطانة” 17 عاماً و”شميمة بيغوم” 15 عاماً و”اميرة عباسي” 15 عاماً، منازلهن في شرق لندن نهاية شهر فبراير 2015 وسافرن على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية التركية الى اسطنبول في تركيا التي باتت تمثل معبرا “للجهاديين” الغربيين الى سوريا. وقالت الشرطة البريطانية ان الطالبات الثلاث، تبعن صديقة لهن كانت قد ذهب في ديسمبر 2014 الى سوريا للانضمام الى تنظيم داعش .وسبق ان اعلنت الاستخبارات البريطانية الداخلية MI5الكشف عن خلية ارهابية في 18 يناير2015 في مدينة “ليستر البريطانية” تابعة للقاعدة تمول نشاطات ارهابية وفق تقرير صحيفة “الاوبزيرفر”واضاف التقرير ان “مهمة الجهاديات البريطانيات هو التحريض على الإرهاب في المملكة المتحدة وذلك بحسب ما كشف عنه المركز العالمي لدراسة الراديكالية في جامعة “كينغز كولديج في لندن” والتي استطاعت التعرف على مجموعة مؤلفة من 30 بريطانية تسكن في شمال سوريا.
ومتابعة الى اسباب تركيز التنظيم على النساء، تبين بسبب تأثيرهن الاعلامي في كسب المقاتلين والمقاتلات، بعد ان كشفت الاستخبارات عن وجود شبكة نساء سلفيات على الشبكة العنكبوتية تستغل وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنيت. التحقيقات كشفت بان التحاق النساء تحديدا بالتنظيم في سوريا وربما العراق، لأسباب لا تتعلق بالدين، بقدر ما يتعلق ارتباط البعض منهن بشباب من مقاتلي التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الانترنيت. ان استقطاب التنظيم لعوائل وافراد من اطراف العالم الى سوريا، بات يمثل هدفا للتنظيم ولم يكن نتيجة عرضية وهذا تغيير نوعي في اهداف ووسائل الجماعات “الجهادية” فهي تعمل على احداث تغيير جغرافيا وديموغرافيا وخرق للنسيج الاجتماعي واصوله اي تهجين المنطقة وتصنيفها على اساس الدين والمذهب، اي “دولة “احادية الدين والمذهب. ذكر مركز ابحاث بريطاني في 28 يناير 2015 ان اكثر من 500 امرأة من بين 3 الاف شخص غادروا الدول الغربية للانضمام الى تنظيم “الدولة الاسلامية”. واشار التقرير الى ان معظم النساء ذهبن كزوجات او امهات او مدرسات وممرضات. ويوجد نحو 550 امرأة من بين نحو ثلاث الاف شخص غادروا الدول الغربية للانضمام الى تنظيم “الدولة الاسلامية” وقال “معهد الحوار الاستراتيجي” ان النساء ذهبن باعتبارهن زوجات وامهات ومدرسات وممرضات لأنه يحظر عليهن الانضمام للقتال.
* باحث عراقي، مقيم في المانيا، متخصص في مكافحة الإرهاب والاستخبارات
و الكتاب صادر عن دار نشر وتوزيع المكتب العربي للمعارف – القاهرة